لقاحات كورونا… هل يراجع الأوروبيون حساباتهم ويتقاسمون الجرعات مع الدول العربية المحتاجة؟

لقاحات كورونا… هل يراجع الأوروبيون حساباتهم ويتقاسمون الجرعات مع الدول العربية المحتاجة؟

في الوقت الذي تسير فيه الدول المتقدمة نحو تطعيم مواطنيها ضد فيروس كورونا، لا تزال دول عربية تجاهد للحصول على كميات كافية من اللقاحات. كيف يرى المواطنون هذا التخبط من قبل حكوماتهم؟ وهل تنكرت أوروبا لوعودها للدول الفقيرة؟

في حين تسير الدول المتقدمة نحو تأمين لقاحات كورونا وتطعيم مواطنيها، لا تزال دول عربية تجاهد للحصول على إمدادات اللقاح الكافية، في وقت تشهد فيه البعض منها ارتفاع وتيرة تفشي الوباء. في المغرب، تم التركيز على اختيار اللقاحات التقليدية التي طورتها شركتا أسترازينيكا وسينوفارم والتي لا تتطلب تخزينا في أجواء شديدة البرودة بيد أنها تحتاج أيضا إلى جرعتين.

بعد تسلّم المملكة مليوني جرعة لقاح أسترازينيكا من معهد مصل الهند، هذا الأسبوع، بدأت وزارة الصحة المغربية توزيع لقاحات كورونا في أنحاء البلاد والإعلان عن إنطلاق حملة تطعيم جماعي واسعة النطاق.

أما الجزائر، فما زالت تنتظر وصول الدفعات الأولى من اللقاح الروسي، نهاية الشهر الجاري، وبدء حملة التطعيم. كما أن حملة التلقيح في الجزائر لا تمثل تحدياً لوجيستيا فقط، بسبب المناخ الذي يخلق صعوبات لأن لقاحات بيونتيك وفايزر وموديرنا يتطلب تخزينها درجات حرارة منخفضة جداً. على عكس لقاح استرازينكا واللقاحين الروسي والصيني، التي تعد أقل طلباً عليها وأرخص بكثير.

أقل تكلفة وأسهل حفظاً

الجزائر التي سجلت منذ بداية الجائحة أكثر من 100ألف اصابة بالفيروس من بينها 2800 وفاة، وفق آخر الإحصاءات المتعلقة بفيروس كورونا، ذكرت مصادر، في وقت سابق، أنها ستتقاسم مع الحكومة التونسية المجاورة، الدفعة الأولى من اللقاح الروسي “سبتونيك- V” فور وصولها إليها.

أما تونس، التي يبلغ عدد سكانها 11.7 مليون نسمة، فتعرف وضعاً وبائياً دقيقاً مع تسجيل أعداد كبيرة من المصابين مقارنة بعدد السكان. ويفوق معدل الإصابات اليومية، منذ أسابيع، ألفي إصابة وبلغ أعلى مستوى له في تحديث وزارة الصحة يوم 15يناير/ كانون الثاني الجاري حيث وصل إلى 4170 إصابة.

من جهتها قالت الحكومة إن الجرعة الأولى من لقاحات فايزر الأمريكي لن تصل قبل شهر أبريل/ نيسان، ولكنها تسعى إلى اقتناء لقاح آخر، قبل شباط/ فبراير، في ظل تفاقم الوضع الوبائي في البلاد. غير أن خبراء في الصحة استبعدوا إمكانية توفير اللقاحات في هذا الموعد الذي أعلنت عنه الحكومة. كما أكد وزير الصحة التونسي، فوزي المهدي، أن لقاح بيونتيك وفايزر لن يصل إلى تونس إلا في شهر فبراير/ شباط.

مواطنون يتساءلون: “أين اللقاح يا حكومة؟”

هاشمي الوزير، المدير العام لمعهد باستور (الحكومي)، قال إن تونس ستحصل على 2 مليون جرعة من تلقيح كورونا من بيونتيك وفايزر بداية من الثلث الثاني لسنة 2021. تضارب في التصريحات الحكومية بشأن موعد توفر اللقاح، خلق حالة من الاستياء الشعبي في تونس، خاصة في ظل استفحال انتشار الوباء في البلاد.

وفي هذا الصدد كتب لطفي زيتون، القيادي المستقيل من حركة النهضة الإسلامية، في تدوينة على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أن تأخر موعد توفير اللقاح قد يكلف البلاد خسارة أرواح كثيرة.

أما الصحافي والمحلل السياسي، منذر بضيافي، فيُرجع سبب تأخر توفر اللقاح في تونس إلى فشل “منظومة الحكم” في البلاد، حسب كلامه.

أحد النشطاء سخر من تعامل الحكومة مع أزمة فيروس كورونا وتأخر اللقاح، في إشارة إلى الإعلان السابق عن فرض حجر صحي شامل، في حين بدأت دول أخرى عملية التلقيح.

