إنزلاق سوريا نحو حرب أهلية يلقي مصير المنطقة في فم التنين

إنزلاق سوريا نحو حرب أهلية يلقي مصير المنطقة في فم التنين

بقلم مصباح العلي

في ضوء التطورات الأخيرة في الساحل السوري، تبدو الأوضاع في سوريا تنزلق نحو حرب أهلية طاحنة، والامر يتعدى انتفاضة علوية في وجه حكم أحمد الشرع صوب حالة من الفلتان والفوضى تعم الأراضي السورية من شرق الفرات والساحل مروراً الى الخطر من تنظيم داعش في وسط سوريا عند تقاطع محافظة حمص الى ريف دمشق وصولاً الى الجنوب السوري الملتهب والرافض الانضواء الى سلطة «هيئة تحرير الشام».

كثيرة هي الفرضيات لكن الأهم بأنّ قراءة الأحداث انطلقت ولا تبدو سوريا ستنعم بالراحة والأمن بعد سقوط نظام الأسد، بل إن الأحقاد على أنواعها ستطفو على السطح، ما يشير الى مرحلة ستراق بها دماء السوريين من دون وازع، وهو أمر مفجع ومؤلم، فسواد المشهد القاتم سيطبع حقبة سوريا المقبلة، بعدما عصفت فيها الأحداث منذ 2011، بل الأمور مرشحة الى مزيد من التقاتل والتناحر، ما يهدد مصير الوحدة السورية وبروز معالم الفتنة الى تقسيم سوريا نحو كيانات عرقية وطائفية ومذهبية متناحرة.

لعله من السذاجة اعتبار أن ما يحدث سيبقى محصوراً ضمن الجغرافيا السورية، بل إن الخطر سيتخطى الحدود صوب المحيط، تحديداً الخاصرة الرخوة لبنان، وما يثير القلق هو المظاهر من مجموعات لبنانية ستناصر فريق على حساب آخر في سوريا، وهو لا يصب في المصلحة الوطنية بقدر ما سيجر الويلات في بلد أنهكته الصراعات على أنواعها.

تشير التقديرات بأنّ مجمل المنطقة لن تكون بمنأى عن البركان السوري الذي انفجرت حممه صوب لبنان والأردن والعراق وتركيا، ولعل أولى المعضلات هي حركة النزوح التي ستستعيد وتيرتها بعدما ظنّ كثيرون بأنها انتهت مع سقوط نظام بشار الأسد وانتصار الثورة السورية، لتبيّـن أن الاستقرار بات بعيد المنال، وما ظهر في مشاهد المجازر ليست سوى البداية، وما سيلي ذلك أفظع على مستوى قتل الأبرياء على الهوية، وكأن سوريا لم تتعلم الدرس اللبناني حيث خرج جميع المتحاربين مهزومين ودمروا وطناً كان قطعة من الجنة، فتحوّل الى ركام يتباكى عليه اللبنانيون والآخرون.

في الاستنتاج الأولي، إسرائيل ومن دون منازع هي المستفيدة الأولى من النزاعات السورية طالما انها الدولة القوية والصلبة في محيط يشهد اضطرابات وسط تغليب صفة التزلف على كيانات مفككة، فالعامل العلوي له انعكاسه على الجنوب التركي، فيما حدود لبنان مشرعة لتهريب لسلاح، ومن الشرق هناك التماس مع العراق بما يحوي من صراع تاريخي من زمن البعثيين وبعد سقوط النظامين فضلاً عن الحسابات الدقيقة داخل الأردن.

وسط كل هذا التشعّب يبقى الأمل بمبادرة عربية تتخذ شكل السرعة القصوى علماً بأنّ تجربة لبنان مع المناشدات العربية أيام العز لم تجدِ نفعاً… فكيف الحال اليوم وسط هذا التشرذم والانقسام بين دول العرب التي لم يعد يجمعها إلاّ رابط اللغة فقط.

Spread the love

adel karroum