هل أضاعت أوروبا بوصلتها الإستراتجية؟.. وما مصير الحلف الأطلسي؟

هل أضاعت أوروبا بوصلتها الإستراتجية؟.. وما مصير الحلف الأطلسي؟

عانى حلف شمال الأطلسي الأمرّين في فترة رئاسة دونالد ترامب، وزاد من ذلك التوتر مع تركيا، ما جعل الأوروبيين خصوصا أمام معضلة إعادة صياغة انتظاراتهم. ومع ذلك الاتحاد الأوروبي منشغل في “مشاكل وهمية”، يقول الخبراء.

يرى دبلوماسيون ومحللون بأسف أن الانسحاب الأميركي والصعوبات التي يسببها السلوك الحربي لتركيا، يهزان حلف شمال الأطلسي ويدفعان الأوروبيين إلى التزود بقدرات للتحرك نحو مزيد من الاستقلالية، غير أن الخلافات الداخلية “تقوض مصداقيتهم”، كما يقولون.

بدأ حلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي، كل على حدة، بالعمل من أجل التكيّف مع الوضع العالمي الجديد. من هم الأعداء الشركاء؟ ما هي التهديدات؟ ما هي الوسائل والثغرات ونقاط الضعف؟

انعكف الأوروبيون هذا الأسبوع على تحديد الإجابات، إذ أعدت أجهزة استخباراتهم المدنية والعسكرية جردة أدرجت في وثيقة سرية، من المفترض أن تقدم “بوصلة استراتيجية” لدول الاتحاد وتكتلهم “لإدارة أزمات”، بهدف “تقليص تبعيتها” واكتساب “قدرات” وتحديد “شراكات”. الشيء ذاته، قام به حلف الأطلسي الذي قال عنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه يمر من حالة “موت دماغي”.

ونشرت مجموعة حكماء، قامت بهذا العمل الفكري، تقريرها مؤخرا. وسيناقشه وزراء خارجية دول الحلف خلال مؤتمر بالفيديو الثلاثاء والأربعاء القادمين، بينما سيعرض الأمين العام للحلف النروجي ينس ستولتنبرغ مقترحات في شباط/ فبراير 2021.

بيد أن الخلافات والمنافسة بين الأوروبيين وبين الحلفاء تقوض المبادرتين. وتساءلت وزيرة الدفاع الألمانية أنيغريت كرامب كارنباور هل الولايات المتحدة التي قررت من جانب واحد الانسحاب من أفغانستان والعراق وأجزاء من أوروبا بحلول نهاية العام، ما زالت حليفا جديرا بالثقة؟ وموثوقا به؟

من جهته، طرح وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان سؤالا: هل ما زال لتركيا التي لم تعد تحترم قواعد الحلف، مكانا فيه؟

انقسام الأوروبيين

سيناقش أعضاء الحلف الأمر في كانون الأول/ ديسمبر لكن سيكون عليهم الانتظار حتى كانون الثاني/ يناير 2021 للحصول على ردود من الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن.

وسيتعين على الأوروبيين بعد ذلك إصدار قرار ما إذا كانوا يريدون زيادة مشاركتهم في مهمات الحلف في أفغانستان والعراق أو ما إذا كانوا سيتخلون عن هاتين الدولتين. وحذر ستولتنبرغ من أنه يجب القيام “بخيارات صعبة”. فالأوروبيون لا يشكلون جبهة واحدة لا في الاتحاد الأوروبي ولا في حلف الأطلسي. والخلاف الأكبر يدور بين فرنسا وألمانيا.

وتواجهت باريس وبرلين في منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر حول “الاستقلالية الاستراتيجية”، وهو مفهوم فُسر بأن يكون الأوروبيون قادرين على التصرف بشكل مستقل.

وقالت وزيرة الدفاع الألمانية “يجب أن تنتهي أوهام الاستقلالية الاستراتيجية”. لكن ماكرون اعترض في مقابلة طويلة مع مجلة “لو غران كونتينان”، على “مغالطة تاريخية”. وردّت كرامب كارنباور بالقول “لم أسمع المستشارة تقول إن الحلف لا ضرورة له”.

في المقابل، أعرب وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزب بوريل عن أسفه “للمناقشات العقيمة والأشبه باللاهوتية أحيانا” حول القدرة اللازمة للرد بشكل مستقل على التحديات.

وحذرت الباحثة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية الألمانية أولريكه فرانك من أن “الرئيس ماكرون قال دائما إن الدفاع الأوروبي مكمّل للحلف الأطلسي”، مشددة أن “على فرنسا وألمانيا وقف النقاشات الزائفة والتركيز على القاسم المشترك بينهما: الرغبة في بناء المزيد من القدرات الأوروبية”.

في ذات السياق، وفي مقابلة مع وكالة فرانس برس، استنكر النائب الفرنسي أرنود دانجان المتخصص في شؤون الدفاع ما وصفه بـ”مشكلة زائفة”، موضحا أن “السياسة الدفاعية الأوروبية تعني إدارة الأزمات وسيتم تنفيذ ذلك على الجبهة الجنوبية في مناطق لم تعد من أولويات الولايات المتحدة”.

وأضاف “يجب أن يكون لدينا استقلال أوروبي حقيقي على الجانب الجنوبي لأن قرارات الحلف تُتخذ بالإجماع وتركيا تشكل مشكلة لأنها تشل الحلف بمعارضتها بعض العمليات في هذه المنطقة وخصوصا في ليبيا”.


AFP | DW

Spread the love

MSK

اترك تعليقاً