الصايغ: على باسيل التحرّر من لعبة الأسماء ونحذر من الثنائيات المدمّرة لأننا بحاجة إلى مقاربة متعددة الأطراف
إعتبر النائب الدكتور سليم الصايغ أن الحرب في لبنان فُتحت منذ الثامن من تشرين الأول عندما قرّر حزب الله زجنا في هذه المعركة، فدُمّر الجنوب وهُجّرت عشرات الآلاف من العائلات في بلد منكوب بالأصل، في حين تتبرأ الحكومة مما يحصل ولا كلمة للأحزاب اللبنانية فيه ومجلس النواب مستمر بأعماله وكأن شيئاً لم يكن، وقال: “نوحي بأن العملية الديمقراطية طبيعية في ظل غياب رئيس الجمهورية، ولا نرى أي مبادرة جدية لخرق “جدار التعطيل” حتى يفوز مرشح الممانعة في لبنان الذي يحمي “ظهر المقاومة”، فهذا ما أدى الى خلق التشنّج في الساحة الداخلية اللبنانية ودفع بالقوى السياسية الى اتخاذ مواقف عميقة وواضحة وليست ظرفية”.
الصايغ وفي حديث لبرنامج “نهاركم سعيد” عبر الـLBCI، إستذكر موقف التيار الوطني الحر الصامت بعد “إعلان بعبدا” في عهد الرئيس السابق ميشال سليمان، وبعد ان خرج النائب محمد رعد وقال: “غلوا وشربوا ميته”. ولفت الصايغ الى أنه: “على الرغم من أن التيار صرّح في بعض البيانات أنه لا يؤيد تدخّل لبنان في مشاكل سوريا وشمل آنذاك حزب الله وغيره، لكنه وعندما تطوّرت الأمور ووصلنا الى معركة القصير لاحظنا التحول التدريجي لتبرير إنغماس حزب الله في الحرب السورية تحت شعار الحرب الاستباقية ضد داعش، فهذا التطوّر في موقف التيار كان بالكلام بينما بالفعل فقد اتفقوا مع حزب الله من أجل وصول الرئيس ميشال عون الى سدة الرئاسة”.
وأضاف:” الموقف الذي يتخذه التيار اليوم سبق واتخذه في الماضي ولم يغيّر شيئا” لأنه موقف غير حاسم بالنسبة لسلاح حزب الله ولا يزال يؤمن بالمعادلة الثلاثية: “جيش وشعب ومقاومة”، واما نحن فلا نؤمن إلا بالجيش اللبناني والقضاء والمؤسسات الدستورية وهذا أساس للشراكة الوطنية”.
وأكّد الصايغ أن المشكلة ليست موقفًا من حادث او حرب معينة إنما في السير في ادارة “ستاتيكو” معيّن في حال قرر حزب الله وقف عملياته فجأة وكأن شيئاً لم يكن، فعلى التيار الذي يقول أن فضله كبير بالقرار (1559) الذي ينادي بنزع سلاح حزب الله، أن يوضح اليوم موقفه بعيداً عن المواقف الظرفية وذلك من أجل تأسيس شراكة وطنية، فالإستمرار بالإعتراف بورقة التفاهم على أنها لم تمت، ذلك تأكيد واضح على السير في تأمين غطاء (مسيحي – ماروني) لإبقاء سلاح الحزب الذي سبب بهدم الدولة أولاً وإفشال عهد ميشال عون ثانياً.
ولفت الصايغ الى أن لا أحد بإستطاعته اليوم بناء سياسته من جديد مستنداً على أوهام، سائلاً في المقابل: “أليس من حقنا أن نحلم بالدولة التي نريد وأن نضع خارطة طريق للوصول اليها؟”
وتابع: “لماذا لا ينخرط المسيحي اليوم بالدولة اللبنانية وخاصة بعد أهم اتفاق مسيحي حصل بين التيار والقوات اللبنانية؟ ولماذا نحن أمام انهيار تام للتمثيل المسيحي؟ فهل تقع المسؤولية على المسلمين أو على الرئيس نبيه بري؟” مجيبا” أنها تقع على من قبض على زمام السلطة واتفق على أن يكون التمثيل عادلا” وعلى اساس المناصفة فيما تبيّن العكس.
وردا” على سؤال حول عمل الحكومة توجّه الصايغ الى التيار بالقول: “أنت من أتيت برئيس الحكومة الحالي نجيب ميقاتي ولديك العديد من الوزراء داخلها، وفي الوقت عينه تقوم بتعطيل الجلسات الوزارية، فليست هذه الحكومة من تمنع انتخاب رئيس الجمهورية بل الثنائي الذي يمنع تطبيق الدستور ويعطّل هذا الاستحقاق.