من جانبها شرعت مصر، يوم الأحد، في حملة تطعيم مع تلقيح العاملين في القطاع الصحي والفئات التي تعاني من أمراض مزمنة ثم الكبار في السن. واختارت الدولة -هي ثاني دولة أفريقية تطلق حملة تطعيم واسعة النطاق- اللقاح الذي تنتجه شركة “سينوفارم” الصينية. وتسلمت مصر أول دفعة من لقاح شركة سينوفارم الصينية في كانون الأول/ ديسمبر.

من جهة أخرى حذر مسؤولون في قطاع الصحة من أن معدل الفحوصات المنخفض يعني أن عدد الإصابات الحقيقي قد يكون أعلى بعشر مرات على الأقل. أسئلة كثيرة دارت في أذهان المصريين خلال الأسابع الماضية، من بينها سبب تخلف بلادهم عن سباق اللقاح مقارنة بالدول الأخرى، وكذا فعالية اللقاح الصيني الذي استوردته مصر.

في هذا الصدد كتب تقدم الخطيب، باحث في جامعة برينستون وجامعة برلين الحرة، في تغريدة: “أين اللقاح يا حكومة؟” متسائلاً عن سبب تأخر بدء عملية التطعيم في مصر، رغم تصنيف الحكومة الألمانية، مصر ضمن عشرين دولة تمثل بؤرة وباء عالمي لانتشار فيروس كورونا.

الصحفي والمحلل السياسي المصري، عمرو خليفة، كتب في تغريدة على حسابه في تويتر عن توقعات بخصوص توزيع لقاحات كورونا بناء على أسس طبقية أو اجتماعية في مصر.

وتلقى الأردن، خلال الأيام الماضية، شحنات من لقاحي “سينوفارم” الصيني و”فايزر” الأميركي. كما أعلن، الأسبوع الماضي، عن بدء برنامج تطعيم ضد فيروس كورونا يهدف إلى تطعيم واحد من كل أربعة من سكانه البالغ عددهم عشرة ملايين نسمة. التطعيم سيشمل اللاجئين في البلاد أيضاً، وفق منظمة “كير” العالمية.

ويستضيف الأردن حاليا نحو 663 ألف لاجئ سوري مسجلين لدى الأمم المتحدة، بينما تقدر عمان عدد الذين لجأوا إلى المملكة منذ اندلاع النزاع في سوريا بنحو1.3 مليون.

أوروبا تناقض وعودها؟

على أرض الواقع يتبين أن الدول الغنية متقدمة في السباق إلى التلقيح. كما سبق وأن حذر خبراء من “إهمال الدول الفقيرة”. وفي هذا الصدد، يقول فريدريك كريستنسن، الرجل الثاني في الائتلاف العالمي المعني بإبتكارات التأهب لمواجهة الأوبئة: “إنني قلق للغاية”، ويوضح: “إذا انتشرت حالياً في أرجاء العالم صور تظهر سكان البلدان الغنية يتلقون التطعيم بينما لا يحدث شيء في البلدان النامية، فهذه مشكلة كبيرة جداً”.

في تعليق سابق عن عملية التطعيم في الدول المغاربية، كتبت صحيفة “فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ” الألمانية، أن هذه الدول تقدم مثالاً عن مدى صعوبة الحصول على إمدادات اللقاح في السباق مع الغرب. لذلك تعتمد الجزائر والمغرب على الإمدادات من روسيا والصين، رغم طول الانتظار.

في منتدى دافوس الافتراضي، دعت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل إلى تقاسم “عادل” للقاحات في العالم في ظل وجود منافسة متزايدة بين الدول بسبب العرض المحدود. إلا أن هذه الوعود لا تكفي حتى الآن لطمأنة الدول الفقيرة، كما قال الرئيس الجنوب إفريفي، سيريل رامابوزا، في كلمته أمام منتدى دافوس “الدول الغنية في العالم تستحوذ على هذه اللقاحات”.

وأضاف أن الدول الفقيرة تُهمش من قبل تلك التي تملك الوسائل لشراء لقاحات بأعداد “تفوق بأربع مرات حاجات سكانها”. هذه الاتهامات تلتقي مع تحذير منظمة الصحة العالمية مما وصفته بأنه “نزعة قومية” في سياسات اللقاحات.

وفي دراسة أجريت بطلب من غرفة التجارة الدولية احتسب علماء الأوبئة أنه حتى لو أن الاقتصادات المتطورة لقحت كل سكانها فإن الكلفة التي ستتكبدها بسبب ارتباط دول العالم في ما بينها، قد تراوح بين 200 و4500 مليار في حال لم تحصل الدول الأقل تقدما على اللقاحات. فهل يراجع الأوروبيون حساباتهم ويتقاسمون جرعات اللقاح مع الدول العربية المحتاجة؟


DW

Spread the love

MSK

اترك تعليقاً