عقدة غزة و”ريفييرا الشرق” والسيناريو الأخطر…

عقدة غزة و”ريفييرا الشرق” والسيناريو الأخطر…

كتب محمد حمية

إختارت قوات الاحتلال وقت السحور – الفجر موعدا للزلزال في قطاع غزة.
نتانياهو يحضر فجأة الى “حفرة الحرب”.
مئة طائرة حربية انطلقت في وقت واحد ونفذت مئات الغارات على جميع الجغرافيا في غزة.
الحكومة الاسرائيلية تقول إنها استشارت الإدارة الأميركية والبيت الأبيض قبل العملية ما يعني قرار أميركي أيضا.
ولتبرير العملية وصفتها اسرائيل بالضربة الإستباقية لمنع شن حماس عملية ضدها شبيهة ب طوفان الاقصى
نتانياهو يهرب الى الأمام من أزماته الداخلية وحياكة طوق نجاة له
إذ كان من المقرر أن يمثل اليوم أمام المحكمة بقضايا فساد وتزوير في مكتبه خلال الحرب وقبلها
وكان متوقعاً أن تتم إقالة رئيس الشاباك بسب الخلاف مع نتانياهو حول المسؤولية عن عملية طوفان الأقصى.
لجنة التحقيق بأحداث ٧ اوكتوبر قد تضع تقريرها في وقتٍ قريب ونتانياهو من المسؤولين الرئيسيين عن التقصير.
كان مقرراً أن تنطلق تظاهرة كبيرة لأهالي الأسرى لدى حماس في “تل أبيب” ستتجه الى مكتب نتانياهو للضغط عليه لاستئناف عملية التبادل.
الحكومة الإسرائيلية على كف الاستقالة في أي لحظة ما لا يريده نتانياهو قبل الانتخابات المقبلة ومن مصلحته إعادة وزير الأمن القومي الأكثر تطرفاً المستقيل إيتامار بن غفير الذي قال منذ أيام إنه مستعد للعودة الى الحكومة إذا عادت إسرائيل الى الحرب وبالتالي شد العصب وتوحيد المجتمع الاسرائيلي حول الحكومة.
الحرب قد تطول لأشهر ربما لأن نتانياهو يريد خوض الانتخابات المقبلة بالدم الفلسطيني.
قد تبدو أسباب العودة الى الحرب داخلية محض الى جانب الضغط على حماس في المفاوضات لفرض الشروط الإسرائيلية في اتفاق تبادل الأسرى، الى جانب صدم سكان غزة بضربة مفاجئة وإخضاعهم للمشروع الأميركي الاسرائيلي ومنح ترامب ثقة ومصداقية لتهديداته وجبروته بتحويل غزة الى جهنم وجحيم إذا لم تطلق الأسرى.
لكنها تهدف إلى ما هو أكبر وأخطر.. إنها بداية تنفيذ مشروع تهجير الفلسطينيين الى دول أخرى (مصر والأردن والسعودية سوريا… وإقامة مشروع “الريفييرا” الترامبي على أنقاض غزة الذي بشر به ترامب أكثر من مرة، إذ سبق وكشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” بأن إسرائيل تحضر لعميلة واسعة النطاق في غزة. كما تظهر نوعية وخريطة الغارات الى أن القرار اتخذ بضرب ما تبقى من مقومات حياة بشرية ومادية وصحية واجتماعية وإغاثية في القطاع إضافة الى تصفية الكوادر الحكومية الوسطى في المؤسسات الرسمية في القطاع والتي تدير الشؤون العامة في القطاع وحتى استهداف خيم النازحين العائدين الى شمال غزة واعاقة أي عملية لاعادة الاعمار، هذا يتلاقى مع قرار تجميد تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار وتشديد الحصار بشكل كبير على المعابر، ما يعني أنه لم يبقَ للغزيين سوى البحر للموت فيه أو الرحيل…
حماس استطاعت الصمود طيلة عام ونيف حتى فرضت على اسرائيل اتفاق وقف اطلاق النار يتضمن الحد المقبول من المطالب بعد الاحتفاظ بورقة الاسرى ما احدث تشققات في حكومة نتانياهو التي شربت كأس الاتفاق المر لكن اسرائيل عادت وخدعت حماس وانقلبت على الاتفاق واوهمت المقاومة الفلسطينية بأنها تريد استئناف التفاوض في الدوحة لكنها كانت تخطط للعملية الكبيرة سراً كما استفادت اسرائيل من الحركة العسكرية الظاهرة لحماس فوق الارض وخروج قياداتها وعناصرها من الانفاق خلال عمليات تبادل الاسرى وتجميع المعلومات عبر الاستطلاع والمسيرات.
بعد كل ذلك كيف ستتصرف حماس والفلسطينيين في قطاع غزة؟ هل يبدون مرونة تفاوضية ويقدمون تنازلات ام سيواجهون حتى الرجل والرمق الأخير؟ وماذا لو استمرت الحرب لوقت طويل وتخللها تقدمات برية اسرائيلية؟ وهل تستطيع اسرائيل خوض حرب جديدة وما التداعيات؟ وهل تملك المقاومة المقومات الكافية للمواجهة؟ وهل تبقى غزة عقدة أبدية للكيان تعيق مشروع اسرائيل الكبرى والشرق الاوسط الجديد الذي لا يتحقق الا بقضم غزة وهضم الضفة الغربية وتهويد القدس وانهاء القضية الفلسطينية؟ كيف ستتصرف حركات المقاومة الداعمة للقضية الفلسطينية لا سيما اليمن وايران؟ ماذا عن التداعيات على لبنان وسوريا ومصر والاردن؟.
الواضح أن حماس والشعب الغزاوي والفلسطيني بشكل عام لم يعد لديهم ما يخسروه في ظل التوحش الإسرائيلي والانحياز الأميركي الكامل وسقوط حل الدولتين مع سيطرة التطرف على السياسات الاسرائيلية في الكيان الإسرائيلي وحملة التطهير التي يقوم بها نتانياهو في مؤسسات الدولة العميقة في الكيان على غرار ما يقوم به ترامب في الولايات المتحدة، والسبب أن الغزاويين يعلمون أنهم حتى لو تنازلوا عن مطالبهم وأطلقوا الأسرى، فإن جحيم ترامب سيلاحقهم وإسرائيل ستستكمل عدوانها بشراسة أكبر بدعم أميركي مطلق بعد انهاء ورقة الاسرى.
كما أشعلت الحرب الاسرائيلية على غزة بعد 7 أوكتوبر شرارة حرب شبه إقليمية خلال العام الماضي، فإن جولة الحرب الجديدة ستكون مصيرية وستحسم مصير غزة والمنطقة إما انتصار مشروع ترامب – نتانياهو بتصفية القضية الفلسطينية والسيطرة على كامل المنطقة وصولاً الى إيران، وإما يبدأ العد العكسي لنهايته مع حصول أحداث وردات فعل غير متوقعة مقابلة قد تقلب الموازين والمعادلات!
شهران حاسمان حتى حزيران المقبل ومصير جولة المفاوضات المتوقعة بين إيران وأميركا منعطف كبير… العين على إيران واليمن ولبنان…

Spread the love

adel karroum