العبسي رعى ندوة واحتفالا بتوقيع كتاب “الفرعون والقسيس” بحضور ميشال فرعون

العبسي رعى ندوة واحتفالا بتوقيع كتاب “الفرعون والقسيس” بحضور ميشال فرعون

رعى بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي، ندوة واحتفالا بتوقيع كتاب “الفرعون والقسيس”، لمؤلفه الدكتور كمال ديب، بمناسبة المئوية الثالثة لإعادة الشركة مع كنيسة روما 1724- 2025.

حضر الحفل الذي نظمته دار النهار للنشر والوزير السابق ميشال فرعون قبل ظهر اليوم في قاعة بيار أبو خاطر في جامعة القديس يوسف في بيروت، الشيخ خلدون عريمط ممثلا مفتي الجمهورية، الشيخ محمد عبد الخالق ممثلا شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز، سينتيا غرّيب ممثلة الرئيس سعد الحريري، عضو الهيئة التنفيذية في “حزب القوات اللبنانية” دانيال سبيرو ممثلا رئيس الحزب والنائبة ستريدا جعجع، الوزيران السابقان جورج كلاس وغادة شريم، اللواء الركن يوسف حداد ممثلا وزير الدفاع، وقائد الجيش، العميد ايلي عبود ممثلا وزير الداخلية والبلديات، العميد أحمد غزالة ممثلا المدير العام لقوى الامن الداخلي، المقدم مروان منصور ممثلا المدير العام لأمن الدولة، المطارنة جورج بقعوني، ابراهيم ابراهيم، ايلي حداد، ادوار جاوجيوس ضاهر وجورج اسكندر، النائب البطريركي لأبرشية بيروت السريانية شارل مراد وعدد من رؤساء الرهبانيات ومن كهنة الرعايا وشخصيات.

ديب

بعد النشيد الوطني وكلمة ترحيبية لعريف الاحتفال الاعلامي داني حداد، القى رئيس الرهبانية المخلصية الاب انطوان ديب كلمة قال فيها: “الشراكة بين عائلة فرعون والرهبانية المخلصية بلغت ذروتها في منتصف القرن التاسع عشر، حين لعب أنطون فرعون من “ترييستي” في النمسا دور الوسيط بين الكنيسة والدبلوماسية النمساوية، التي ساهمت بشكل أساسي في صدور الفرمان الذي اعترف بكنيسة الروم الكاثوليك من قبل السلطنة العثمانية سنة 1837، مانحًا هذه الكنيسة استقلالها القانوني في السلطنة العثمانية. وهذه المسيرة لم تكن مجرد تعاون مالي أو إداري، بل شراكة روحية وثقافية جمعت بين البيت والدير، بين التجارة والطباعة، بين الإيمان والعمل، وأسست لنموذج حيّ من التكامل بين العلمانيين والرهبان في خدمة الكنيسة والمجتمع”.

مراد

وتحدث الدكتور عماد مراد عن دور آل فرعون بالحياة السياسية في لبنان، واعطى امثلة جسدت “تجذر العائلة بلبنان المستقل، في مرحلة الاستقلال عندما فازت لائحة هنري فرعون بالانتخابات النيابية في البقاع وساهمت بوصول بشارة الخوري لرئاسة الجمهورية، وانطلاق معركة الاستقلال ضد الفرنسيين”.

كما تحدث عن “دور هنري فرعون في إعلان ميثاق جامعة الدول العربية  سنة ١٩٤٥ رافضا التصويت على قراراتها بالاكترية بل بالاجماع”. وقال: “المسيرة السيادية للعائلة المستمرة حتى ايامنا هذه، حيث كان احد ابناء العائلة الوزير ميشال فرعون من القياديين بثورة الارز التي اوصلتنا الى الاستقلال الثاني سنة ٢٠٠٥”. 

كلاس

بدوره طرح كلاس تساؤلات ذات دلالة تأكيدية لحضور الطائفة ودور  آل فرعون في نسج علاقات توفيقية بين لبنان والدول العربية، حيث للروم الكاثوليك حضور”، وقال: “من وجوه اعتزازنا، اننا طائفة تصالحية سلامية، حيث لا خصوم ولا عداوات. ذلك بالإرتكاز إلى أن  حضور الروم الملكيين الكاثوليك ليس هو  نتيجة إحتسابية ولا هو عملية تفاضلية بين أكثريات وأقليات؛ متفاخرين بتواضع ايماني اننا نوعيةٌ روحية وحضارية حوارية، أنتجتها قلةٌ عددية تعكس وجوديتها الأكثرية، خارج أَسْرِيَّةِ العدد، مقدمين اوراق إعتمادنا للتاريخ اننا مرتكزُ الدائرة في مفهوم (التكاملية الدينية) التي  يمتازُ بها لبنان وتَحْضرُ في المشرق العربي بإندفاعية سلامية تقاربية مايزة لهويتها، كعلامة فارقة في تقعيد أسس التعارف والتفاهم والتسالم، بين مسيحيي هذه المنطقة ومسلمي هذه المنطقة، كأهلِ  منطقة ورعايا إيمانيْن، نحتكم إلى مسؤوليتنا في تحصين حضارة العيش التشاركي”.

