الأحدب يعرض خطة إنقاذية ويدعو “الثورة المخروقة” للإتفاق على برنامج موحَّد
سأل النائب السابق مصباح الاحدب، في مؤتمر صحافي عقده في دارته في طرابلس، عن “تقديمات الدولة الضرورية لضمان استمرارية الاقفال العام”، وقال: “انها معدومة بالكامل رغم مفاعيل الأزمة الاقتصادية. فالدولة غير القادرة على حل مشكلات الفقر، والدولار، والكهرباء، و«الزبالة»، ليست دولة مؤهلة لمواجهة الوباء.”
أضاف: “منذ أيام، وما ان أعلن وزير الداخلية مهلة ما قبل الاقفال العام، حتى تهافتت الناس بالطوابير العشوائية ودون معايير صحية الى السوبرماركات والأفران، في مشهد لا يختلف بأي شكل عن الاختلاط الذي حدث ليلة رأس السنة وأدى لهذه الكارثة الصحية، كما أننا نرى اليوم تهافت من الناس، طوابير الناس «واقفين فوق بعضهم»، للحصول على مساعدة 400 ألف ليرة التي وعدت الدولة الناس بها، وهناك أشخاص حصلوا على المساعدة المذكورة، وآخرون من المستحقين من المؤكد لم يحصلوا على هذه المساعدة. وقد بلغني أن هناك سيدة، في أحد مناطق طرابلس، لم تكن تملك الا 500 ليرة لبنانية وقد اشترت بها رغيفين فقط، كون تسعيرة الخبز 6 أرغفة بـ1500 ليرة بينما الدولة غائبة ومشغولة بأمور أخرى”.
وتابع: “البنك الدولي قدم قرضا للدولة اللبنانية بقيمة 246 مليون دولار ليتم توزيعها على اللبنانيين، لكن تم احتسابه على سعر صرف جديد 6240 ل.ل. أي هناك 30% من المبلغ قد طارت أي ما يعادل 80 مليون دولار طاروا فمن المسؤول؟ أليست الناس أحق بهذا المال؟”.
وقال: “نسمع في الوقت نفسه ضرورة ان يكون هناك مقاربة بالوضع الصحي، وهنا لا بد أن نتوجه بالتحية للجسم الطبي في لبنان، لا سيما الأطباء الذين بقوا في لبنان بعدما هاجر أطباء كثر من البلد ضمن هجرة اللبنانيين والطبقة المتوسطة من لبنان، فبعدما فقد اللبنانيون أموالهم وودائعهم وضاع مستقبل أبنائهم، اليوم بدأ البلد يفقد الأمن، ويُستكمل تفريغ لبنان من شبانه ومن الطبقة المتوسطة. هناك من يغير صيغة البلد نهائيا، ويعتبر لبنان هو بلد ناتج عن الاستعمار، ويحوله الى لبنان «مقاوم»، يفرض نفسه على القادمين والمقيمين بصور لعلي خامنئي وقاسم سليماني وغيرهم.. وهذا يدفع ما تبقى من اللبنانيين نحو الهجرة. فاستخدام الدولة ومؤسساتها لتحويل لبنان الى جزء من محور إقليمي أمر مرفوض من أغلبية اللبنانيين، أبناؤنا هم خزان الجيش اللبناني والمؤسسات العسكرية ويرفضون هذا المشروع الهدام لمستقبل أبنائهم”.
وأردف: “الدولة تعتبر نفسها تحارب كورونا، وقد قدمت قطر منذ أسابيع مسشفيات ميدانية لتقدّم خدمات مجانية للمناطق اللبنانية، لكنها لم تركّب حتى الآن، لماذا؟ لأن السياسيين في الجنوب مختلفون مع بعضهم حول من سيستفيد أكثر ويضع المستشفى في منطقته. نحن ندرك أنهم لن يفعّلوا المستشفيات الميدانية قبل تفعيلها في صيدا وصور. وهنا في طرابلس، لا نعلم من قرّر أين سيوضع المستشفى، وعلى أي أساس يتم اتخاذ مثل هذه القرارات. وهذا يثبت أن النظام السياسي، بكل أطرافه، بات عاجزا من أن يحدد مصلحة وطنية عامة، ومن أن يكون لديه أية مقاربة للخروج من الازمة والانهيار، فالمؤسسات السياسية والسلطات العامة كلها تتفكك اليوم، القضاء اللبناني جزء كبير منه بات استنسابيا، وكلنا نسمع اليوم صرخات تصدر من داخل القضاء، والدولة التي ليس فيها قضاء ليست دولة. والانفجار الثالث بالعالم الذي حدث في بيروت، والذي نتج عنه ما يزيد عن 200 ضحية، يبدو وكأنهم يلمّحون لنا بألا ننتظر أي تجاوب لأخذ حق الشهداء، الطفلة الكسا نجار ماذا نقول لها؟ لا نستطيع أن نمس بالتوازنات السياسية لأننا مضطرون ان نترك القضاء مرتهنا لفريق أو آخر. هذا غير مقبول!”
