سليمان هارون لـ «الشرق»: أنا متخوّف من انعكاسات الحرب اذا وقعت…
مستشفيات لبنان في جهوزية تامة، ولكن…
كتبت ريتا شمعون:
من بين 22 دولة عربية لبنان وحده يجد نفسه متورطا بالحرب في فلسطين رغم الكوارث التي نزلت به خلال السنوات الأربع الماضية، فأفقرت شعبه وأفلست خزينته بحيث حرم من الضمانات الصحية والإجتماعية كافة، ومعظم العائلات فيه عاجزة عن دفع أقساط المدارس والجامعات.
فإذا نشبت الحرب، على الصعيد الصحي ليس لدى لبنان مناعة ضد الحرب، لأن الخدمات الصحية في أسوأ أوضاعها، لا إعتمادات ولا قدرة على تأمين الأدوية والعلاجات، ولا تتجاوز ميزانية وزارة الصحة الـ35 مليون دولار حاليا بعدما كانت تقارب الـ 400 مليون دولار قبل الأزمة التي بدات في العام 2019.
ولبنان لا يملك شبكة اجتماعية وحوالى نصف مواطنيه ليست لديهم تغطية صحية، وبذلك، كيف ستكون مستشفيات لبنان في حال وقوع حرب وسط الأزمات التي نعيشها؟
وفيما يستمر التوتر الأمني في جنوب لبنان، والقصف الصاروخي الإسرائيلي على بلدات جنوبية لبنانية حيث طال أطراف بلدة ميس الجبل، لجهة حولا وتحديدا بالقرب من مستشفى ميس الجبل الحكومي، يأتي السؤال، في حال اندلاع الحرب، هل من خطة استباقية صحية في لبنان؟ نقيب المستشفيات الخاصة في لبنان سليمان هارون، قال في حديث لجريدة «الشرق» لا شك أنه في حال اشتعلت الجبهة الجنوبية فإن مستشفيات لبنان في جهوزية تامة وكذلك مستشفيات الجنوب، ولنقابة المستشفيات خطة طوارئ في حال حدث أي حدث أمني في البلاد، متخوفا هارون، من التطور الخطير في غزة، والقصف الإسرائيلي الذي استهدف المستشفى المعمداني الذي تسبب بسقوط مئات الضحايا يعد إنتهاكا صارخا لكل القوانين الدولية، وجريمة حرب تفوق حد التصور، ارتكبها متوحش، ننزع عنه صفة إنسان حرام نعطيه إياها، مشيرا الى ان عدد من المستشفيات في غزة أصبحت خارج الخدمة وتوقفت عن تقديم أي خدمات للمصابين مضيفا: للأسف، يستمر القصف الإسرائيلي باستهداف المرافق الصحية في ظل صمت دولي مطبق على هذه الجريمة ، هذا المجتمع الدولي الذي يدعي الحفاظ على حقوق الإنسان، هو عاجز اليوم عن ردع اسرائيل.
وأكد هارون، أن المستشفيات في لبنان في خانة الأمان راهنا، وقادرة على التعامل مع هذا الملف، لكنه لا يخفي قلقه خصوصا اذا توسعت رقعة الحرب لأننا سنكون أمام عدو غاشم أظهر وحشية غير مسبوقة، فالتحدّي مضاعف رغم التجارب المكتسبة في التعامل مع الأزمات، والخوف يتمثل بعدم القدرة على تسهيل مرور الإمدادات الطبية كما يحصل اليوم في غزة والقصف الإسرائيلي الذي يطال المستشفيات والذي يطيح بكل خطط الجهوزية الموضوعة، لافتا الى أنه لا يمكن التنبوء بالعمليات العسكرية عموما والمدى الذي يمكن أن نشهده لا سمح الله اذا وقعت الحرب. في أي حال، لا أحد يعرف كيف ستكون طبيعة الحرب اذا وقعت، من هنا نحاول استدراك أي مفاجأة في هذا الإطار عبر خطة أعدّتها وزارة الصحة بالتنسيق مع بعض المنظمات الدولية، تقوم على تجهيز عدد معين من المستشفيات الخاصة والحكومية الموزعة على المناطق والتي لها القدرة لجهة العناصر البشرية والتموينية من مستلزمات طبية وأدوية وأمصال. وأشار هارون، الى أن هذه المستشفيات ستشكل شبكة واحدة، وغرفة عمليات في وزارة الصحة تنسق في ما بينها من أجل متابعة قدراتها الإستيعابية وأوضاع الجرحى فيها، مؤكدا أن الخطة تشمل الدفاع المدني والصليب الأحمر، ومنظمة الصحة العالمية وعددا من المنظمات المحلية والدولية. وأكد هارون، على جهوزية المستشفيات في الجنوب، وهي حاضرة لاستقبال الجرحى توزعوا على مستشفيات صيدا وصور والنبطية وبنت جبيل، بطبيعة الحال، هذا كله يتم بالتنسيق مع غرفة العمليات في وزارة الصحة التي تسمح بتأمين المستلزمات الطبية للمستشفيات وكذلك بإدخال المعلومات التي لديهم ليكون لدينا صورة واحدة متخوفا من أي اعتداء ممكن أن يستهدف مستشفيات الجنوب في ظل استمرار الإشتباكات الأمنية الدائرة في المناطق المتاخمة للحدود مع اسرائيل.
هارون طمأن، الى ان المستلزمات الطبية الموجودة في المستشفيات وفي المستودعات عند التجار تكفي لثلاثة أشهر، هنا يعود بالذاكرة الى حرب 2006 قائلاً: إننا عانينا صعوبة في تأمين المازوت والأوكسجين، لكننا لم نواجه صعوبة في استيعاب المرضى وكانت المشاكل لوجستية وتموينية، مشيرا الى أنه في حال إندلاع الحرب ستبقى هذه الصعوبات موجودة وقد نواجه صعوبة في تسهيل الإمدادات من منطقة الى أخرى، وقد اضطررنا في حرب تموز الى طلب مساعدة المنظمات العالمية للوساطة لتمرير شاحنة مازوت أو أوكسجين متوقعا أن نواجه المشكلة نفسها اليوم، مبديا خشيته من فرض حصار بحري كما كان الحال في العام 2006، سمعنا ان هناك شركات التأمين العالمية فرضت تأمينا اضافيا ضد اخطار الحرب على جميع الناقلات النفطية، وهذا أمر صعب وخطير خصوصا أننا نعتمد على المولدات.
أما لناحية المخزون المتوافر لدى مصانع الأمصال في لبنان ضمن الإستعدادات التي تقوم بها وزارة الصحة، أكد هارون أن أن هناك كميات كبيرة من الأمصال تكفي لثلاثة أشهر، إضافة الى توافر المواد الأولية اللازمة لتصنيع الأمصال.
وختم هارون، ان الاشتباكات الأمنية التي تتصاعد بشكل كبير في الجنوب ليست بريئة وهي خطرة للغاية، وكأنها جس نبض قبل المعركة الكبرى، لذا أنا متخوف جدا. متحدثا عن شحّ في موازنة وزارة الصحة ومناشدا المستشفيات تأمين كل مستلزماتها الطبية بحسب امكانياتها.