وأعتبر الصايغ أن جلسات مجلس الوزراء كما جلسات تشريع الضرورة التي يقوم بها مجلس النواب كلها مخالفة للدستور، وقال: “بين خيار الاطمئنان وخيار العيش بالفوضى نختار الحلّ الأول”.
وذكّر الصايغ بجولة المطران انطوان بو نجم وبمبادرته لجمع بعض ممثلي الأحزاب، أتى عندها بأفكار ليست بجديدة انما بروحية جديدة والأفكار موجودة في وثائق ومواقف بكركي السياسية، ولهذا يجب عدم تحميل ورقة بكركي أكثر من حجمها، وقال: “اذا قرّرت بكركي الاعلان عن شيء ما فهي من سيقوم به وليست بحاجة الى أي جهة او حزب معيّن”.
ولفت النائب الصايغ الى أن تاريخ حزب الكتائب مليء بالمراجعات والنقد الذاتي، وللتأكيد على ذلك ذكّر بمبادرة المصالحة مع الفلسطنيين في العام 2008 ، وقال: “عندما كنت بموقع نائب رئيس الحزب، قمنا بتوجيه من الرئيس امين الجميل بمبادرة مصالحة مع الفلسطنيين في البيت المركزي في الصيفي، واجرينا آنذاك مصالحة ومصارحة نتج عنها وثيقة مهمة جداً في ذكرى 13 نيسان، فنحن من اكثر الأحزاب الواثقة من اظهار ما يجري بداخلها الى العلن لأننا نحاول دائما العودة الى الجوهر من خلال النقد الذاتي، ومن هنا ندعو جميع الأحزاب الى القيام بمثل هذه المراجعة”.
واعتبر الصايغ أن مواقف غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في ما خص موضوع غزة تعبّر عن الوجدان اللبناني، وقال: “أعلنا في بيان مشترك للجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب بحضور نواب عن التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية موقفنا الجامع بالنسبة لغزة، ومقاربة الأمور تكون من خلال الطرح الوطني وليس بالطرح المسيحي فقط، فعلى المسلم والمسيحي ان يقولوا لحزب الله “كفى” وليس أن نأخذ مواقف لن نصل من خلالها الى حلّ”.
وأضاف: “البطريرك الراعي يرفض التعدي على الصلاحيات، ومواجهة هذه المشكلة تكون من خلال طلب كل رئيس حزب من وزرائه حضور جلسات مجلس الوزراء وعدم السماح بتمرير أي قرار غير موافق عليه، وعلى سبيل المثال رئيس التيار جبران باسيل وعدد وزرائه خمسة(5)، فهم قادرون على التأثير في القرار والاعتراض على القرارات، واما اذا استمروا بهذا النهج الخاطئ في محاولة منهم لإسقاط هذه الحكومة فلا نتيجة فهنا نسأل: هل المطلوب اسقاطها أو انتخاب رئيس للجمهورية والضغط على الثنائي الذي يعطّل هذا الاستحقاق؟”
وجدد الصايغ تأكيده ان نواب حزب الكتائب لن يوقّعوا على العريضة لمحاكمة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، لافتًا الى انه سبق وأعلن هذا الموقف رئيس الحزب النائب سامي الجميّل في مقابلة تلفزيونية، لأنه عندما نريد السير بهكذا عريضة علينا ان نضع اسماء جميع معطلي الاستحقاق الرئاسي وعلى رأسهم رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وأشار الى ان للسير بالحلول الايجابية والعملية، على بكركي أولا أن تعبّر عن هواجس المسيحيين وخاصة بعد اجتياح النازحين السوريين لمناطقهم، والخطر الأمني الكبير الذي يصل الى المناطق كافة، ودعا رئيس اتحاد بلديات كسروان ورئيس بلدية جونية الشيخ جوان حبيش للتعاون أكثر واكثر في هذا الملف، بعد ان أصبحت المنطقة مستباحة للمافيات وتجّار الممنوعات، وقال: “على البلديات أن تنظّم وتضبط حركة النازحين ليلا للسير بالأمن البلدي وليس الذاتي وتطبيق القوانين ونحن من واجبنا التعاون مع البلديات من اجل مصلحة المواطنين”.
