شمّاس: تغذية صندوق استرجاع الودائع لن يتم إلا باعتراف الدولة بمسؤولياتها عن الانهيار
لفت رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شمّاس إلى أن «الهدف المُعلـَن لإقرار قانون «فرض ضريبة على كل من قام بسداد قروضه بقيمة مختلفة عن القيمة الفعليّة»، أي تغذية صندوق استرجاع الودائع، وهذه أولويّة وطنية مُطلقة، فإنه لن يتم إلّا من خلال اعتراف الدولة بمسؤولياتها عن الانهيار المالي، واستثمار أصولها وفقاً لحوْكمة جديدة وإدارة رشيدة لتأمين الموارد المالية المرجوّة، وذلك وِفقاً لخريطة الطريق المفصّلة التى سبق واقترحتها الهيئات الاقتصادية»، مشيراً إلى «أن الـ»شيك» لم يعدْ يمثّل وسيلة شرعية للإيفاء والحكومة تكرّس التمييز بين الدولار المصرفي والدولار النقدي!». بدعوة من شمّاس، عقد لقاء تجاري موسّع ضمّ ممثلين عن الجمعيات والنقابات والأسواق التجارية في لبنان، للتداول في مشروع قانون أقرّته الحكومة مؤخراً يفرض ضريبة على كل من قام بتسديد قروضه بقيمة مختلفة عن القيمة الفعليّة (بحسب ما ورد في نص القرار الحكومي). وصدر بعد الاجتماع البيان الآتي: 1. كون القطاع التجاري هو على رأس المعنيين والمستهدَفين بهذا القانون، سجّل المجتمعون المحاذير والمخاطر التالية التي تطال التجار كما وكافة القطاعات الإقتصادية الأخرى، فضلاً عن المجتمع اللبناني برمّته: 2. يرزح القطاع الخاص الشرعي في هذه الأيام تحت وابل من القوانين الضريبية.كيف لا، وإن الحكومة قد درست و/أو أقرّت 4 مشاريع قوانين موجعة خلال أربعة أسابيع : موازنة دسمة للعام 2024، رسم إضافي محتمَل على السلع المستوردة، ضريبة موحّدة على المداخيل، وأخرى على القروض المسدّدة، كما أسلفنا. 3. وقد تمّ إعداد المشروع الأخير تحت جنح الظلام، من دون مساهمة الوزير المختص (وزير المالية) إلّا بعد إقراره. وإن نصّ مشروع القانون هذا لم يتم التشاور به، كما أتى في متن القرار، إلّا مع طرف واحد، دون إستشارة جميع المعنيين الآخرين. كما وأنه لم يُتَح للوزراء فرصة التعمّق والتمحيص فيه، فأتى بصيغة ملتبِسة وملتوِية غير قابلة للتطبيق. 4. إن العورات الكثيرة التي تعتري هذا القانون ستظهر تـِـباعاً أمام الجهات المختصة، لا سيما المخالفات الجسيمة للدستور والقوانين المرعية، وللمنطق الإقتصادي السليم، ولأنه يضرب الإقتصاد الوطني في الصميم، وقد يُبعِد المودعين عن ودائعهم المصرفية أكثر من أي وقت مضى. 5. فإن هذه الضريبة مبنيّة على مفعول رجعي، وهذا مبدأ لا يستوي في نطاق نظام ديموقراطي عريق، كالنظام اللبناني، حيث لا يمكن تغيــير قواعد اللعبة الإقتصادية والمصرفية التي كانت سائدة البارحة، على هوى مستجدّات اليوم. ذلك لأن الفريقين المعنيين، أي بائع الشيك المصرفي وشاريه، أجريا حساباتهما وأخذا قرارهما على أساس المعلومات والمعطيات التي كانت سائدة حين إجراء الصفقة، ولربّما قرّر أحدهما العزوف عن العملية كلياً لو كانت قواعد اللعبة مختلفة. 6. إن الضريبة على تسديد القروض السابقة في نسختها الراهنة تنطوي على تميــيز خطير بين اللبنانيين وذلك من خلال الإستثناءات الملحوظة، فثمّة قرض إقتصادي وقرض إجتماعي، ودين شخصي مقابل دين مؤسّساتي، كما وقرض يُصنَّف بصغير وآخر بكبير، كل ذلك مخالفةً للدستور الذي يتساوى أمامه اللبنانيون في الحقوق والواجبات. 7. إن حريّة التعاقد لطالما كانت ركيزة من ركائز النظام الليبرالي، ومن ضمنها حريّة الدخول في معاملات بيع وشراء رضائيّة بين الأفراد. وإن ثنائيّة البائع والمشتري لا دخل للدولة بها، كَمَن يشتري سيارة من شخص آخر يرتضي بسعر محسوم مثلاً لأسباب تعود إليه وحده. فأنّــى للدولة أن تتدخّل بين الأطراف دون معرفة خصوصيّة الصفقة، وتعرقِل آليات العرض والطلب؟ 8. إن بائع الشيك المصرفي بقيمة أدنى من قيمته الإسميّة هو الفريق الوحيد الذي اختار أن يُضَحِّي بقسم من وديعته وله كامل الحرية بذلك، فيما لم يَطَلْ قراره هذا جميع المودعين الآخرين (وذلك بعكس القروض التي سُدّدت على أساس 1500 ل.ل وتمّ إستثناؤها من القانون، فيما هي التي تؤثر بمكان ما على جميع المودعين!). 9. وفي حال تم تكليف شاري الشيك بضريبة معيّنة، يتوجّب على الدولة ساعتئذ منح البائع حق تدوير وتنزيل ضريبي أو Tax Credit من باب التعويض، لأن ثمة من «رَبـِح» وثمة من «خَسِر» طوعاً بهذه العملية بحسب تصنيف الحكومة، فلا يجوز تغريم الأول وحرمان الثاني من حقّـِه الطبيعي في التعويض. 10. خلافاً لقانون النقد والتسليف، فإن الشيك المصرفي لم يَعُدْ يمثل بهذا القانون وسيلة شرعية للإيفاء، ذلك لأنه لم يَعُدْ يغطّي المبلغ الدولاري النقدي الموازي بالكامل. فكيف السبيل عندئذ لحلّ معضلة المدفوعات (ومن ضمنها الإيجارات) التي سُدِّدت بجزء بسيط من قيمتها وأودِعت لدى كُتّاب العدل بشرعية كاملة؟ 11. إن المصرف المركزي كان قد أتاح بوضوح تام في تعاميمه حقّ سداد الإلتزامات الدولارية للأفراد على أساس سعر الصرف الرسمي.
فلو كانت إرادته في ما يتعلّق بالمؤسسات مخالِفة لإستعمال الشيك المصرفي كوسيلة تقليدية للإبراء، لكان أعلن عنها في حينه. كما وأن المصرف المركزي كان قد أعطى مهَلاً واضحة للإستفادة من إمكانية السداد على سعر 1500 ل.ل الرسمي قبل الإنتقال إلى سعر 15,000 ل.ل. 12. أخيراً، إن الهدف المُعلـَن لإقرار هذا القانون، أي تغذية صندوق استرجاع الودائع، وهذه أولويّة وطنية مُطلقة، فإنه لن يتم إلّا من خلال اعتراف الدولة بمسؤولياتها عن الانهيار المالي، واستثمار أصولها وفقاً لحوْكمة جديدة وإدارة رشيدة لتأمين الموارد المالية المرجوّة، وذلك وِفقاً لخريطة الطريق المفصّلة التى سبق واقترحتها الهيئات الإقتصادية.