ديب

ثم كانت كلمة الكاتب كمال ديب قال فيها: “دأبت منذ سنوات على البحث عن جذور الأسر في لبنان، وخاصة تلك التي ارتبطت بصعود بيروت وازدهار لبنان الحديث. وآل فرعون هم اسرة بيروتية عريقة يعد حضورها في عاصمة لبنان ٢٢٥ سنة ولها دور بارز في تاريخ لبنان والمشرق وحضور واسع في تأسيس وسيرة كنيسة الروم الكاثوليك الملكيين وكذلك في عالم المال والاعمال حيث اسسوا بنك شيحا وفرعون في القرن التاسع عشر وظهر منهم وزراء وزعماء سواء في ولاية بيروت ام في دولة لبنان الكبير ومنهم الوزير المرحوم هنري فرعون والوزير السابق ميشال فرعون”. 

فرعون

من جهته قال الوزير السابق فرعون: “كيف يمكن أن نتصوّر اليوم 113 سنة من الاضطهاد والهجرة لأبناء الطائفة الكاثوليكية، حتى الاعتراف بهم من السلطات، ومن أين أتتهم هذه القدرة على الصمود، ورفض الهيمنة على الكنيسة الانطاكية دفاعا عن تاريخها وهويتها العربية المشرقية، حتى لقبت كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك بكنيسة العرب. وإن جوهر القضية كما الكثير من القضايا يبقى في الدفاع عن الهوية وسيادة القرار”.

وأكد أن “الخيط يمر عبر بيروت الهاجس التي نعمل من أجلها، بيروت الرسالة، العيش الواحد، الحضارة، الاقتصاد الحر، الواجهة المرفئية، وأي محاولة من أي طرف للتخلّي عن تراث وروحية وميثاق بيروت يعني القضاء على أسس صيغة لبنان، وهنا تكمن رمزية الانتخابات البلدية في بيروت. والخيط نفسه، يمر عبر العودة الى حياد لبنان الايجابي الذي نادى بتفاصيله هنري فرعون الذي جسّد هوية عائلتنا المسيحية والعربية المنفتحة على الاسلام”، مشدداً  على “استمرار النضال من أجل السلام ودولة القانون والعدل والامن، ووقف هذا الفساد وعودة قرار الحرب والسلم كاملا الى الدولة، والسير الرسمي الممنهج نحو  العودة الى الحياد الايجابي”.

العبسي

وختاما كانت كلمة راعي الاحتفال البطريرك العبسي وقال فيها: “أشكر معالي الوزير والصديق ميشال فرعون على دعوته لي للمشاركة في فرح توقيع الكتاب الجديد الذي ألّفه الدكتور كمال ديب عن تاريخ أسرة آل فرعون قسّيس والذي يروي فصولًا وأيّامًا من حياة هذه الأسرة الروميّة الملكيّة الكاثوليكيّة وخصوصًا علاقتها بكنيستنا ودورَها فيها. من يقرأِ الكتاب يتبيّن له بوضوح أنّ تاريخ هذه العائلة هو جزء من تاريخ كنيستنا ونموذج. كذلك تاريخ عائلات أخرى يذكرها المؤلّف.

في الواقع فإنّ كنيستنا هي كنيسة عائلات، هي شبكة مؤلّفة من عائلات تمتدّ في الجذور وفي الأفرع، عموديًّا وأفقيًّا في الوقت عينه. لذلك هي من ناحية متجذّرة حيث توجد ومتّصلة ومتواصلة بعضها ببعض من جهة أخرى، ممّا أعطاها ميزتها التي تعرف بها في الانفتاح والوطنيّة معّا، في الانتماء من دون تعصّب وتقوقع وفي تقبّل الآخر من دون فقدان الهوّيّة في آن واحد. هذا هو غناها وهذه هي قوّتها. الخطر الداهم هو أن ننجرّ إلى إيديولوجيّات قاتلة غير قابلة للاستمرار من كثرة وبقدر ما هي نقف بإزاء، بمواجهة الغير وتصنّف هذا الغير. هذا ما عبّر عنه السيّد ميشال فرعون بقوله في الكتاب: “الكنيسة الكاثوليكيّة كانت في صلب انتمائنا واهتمامنا، ونداء الواجب عندنا حاضر تجاهها”. وقد اختصر الكاتب تاريخ آل فرعون بقوله: “أل فرعون هي أسرة مسيحيّة عريقة نشأت في بلاد الشام قبل خمسمئة عام على الأقلّ، اشتهرت بنشاطها الملحوظ في التجارة والصناعة والمصارف، وانتشرت في سورية ولبنان ومصر وإيطاليا وفرنسا والنمسا وبلدان أخرى. وساهمت في ولادة كنيسة الروم الملكيّين الكاثوليك وازدهارها، وحظيت بتقدير هذه الكنيسة بسبب نشاط العائلة الاجتماعيّ وأعمالها الخيريّة ومساهماتها الوطنيّة في البلدان التي استوطنت فيها” (ص. 49). ثمّ ما لبث المؤلّف أن وسّع هذه المقدّمة في الفصول السبعة عشر اللاحقة.