وعن تقاطع قوى المعارضة على رئاسة الجمهورية، قال الصايغ: “سبق وبلّغنا البطريرك الراعي خبر التقاطع قبل اللقاء الذي جمعه مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، والمواجهة اليوم تكمن من خلال اظهار الواقع الحالي ومعاناة اللبنانيين أمام المجتمع الدولي الذي لا يزال يتهاون مع معطلي الاستحقاق الرئاسي، ولكن نظرة الغرب تجاه لبنان اليوم هي حماية اسرائيل من السلاح غير الشرعي الموجود في الداخل اللبناني، وهذا ما يمنع ويعرقل الوصول الى ارادة جامعة قادرة على انتخاب رئيس للجمهورية، من هنا نؤكّد ان المنطلق هو السيادة وليس المحاصصة في الدولة “.
واعتبر الصايغ أن على رئيس الجمهورية الجديد أن ينفذ المسلمات الوطنية وأن يكون لديه خطة واضحة وأن لا يكون عبدًا مأجوراً، وقال: “من هنا لا تضع بكركي مسلمات مسيحية بل مسلمات وطنية، فعندما نتكلّم عن لبنان نحمي المسيحيين وعندما نتكلم عن المسيحيين ينفجر الوضع في لبنان، وعندما عارضنا توطين الفلسطنيين سابقاً لم نتكلم آنذاك بإسم المسيحيين، بل وقفنا وواجهنا بإسم لبنان ككل”.
وأضاف: “بعد اتفاق الدوحة، حاول البعض ايهامنا بأننا استعدنا الحقوق المسيحية وصححنا التمثيل وحصلنا على القانون الانتخابي الجيد”، ونحن في المقابل نخلص من مصيبة لنواجه مصيبة أخرى، فطريقة المواجهة الصحيحة اليوم والتي لا بدّ لرئيس التيار الوطني الحر السير بها، هي الابتعاد عن “ربط النزاع” والانطلاق من السيادة والاعتراف بالواقع الايراني ما يمنع قيام الدولة، والطلب من الوزراء حضور الجلسات والمواجهة داخلها”.
وتابع الصايغ: “ما يحكى في بكركي ليس لمجرّد الخروج من الأزمة الحالية، انما لمشروع اليوم التالي للتمثيل والحضور المسيحي في لبنان، وقد لاحظنا أن ما يهم المسيحيين هو الحفاظ على نمط حياتهم وعلى التربية في المدارس والحفاظ على الحريات، من هنا لا بد من الاشارة الى أهمية اللامركزية الادارية، والمشكلة الأساس للمسيحيين اليوم هي بالديمغرافيا، وهذه المشكلة لا تحلّ بالحل السياسي وانما بدعم العائلات والمقومات وهذه هي مسؤولية بكركي”.
وأردف: “العيش بعقدة الاضطهاد مفهوم خطير على المسيحيين، فمن ضرب المسيحيين هم المسيحيون انفسهم، لذلك علينا الخروج من نظرية المؤامرة، وعندما قاطعنا الانتخابات في العام 1992 سمح ذلك بايصال طبقة سياسية مسيحية متزلّمة للسوري في لبنان، وتعاقب بعض رؤوساء الجمهورية المتماشين مع هذا النمط، واما اليوم فقد وصلنا الى قناعة حقيقية أنه ليس باستطاعة المسيحيين لوحدهم القيام بالحمل، ولا بد من إقامة عقد شراكة حقيقية وطنية على أسس لبنانية فقط لا غير”.
ودعا الصايغ بعد الوصول الى عهد جديد واغلاق الحسابات مع الرئيس ميقاتي، أولاً بمراجعةالقرارات والتشكيلات كافة التي صدرت في ظل غياب رئيس للجمهورية، لأن ما بني على باطل هو باطل، ومن هنا نبني لبنان الجديد الذي نريده، وثانياً المطالبة بعقد مؤتمر وطني، لأن من يؤمن بلبنان عليه الاتفاق على ورقة واحدة وموحدة للوصول الى التوازن الكامل وليس السياسي فقط، فنحن مؤمنون ببلدنا ولبنان لا يقوم الا بالتوازن الحقيقي والشراكة الوطنية المبنية على أساس السيادة.
ورأى الصايغ أن فائض القوة لم ولن يحمي لبنان وما نراه اليوم خير دليل على ذلك، فحزب الله لم يعد يدرك حدوده، وقال: “لو بقيت مهمتهم كما كانت قبل الـ 2000 لكانوا حافظوا على مبدأ حماية لبنان ضمن اطار النظام اللبناني والوحدة الوطنية، لكنهم في المقابل اختاروا الخضوع لإيران التي حوّلت لبنان الى منبر وساحة قتال ومواجهة، ومن هنا علينا ان نسأل حزب الله: هل بهذه الحرب استطعت ان توفّر للجنوب ما تحاول ايهامنا به وان تمنع مدّ يد الاسرائيلي على لبنان؟ من هنا نتأكد ان هذا السلاح لا وظيفة له ولبنان أصبح مكشوفاً أكثر وأكثر”.