وأكد الاحدب “أن ما يحدث اليوم هو عجز للنظام السياسي بكل أطرافه عن تحديد مصلحة وطنية عامة، وهناك تفكّك بالمؤسسات السياسية والسلطات العامة. اما السلطة فقد أصبحت مرتهنة فقط لارضاء وتنفيذ أوامر الخارج، ومحليا كل ما تقوم به السلطة هو استباحة الدولة وملكياتها. هذا لم يعد وطنا، انما ساحة مواجهة إقليمية”.
وقال: “ما نراه من قبل السلطة السياسية هو سجالات لا توصل الى نتيجة، سجالات قائمة على تموضع محدد، وكأن الأولوية اليوم هي تحصيل حقوق المسيحيين لدى فخامة رئيس الجمهورية، فهل هذا هو المطلب الوطني الذي ينتظره اللبنانيون اليوم؟ وهل يكون تحصيل حقوق المسيحيين على ظهر الرئيس الحريري؟ ألا تكفي التنازلات التي قدمها الحريري على مدى العشر سنوات التي مرت؟”
وتابع: “نحن لا نعتبر أن الحريري بإمكانه القيام بالمهمة الإصلاحية، وقد رسب في مهمته، لكن الحل ليس أنتم، الحل أن تستقيلوا جميعا. اما اذا كنتم لا تستطيعون الاستقالة او لا ترغبون بها، فالشعب اللبناني سيكون في موقع مواجهة مع السلطة. اعتدنا دخولكم في السجالات والنقاشات والضغط على الحريري الذي ينتهي به المطاف بالعادة بالتنازل لكم، ثم تقولون بأن البلد مقسوم والحريري يريد شد العصب السني وانتم تريدون شد العصب المسيحي”.
اضاف: “أقولها بصراحة، لا اعتقد بأن اولويات المسيحيين في لبنان أن تؤمن يا فخامة الرئيس مستقبل صهرك بالحكم، وأؤكد أن مصلحة السنّة لا تقتضي، بأي شكل، التمسك برئيس حكومة جل عمله هو التنازل لكم للحفاظ على وجوده واستمراريته بالسلطة. عليكم أن تأخذوا بعين الاعتبار ان أي طرح حكومي لن ينجح ان لم يتوافق مع طرح المبادرة الفرنسية التي كنا نتمنى أن تنجح، لكنها، مع الأسف، غرقت في وحول السياسة اللبنانية القذرة”.
وقال: “مؤسف ما وصلنا اليه من انهيار، لقد باتت الناس بانتظار مصالحة بين الرئيس الحريري والرئيس عون لتتشكل الحكومة بأسرع وقت ممكن، وكأنه الحل لخلاص البلد، وطالما ليس هنالك من خطة واضحة تصف ما يجب أن تقوم به أي حكومة تشكل، ولا تستمعون لما يقوله الخبراء، فكل سجالاتكم السياسية لا تعني أحدا في لبنان، فاللبنانيون بحاجة لخطة انقاذية تضمن استراتيجية واضحة من أجل الخروج من الانهيار تشمل:
- معالجة الأزمات الاقتصادية والمالية، واستعادة أموال المودعين. وقد سمعت الخبير الاقتصادي، نيكولا شيخاني، الذي طرح، ضمن العلاجات المطلوبة لإصلاح الخلل، المالي ارفاقه بخطة اجتماعية من خلال توجيه الدعم للأسر الأكثر حاجة لمواكبة تداعيات الإصلاحات المالية.
-خطة موحدة للتفاوض مع صندوق النقد الدولي. - اصلاحات بالقضاء.
- تغيير للمدراء العامين.
- رؤية واضحة للسياسة الخارجية، وترجمة عملية للحياد الذي تحدث عنه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي.
- وقف عمليات التهريب بكل أنواعها.
- خطة استراتيجية لادارة ثروات لبنان علّها تخلصنا من المشاريع التخريبية التي يفرضها كل من تسلم وزارة. وأعطيكم سدود جبران باسيل كمثال عن مستقبل لبنان الذي يقررونه دون أي أذُن صاغية للخبراء كالدكتور سمير زعاطيطي الذي يقدم تصورا عاما للحفاظ على ثروات البلد”.
وختم: “نقولها بصراحة، لا أحد اليوم يهتم لأسماء الوزراء الذين سيتم تعيينهم ومن حصة من سيكونون، فهذه المحاصصة دمّرت لبنان ومؤسساته. وهنا أتوجه الى القوى القيادية في الثورة والتي تطل بطروحات مهمة، اتفقوا على برنامج موحَّد على اساسه تطالبون بتشكيل حكومة، ولا تنتظروا أن يكون هناك اجماع لأنكم «مخروقين» من قبل السياسيين الذين يعملون من اجل منعكم من تشكيل طرح جدّي يقنع الشعب اللبناني والمجتمع الدولي. لذلك عليكم أن تبادروا بتوحيد صفوفكم بخطة موحدة تكسبون بها ثقة الشعب اللبناني وثقة المجتمع الدولي”.