الترشيشي لـ «الشرق»: فرضية استمرار أو توسّع الحرب في لبنان تثير قلق المزارعين… وأسعار الخضار والفواكه إلى انخفاض
كتبت ريتا شمعون:
الأوضاع الإقتصادية-السياسية والأمنية في البلاد تجعل هموم الناس تنتقل من أزمة الى اخرى، فينسون أزمة الأمس ليتابعوا الأزمة الجديدة، أزمة أطباق الإفطار، وشكاوى من جنون الأسعار.
ومع دخول شهر رمضان، وكما كل سنة، يستغل التجار حاجة اللبنانيين الى الخضار والفواكه فيعمدون الى رفع الأسعار، وسط غياب الهيئات الرقابية وحماية المستهلك الذين لا يقومون بما أؤتمنوا عليه من حفظ حقوق وحياة المواطن.
تتفاوت نسب إرتفاع الأسعار بين المناطق وبين المتاجر وحتى صغرى المحال التجارية، وفي حين كان سعر كيلو الخيار على سبيل المثال نحو 60 الف ليرة بات يرواح اليوم بين 100 ألف و140 ألف ليرة ، أما سعر كيلو البندورة فارتفع من 50 الى 90 الف ليرة، والخس من 70 الى 100 ألف ليرة.
وكأن هؤلاء التجار لم يكفهم ما جمعوه من ثروات بسياسة الدعم السابقة التي انتهجتها السلطة السياسية حتى انتظروا شهر رمضان، وبدل أن يكون شهر الخير فإذا بهم يحولونه لشهر الشكاوى من جنون الأسعار. اللبنانيون يحاولون التكيف مع ضائقتهم المعيشية باختصار أطباق الإفطار، والمزارعون يؤكدون أن هناك دائما هوة كبيرة بين المزارع والمستهلك، فالأسعار المرتفعة لدى المستهلك هي أسعار متدنية لدى المزارع بسبب الكلفة العالية.
على كل حال، في أي ظروف يعمل المزارع في لبنان:
– في الجنوب، حيث يطلق الجيش الإسرائيلي رشقات نارية باتجاه سهل الوزاني لمنع المزارعين اللبنانيين من العمل في أراضيهم بهدف ضرب ما تبقى من اقتصاد وامن غذائي في الجنوب.
– أو في البقاع، حيث كسرت إسرائيل قواعد الإشتباك ووسعت أهدافها المحيطة بالمناطق الزراعية التي تساهم بشكل كبير في إجمالي الناتج المحلي.
ومع ذلك، وبصرف النظر عن هذه التحديات الأمنية، وعلى بعد 7 كلم من بلدة النبي الشيت البقاعية حيث شنّت اسرائيل غارات جوية استهدفت البلدة، ماذا يقول رئيس نقابة المزارعين والفلاحين في البقاع ابراهيم الترشيشي لجريدة الشرق عن ارتفاع الأسعار وعن أزمة التصدير الى الخارج.
يوضح الترشيشي، في معرض شرحه أسباب الإرتفاع قائلاً: أن ارتفاع الأسعار حاليا، يعود الى تراجع معدل الإنتاج بفعل الصقيع والطقس البارد الذي أشرف على نهايته، وبدأ بالتحسن، وقابله الطلب الكبير على شراء المنتجات الزراعية في بداية الشهر الفضيل، ما أدّى الى ارتفاع الأسعار بنسبة 10%، إذ يلفت الى انه في حلول الصوم عند المسيحيين والمسلمين يرتفع منسوب الطلب على الخضار والحشائش، وينصب الإهتمام على تحضير أطباق الخضار والحشائش في المنازل مثل: الفتوش. واعتبارا من هذا الأسبوع، ستبدأ أسعار الخضار والحشائش بالإنخفاض التدريجي لتعود الى معدلها الطبيعي، بالتالي يعود الإنتاج الزراعي المتنوع ليلبي حاجة السوق وتعود الأسعار الى طبيعتها، إلا ان هذا الإنخفاض لم ينعكس حقيقة على أسعار كل السلع وفي مقدمتها اللوبيا. وتابع، السهل في البقاع لا يوجد فيه منتوجات في هذا الوقت من العام، في حين أن المنتوجات التي تزرع على الساحل تتأثر كثيرا بحال الطقس، فعندما تتدنى الحرارة يخف الإنتاج، والعكس صحيح عندما ترتفع درجات الحرارة يزيد الإنتاج.
أما السعر الخيالي لـ»البصل « فحال خاصة، إذ تراجع توفره في الأسواق، فضلا عن انتشار نوعيات بصل منخفض الجودة، بحسب الترشيشي، مضيفا: أن مشكلة البصل ناتجة عن عوامل عدة، بعضها ذو طابع عالمي يرتبط بانخفاض انتاج البصل في أبرز دولتين مصدرتين له في العالم، الهند وباكستان، ما أدّى الى ارتفاع سعره، بالإضافة الى قرار الحكومة المصرية بمنع تصدير هذه السلعة الى لبنان، وكذلك حظرت كل من تركيا وسوريا تصدير البصل الى لبنان، لافتا الى ان محصول البصل في لبنان يعطي إنناجه خلال شهري أيار وحزيران لتصبح أسعاره في هذا الموعد مقبولة.
ويضيف الترشيشي، يتضمن السوق نظريا العرض والطلب اللذين بدورهما يحددان السعر، فعندما تكثر البضاعة يقل السعر وعندما تقل يرتفع سعرها، هذا الأمر لا يلغي مسؤولية بعض البائعين الذين يسعر كل منهم على ذوقه، ومع ذلك، فإن الأسعار مقبولة نظرا لكلفتها لكن تراجع القدرة الشرائية لشرائح واسعة من اللبنانيين فرضت نمطا جديدا على حياتهم الطبيعية، ويؤكد عدم وجود نقص في المنتجات الزراعية لعدم تأثر الناتج المحلي ولكون باب الإستيراد مفتوحا، وعليه، لم تسجل أسعار الخضر والفواكه في السوق المحلية فارقا كبيرا ما بين المنتجات الزراعية المستوردة وتلك المحلية تقريبا بمختلف الأصناف. ويتخوف الترشيشي، من 1 أيار المقبل، والأزمة التي ستتكشف إذا لا سمح الله توسعت رقعة الحرب الدائرة في الجنوب، ومن كارثة تكدّس المنتجات الزراعية اللبنانية وخسارة المواسم، أولاً: بسبب الإضطرابات الأمنية التي تشهدها الملاحة في البحر الأحمر. وثانيا: العقبة السعودية أمام وصول المنتجات اللبنانية برّاً الى قطر والإمارات والبحرين والكويت، وعدم وجود أي بوادر على نية السعوديين فتح أسواقهم أمام المنتجات اللبنانية، او امام وصولها الى الأسواق الخليجية.
يختم الترشيشي، حتى الآن، لم نشعر بالأزمة، لكن ستظهر بوضوح عندما يصل التصدير الى ذروته بين تموز وتشرين الثاني، لذلك تثير فرضية استمرار الحرب أو توسعها قلق المزارعين الذين يعتمدون على الأسواق الخارجية لتصريف انتاجهم، لا سيما التفاح والموز والعنب والبطاطا، والتي لا يمكن للسوق المحلية استيعابها.