نجتمع اليوم في مناسبة علميّة ثقافيّة دينيّة ووطنيّة بامتياز، لنشهد معًا حفل توقيع كتاب “الفرعون والقسيس. آل فرعون: استقلال لبنان ومسار المشرق 1500-2024″، من تأليف الباحث الدكتور كمال ديب. هذا الكتاب ليس فقط شهادة موثّقة عن سيرة عائلة ملكيّة كاثوليكيّة عريقة، بل هو إضاءة معرفيّة وتاريخيّة على أحد أوجه التراث الوطنيّ والدينيّ والاجتماعيّ في لبنان وسورية والمنطقة.

يتجاوز الكتاب الإطار العائليّ ليأخذنا في رحلة مدعومة بالمصادر والوثائق، توثّق لإسهامات آل فرعون، لا سيّما في شخصيّاتهم السياسيّة والروحيّة والاجتماعيّة، في خدمة الكنيسة الملكيّة الكاثوليكيّة، وفي دورِ هذه الشخصيّات في الحفاظ على هويّة كنيستنا وعلى التوازن الوطنيّ والدينيّ في المشرق العربيّ، في وجه التحدّيات التي تعاقبت على مرّ العقود.

لعب أفراد هذه العائلة أدوارًا مفصليّة في التاريخ الحديث للبنان، من خلال التزامهم العميق بقيم العيش المشترك، والانفتاح، والديمقراطيّة، وحقوقِ الإنسان، إلى جانب التزامهم المتجذّر في العمل الخيريّ والاجتماعي، سواء عبر مؤسّسات رعائيّة أو مبادرات إنسانيّة شملت جميع الطوائف والانتماءات، على حدّ قول السيّد ميشيل فرعون في الكتاب: لقد تربّينا تربية علمانيّة مدنيّة تقضي بأن نكون على مسافة واحدة من كلّ الطوائف.

أمّا في أوروبا، فقد حافظت العائلة، حيثما حطّت رحالها، على صلتها بالأرض والوطن والكنيسة، وكان أبناؤها خير سفراء للهويّة المشرقيّة، من خلال إسهاماتهم الفكريّة والاقتصاديّة والدبلوماسيّة، فشكّلوا جسور تواصل حضاريّ وثقافيّ بين الشرق والغرب.

كتاب “الفرعون والقسيس” ليس فقط توثيقًا لمسار عائلة، بل مرآةٌ لذاكرة جماعيّة، وشاهدٌ على تفاعل الكنيسة الملكيّة الكاثوليكيّة مع محيطها، وعلى قدرة العائلات الوطنيّة على تجسيد القيم الروحيّة والمدنيّة في آن واحد، وبيانٌ للسبب الذي من أجله لم يلجأِ الروم الملكيّون الكاثوليك إلى تأسيس أحزاب لأنّها تناقض حقيقتهم وتاريخهم، وتأكيد على أنّ الروابط العائليّة هي أقوى من كلّ الروابط وهي الروابط التي يتألّف منها المجتمع ومن ثمّ الوطن.

شكرًا للمؤلّف الشهير الأستاذ كمال ديب الذي أدرك هذه الحقيقة وشرع في كتابة “سلسلة العائلات اللبنانيّة، وشكرًا لدار النهار على نشر هذا العمل، وشكرًا وتهنئة لمعالي الوزير ميشال فرعون الذي سُررنا بأن أهدى الكتاب إلينا، آملين أن يشكّل هذا الكتاب تحفيزًا للقارئ المعاصر للبحث في تاريخ كنيستنا ومجتمعنا والسعي إلى تطوير أوطاننا بالعمل الجادّ والنزيه. شكرًا لكم جميعًا على حضوركم ومشاركتكم في إحياء هذا اللقاء”. 

وفي الختام الصور التذكارية وتوقيع الكتاب.

Spread the love

adel karroum