واعتبر الصايغ ان القرار 1701 اعطى حالة من الاستقرار في الجنوب اللبناني، والذي أطاح بهذا القرار هي معركة الثامن من أكتوبر عندما قرر حزب الله فتح جبهة من لبنان لمساندة غزة، وقال: “تعميم حالة الاستقرار ينطلق من الـ 1701 ، فلا قيام للإستقرار وللسلم الأهلي ولدولة مكتملة المواصفات من دون تطبيق القرارات كافة لاسيما قرار نزع السلاح والانخراط الكامل بالدولة والنظام”.
وعن حراك اللجنة الخماسية، رأى الصايغ أن وجودهم مهم للوصول الى تنسيق كامل للمواقف بين بعضهم البعض كونهم غير متفقين كلياً على النقاط كافة، كما وأن وجود السفراء يعطي الأمل لاسيما للقوى السيادية في لبنان التي لا مرجع لها على عكس محور الممانعة، مشيراً الى أن عمل هذه اللجنة محصور بالاستحقاق الرئاسي فقط على عكس مهمة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين والفرنسيين التي أعطت الجنوب الاهتمام الأكبر.
وقال: “على الرغم من هذه الحركة، فهذا التزخيم لا يؤدي بسرعة الى انتخاب رئيس للجمهورية في ظل اصرار حزب الله على التعطيل واستمراره في فرض مرشحه على اللبنانيين”.
وأضاف: “بإتصالاتنا مع سفراء الخماسية، علمنا انهم بصدد الاتفاق على موضوع الرئاسة بعيداً عن المقاربات المختلفة، فلكل واحد منهم دوره ولا يستطيع أحد من السفراء ان ينتزع بمفرده الدور لإنجاز عملية الرئاسة”.
ورأى الصايغ أن للبنانيين فرصة بأن يحوّلوا هذه المحنة الى فرصة، وبأن يهتم الغرب بلبنان كملتقى ومساحة حوار ومنبر لمخاطبة العالم من خلاله.
وأكد أن لا مشكلة لدى قوى المعارضة بالأسماء، داعيًا رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الى التحرّر من لعبة الأسماء، ومحذرًا من الثنائيات المدمّرة لأننا بحاجة الى مقاربة متعددة الأطراف.
ولفت الى أن التشاور مع كافة القوى السياسية قائم، ان كان مع التيار أو القوات اللبنانية والبعض من التغييرين، كما أنه أصبح هناك قناعة عند الجميع أنه لا يمكن المضي قدماً واعطاء لبنان لمرشح حزب الله.
وقال: “نحن اليوم في حالة حرب وبعد الانتهاء منها، على حزب الله أن يعي تماماً انه سيعيش في لبنان وعليه الاتفاق مع شركائه في الوطن على كيفية العيش والاستمرار وعليه تقديم التنازلات للوطن الذي سيعيش فيه من خلال التوافق الجدي و”فوق الطاولة”.
أضاف: “نحن كفريق سياسي أبدينا أكبر دليل على المرونة عندما رشحنا النائب ميشال معوّض وحصل بعدها على أصوات داخل المجلس النيابي، وواجهنا الفريق الآخر بالورقة البيضاء والتعطيل، ومن ثم انتقلنا الى ترشيح الوزير جهاد أزعور، فقاموا عندها بترشيح الوزير سليمان فرنجية وفرضه علينا بالقوة”.
وأكّد أن الخيارات مفتوحة أمام الجميع، وقال: “خيار قائد الجيش العماد جوزف عون مقبول بالطبع ولكنه ليس الأفضل لدينا، وفي حال تم التوافق على إسم جديد فنحن مستعدون أيضا” ولا مانع لدينا للتغيير عن إسم أزعور.
وعبّر الصايغ عن خوفه على الدولة ومفهومها وعلى وحدة لبنان اذا استمر الوضع كما هو عليه اليوم، وقال: “الدولة أصبحت فاشلة والنظام السياسي لا معنى له، وعلينا اعادة صياغة مفهوم العيش المشترك مع حزب الله اذا استمر بالنهج الذي هو عليه”.
وختم الصايغ بطمأنه المسيحيين انهم لا يزالون في لبنان يتمتعون بالمقوّمات الأفضل لتثبيت حضورهم على الرغم من قوة السلاح الموجودة بيد الآخرين.