الوطن أو الموت
الشرق بقلم مصباح العلي
كحنظلة ناجي العلي، وقفت أرقب جنازة خالي الشهيد، طفلا لا يفقه معنى الحياة و لا يدرك سر الموت لكن امتلك الكثير من الأسئلة.
بعدها بقليل، تعرفت على “غيفارا” في صدر غرفة خالتي ليلى كما صوت مارسيل خليفة و شعر محمود درويش، ألهب المناضل الأممي مخيلتي فسلكت درب النضال على خطى جدي “الكندرجي“، و ما كانت الحياة إلا أحلام كبيرة و خيبات كثيرة.
ليس المجال لسرد سيرة ذاتية، بل التوقف عند عبارة غيفارا أمام الأمم المتحدة “الوطن أو الموت“، الوطن كفكرة مطلقة والموت كنتيجة طبيعية لجميع الكائنات مرادفة لفعل الحياة، الأولى مرتبطة بمفهوم الخلود والأخرى بمنطق الرحيل وجميعنا راحلون لا محالة.
الصراع اليوم في فلسطين وجودي، يدور حول تثبيت هوية هذه الأرض وهذا لن يتم إلا بالحديد والنار، وتجسيد مقولة “الوطن أو الموت” هي بإمكانية زوال اسرائيل او تصفية وجود الشعب الفلسطيني، والنتيجة ستغير خريطة العالم وستفرز استراتيجية دولية جديدة، ليس أقلها أفول الامبراطورية الأميركية، أو بروز محاور إقليمية ودولية جديدة.
نحن على أبواب دفن سايكس – بيكو، وربما إحياء دور زيزانوف موفد القيصر الروسي والذي انسحب أعقاب الحرب العالمية الأولى لصالح فرنسا وبريطانيا، عند اتفاقية تقسيم السلطنة العثمانية وتقسيم العالم العربي ونشوء الوطن القومي اليهودي على أرض فلسطين.
الإسرائيلي مهما استنجد اليوم بالأمريكي والأوروبي، وحشد التأييد العالمي ونال التعاطف، لن يحصل عن مشروعية البقاء في أرض استوطنها بالقتل والإرهاب وهذه حتمية تاريخية، بالمقابل ما هم الفلسطيني بالاستشهاد دفاعا عن أرضه ولو تخلى عنه الجميع أو اجتمعت عليه كل جيوش الأرض واساطيلها؟.
الدول لا تتعامل الا بمفاهيم المصالح، والحق يستلزم قوة كي تحميه، غير ذلك أدبيات إنسانية لا طائل منها تثير مخيلات البشر وأفكارهم ، فيما مفردات تعم يومياتنا: الحصار، المعارك، المعابر والحدود، الأسلحة على أنواعها، المبادرات والاتصالات والجهود الديبلوماسية.
غير ذلك، محاولات لتجميل النصوص أو بذل جهود مضاعفة في التحليل قد تصل حدود السفسطة إرضاء للذات، بينما الصراع داخل فلسطين هو وفق مقولة الثائر الأممي “الوطن أو الموت” بالضبط، والذي للمصادفة تخلى عنه رفاقه، فوقع في الأسر وقتله جلاده في أدغال بوليفيا ليتحول شعار ثورة تتوارثه الأجيال.