“لا تهاون” على ما يبدو في دبلوماسية بايدن التي يكشفها حيال الصين وروسيا
بعد شهرين على توليه مهامه، يكشف الرئيس الأميركي، جو بايدن، أسلوبه الدبلوماسي، وبالتأكيد بدون مراعاة في خطابه، في تعامله مع كبار منافسي واشنطن خلال ولايته.
وصف بايدن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بأنه “قاتل”. ووجّه مفاوضوه إلى الوفد الصيني إتهامات شديدة في محادثاتهم الثنائية الأولى التي كشفت عن نهج لا مساومة فيه حيال موسكو وبكين.
وقال توماس رايت، من معهد بروكينغز في واشنطن، أنّ سلف بايدن، دونالد ترامب، “كان لديه بعض التعاطف الشخصي مع حكّام مستبدّين أقوياء، وكان معجبًا بهم”. لكنً إدارة الديموقراطي المخضرم “قلقة من أنّ الإستبداد مستمر، وتعتقد أن الديموقراطيات في حاجة إلى العمل بشكل أوثق معًا للتصدي لذلك”.
توقّع الخبراء أن تتّبع إدارة بايدن —الذي كان لفترة طويلة عضوا في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ ثم نائبا للرئيس— في الدبلوماسية، نهجًا تقليديًّا بدرجة أكبر من عهد سلفه، دونالد ترامب، الذي فضّل فن الحكم عبر تغريدات.
لكن حتى الآن، ولا سيما في الأيام القليلة الماضية، أثار أسلوب بايدن الحاد دهشة البعض.
وردًّا على سؤال في مقابلة مع شبكة “ايه بي سي نيوز” عمّا إذا كان يعتقد أن بوتين “قاتل”، وافق بايدن (78 عاما) على الفكرة بدون تردّد. وعندما سُئل مساعدوه ما إذا كان قد ذهب بعيدًا جدًّا، أكّدوا أنّه لم يندم على موقفه.
وهذه ليست المرة الأولى التي يُظهر فيها بايدن بعض التعالي حيال بوتين أو الزعيم الصيني شي جينبينغ Xi Jinping. ففي بداية شباط/ فبراير حذّر من “إستفحال السلطوية” في الصين وروسيا.
وحول بوتين، قال بايدن أنّه أوضح لنظيره الروسي “بطريقة مختلفة تمامًا عن سلفي، أنّه ولى الزمن الذي كانت فيها الولايات المتحدة تغض النظر في مواجهة الأعمال العدوانية لروسيا – التدخل في إنتخاباتنا والهجمات الإلكترونية وتسميم مواطنيها”.
وأضاف أنّ الرئيس الصيني لا يملك “أيّ حسّ ديموقراطي”، محذّرًا، بعد مكالمة مع شي جينبينغ، من أنّه إذا لم “تتحرّك” الولايات المتحدة بشأن سياسة الصين “فستتغلّب علينا”.
ويبدو الخطاب أقرب إلى أسلوب ترامب المنفلت، لكن السياق مختلف إلى حد ما. وقال رايت “كان لدى ترامب في الواقع مشكلة أكبر مع حلفاء الولايات المتحدة. فقد كان ترامب يغضب بإستمرار من الحلفاء أكثر من غضبه من منافسيه”.
وتندرج التصريحات القاسية لبايدن في إطار رغبته في مكافحة الإستبداد والدفاع عن قيم ومفاهيم أميركا حول حقوق الإنسان. حتى أنّ الرئيس الأميركي يريد تنظيم “قِمّة للديموقراطيات” في موعد لم يحدّد بعد.
“خصومة وتنافس”
قد يكون الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أنّ وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، الدبلوماسي المحنّك الذي لم يُعرف عنه أنّه متهوّر إطلاقًا، إنتقد نظراءه الصينيين منذ البداية مع إفتتاح المحادثات في ألاسكا، الخميس.
وأمام كاميرات وسائل الإعلام العالمية، قال بلينكن أنّ تصرفات بكين “تهدّد النظام القائم على القواعد الذي يحافظ على الإستقرار العالمي”، ما أدّى إلى ردّ قاس من الجانب الصيني.
وقال وزير الخارجية الصيني، وانغ يي Wang Yi، أنّه “لا يفترض أن تكون هذه طريقة الترحيب بالضيوف”.
ووصف رايت التصريحات المتبادلة بأنّها “تتماشى على الأقل إلى حد ما مع ما يحدث بالفعل”. وأضاف أنّ ذلك “نوع من الكشف للعالم أنّ العلاقة بين الولايات المتحدة والصين محكومة بالخصومة والتنافس”.
وقال جيمس كارافانو، من مؤسسة هيريتيج، أن بلينكن كان “محقًّا تمامًا” في ردّة فعله في الخارج. وأضاف أنّ إدارة بايدن ليس لديها ما تخسره عبر إتّخاذ موقف متشدّد. وقال أنّ “التعامل بحزم مع روسيا والصين أمر يؤمن به الحزبان. الجميع يريدون أن يكونوا صارمين”.
وأشار كارافانو أيضًا إلى أنّ تكتيكات بايدن تعكس بعض التجانس مع تلك التي إتبعتها إدارة ترامب التي إتخذت خطوات لمواجهة روسيا والصين حتى عندما كان الرئيس الجمهوري يروج لعلاقاته الودّية مع بوتين و”شي”.
لكنه تابع أن “الخطاب لا قيمة له” في نهاية المطاف. وأشار إلى أنّ “ترامب حاول التحدّث إلى بوتين بلطف شديد، وتصرف بوتين كعادة بوتين”، موضحًا أنّ “بايدن يظهر أنّه يتعامل بصرامة مع بوتين لكن بوتين سيتصرف كعادة بوتين”.
AFP