الراعي: انتخاب الرئيس مُلحّ وإسقاط قائد الجيش مُعيب
أشار البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، الى انه «يجب مهما كلف الأمر انتخاب رئيس للجمهورية وحماية المؤسسات بدلا من التخطيط لإسقاط هذا أو ذاك أو التلاعب في القيّمين على هذه المؤسسة أو تلك»، معتبرا انه «من المعيب أن نسمع كلاما عن اسقاط قائد الجيش في أدق مرحلة من تاريخ لبنان».
كلام الراعي جاء خلال عظة الأحد والتي التقى بعدها قائد الجيش العماد جوزاف عون في بكركي، وجرى البحث في آخر التطورات السياسية والأمنية.
وقال الراعي في العظة «كانت مناسبة جمعتنا في لقاءات خاصّة مع قداسة البابا وكبار معاونيه في أمانة سرّ دولة الفاتيكان، ومع سفراء دول ورئيسة مجلس الوزراء الإيطاليّ، وكان الموضوع إيّاه الضرورة الملحّة لإنتخاب رئيس للجمهوريّة فوق كلّ حاجة واضطرار؛ وعودة النازحين السوريّين إلى بلادهم، ومساعدتهم على أرض سوريا. فلبنان غير قادر بعد اليوم على حمل عبئهم الماليّ والاقتصاديّ والإجتماعيّ والتربويّ والأمنيّ؛ والتضامن مع قضيّة الشعب الفلسطينيّ، وضرورة وقف النار ومسيرة الهدم والقتل في قطاع غزّة».
وأشار ان «الإنجيل ينهي عن والبغض العداوة والقتل والحرب والضرب بالسيف، ويدعو إلى الأخوّة والمحبّة والتغلّب على الشر بالخير، وإلى احترام الحياة البشريّة وكرامتها وقدسيّتها. الإنجيل يحترم السلطة المدنيّة الشرعيّة، ويدعوها إلى ممارسة العدل في خدمة المواطنين. من هذا التعليم تستمدّ المسيحيّة ثقافتها، وعلى أساسها تنظّم الحياة الإجتماعيّة والسياسيّة والاقتصاديّة. لكنّ هذه الثقافة مفقودة في لبنان. فها هي السنة الثانية تبدأ وسدّة رئاسة الجمهوريّة في فراغ، وما من كلام جدّي عند أحد بشأن إجراء انتخاب للرئيس. وكأنّ الفراغ مقصود من أجل المضيّ في تفكيك مؤسّسات الدولة، والتلاعب في موظّفيها، وتنفيذ الزبائنيّة في إداراتها. وهذا ما أفقد المسؤولين السياسيّين ثقة العالم بهم، وبالتالي أهل لبنان. يجب، مهما كلّف الأمر، انتخاب رئيس للبلاد وحماية المؤسّسات، بدلًا من التخطيط لإسقاط هذا أو ذاك، أو التلاعب في القيّمين على هذه المؤسّسة أو تلك. ومن المعيب حقًا أن نسمع كلاما عن إسقاط قائد الجيش في أدقّ مرحلة من حياة لبنان وأمنه واستقراره وتعاطيه مع الدول. مثل هذا الكلام يحطّ من عزيمة مؤسّسة الجيش التي تحتاج إلى مزيد من المساعدة والتشجيع والإصطفاف حولها. وهي في الوقت عينه منبع ثقة المواطنين واستقرارهم النفسيّ والأمنيّ».
وعن غزة، قال: «كيف نعبّر عن ألمنا عمّا يجري في غزّه الجريحة بل المهدّمة من حرب هدّامة إباديّة ينصبّ فيها الحقد والبغض بقوّة القنابل والحديد والنار؟! وكذلك في الحرب بين روسيا وأوكرانيا. في الحرب الجميع خاسرون. والويلات قتلاً وتهجيراً تصيب المواطنين الأبرياء الذين يخسرون منازلهم وكلّ جنى عمرهم. كيف يتبرّئ حكّام الدول وأمراء الحروب من جرائمهم ضدّ الإنسانيّة؟ فإنّا نناشد ضمائرهم لإيقاف النار، وتكثيف الإسعافات الطبيّة والمساعدات الغذائيّة للمشرّدين والجرحى والجائعين والعراة. أمّا ما يختصّ بالحرب البغيضة الهدّامة هناك فالحلّ الوحيد الذي يجلب السلام إنّما هو قيام الدولتين بنتيجة المفاوضات والحوار الهادئ والمسؤول. لقد آن الأوان لإعطاء الفلسطينيّين حقّهم. ان كل الذين التقيناهم في روما عبّروا عن تخوّفهم من امتداد الحرب الى لبنان».
وختم الراعي: «نصلّي إلى الله كي يمسّ ضمائر المسؤولين عندنا، وبخاصّة معطّلو انتخاب رئيس للجمهوريّة فيدركوا حجم جريمتهم بحقّ الدولة ومؤسّساتها واللبنانيّين، وكي يمسك يد أمراء الحرب في الأراضي المقدّسة وسواها عن مواصلة ارتكابهم هذه الجرائم ضدّ الإنسانيّة».