سالي حافظ ليست الأخيرة..
كتب صلاح سلام
جرأة الشابة سالي حافظ لم تُفاجئ أحداً من اللبنانيين بعد مكابدتهم الأمرّين مع المصارف، التي لم تتورع إداراتها عن حجز أموال المودعين، دون مراعاة لأبسط الحقوق القانونية والإنسانية، لأصحاب الحاجات الملحّة، وخاصة تأمين متطلبات العلاجات الطبية.
سالي حافظ ليست الأولى التي تقتحم المصرف لتحصيل بعض المال الضروري لعلاج شقيقتها التي تُعاني من مرض السرطان، وهي قطعاً لن تكون الأخيرة، طالما بقيت هذه الفوضى العارمة متحكمة في العلاقة بين المودعين والمصارف.
بسام الشيخ حسين سبق سالي في إقتحام المصرف الذي أودعه جنى عمره، بعدما يئس من تجاوب إدارة المصرف في إعطائه من ماله حفنة من الدولارات لعلاج والده المريض، فلم يكن أمامه إلا اللجوء إلى القوة للحصول على حقه المشروع من مدخراته، لإنقاذ والده من المصير المشؤوم.
مثل هذه الممارسات غير الطبيعية، والتي يضطر فيها بعض المودعين إلى التهديد بالعنف، ستتكرر وتزداد إتساعاً في مختلف المناطق، طالما بقيت الدولة على إهمالها المخزي لإصدار قانون الكابيتول كونترول لتنظيم العلاقة بين المودعين والمصارف، بما يحفظ حقوق أصحاب الأموال الشرعيين، ويُعيد الودائع لأصحابها.
ومثل هذه الحوادث ستأخذ طابعاً بطولياً عند الأكثرية الساحقة من اللبنانيين، طالما إستمرت جمعية المصارف على عنادها في التهرب من تحمل مسؤوليتها في الإنهيار، والتنكر للأرباح الطائلة التي جنتها من فوائد الهندسات المالية، وإنكار التحويلات المالية الكبيرة التي نفذها أصحاب المصارف منذ الأيام الأولى لإندلاع الأزمة المتفاقمة.
المأساة المحزنة أن المرض ينهش في أجساد المودعين وعائلاتهم، والجوع يفتك بأطفالهم، وأولادهم مشردين عن مدارسهم وجامعاتهم، وجهابذة السلطة يتقاتلون على الكراسي، ويتسابقون على ما تبقى من مغانم الحكم، ويعيشون في قصورهم وكأنهم في كوكب آخر، ولسان حال كل واحد منهم يقول : ومن بعدي الطوفان!!