سمير حمود لـ «الشرق»: الحلّ الأمني ليس حلاً وعلى الدولة الإسراع في معالجة الأزمة بإعادة تكوين القطاع المصرفي

سمير حمود لـ «الشرق»: الحلّ الأمني ليس حلاً وعلى الدولة الإسراع في معالجة الأزمة بإعادة تكوين القطاع المصرفي

بكل خطط السلطة السياسية منذ العام 2019 ونحن نعيش في حيرة من أمرنا، إذا كانت الودائع تبخرت.. ضاعت.. ذابت.. أو تليلرت.

ففي حالة الإنكار للوضع الراهن في الداخل يعلن صندوق النقد الدولي أن إقتصاد لبنان ما زال يعاني من ضغط شديد بسبب الجمود المستمر في الإصلاحات المطلوبة للإفراج عن أموال إغاثة بقيمة 3 مليارات دولار ويشدّد الصندوق على انه يجب الإعتراف بالخسائر الكبيرة في القطاع المصرفي اللبناني ومعالجتها، ويجب حماية صغار المودعين في لبنان بشكل كامل.

وفيما لم تتبلور الخطة الأمنية التي طالبت بها المصارف وموظفوها من الأجهزة الأمنية يستمر إضراب المصارف، رئيس إتحاد نقابات موظفي المصارف جورج الحاج يوضح أن الهدف من الإقفال هو تأمين سلامة الموظفين والمودعين في حال العودة الى العمل.

بموازاة ذلك، يضغط المودعون بدرجة عالية للغاية لإجبار النخب المصرفية على تحمل مسؤولياتها من خلال حملة قانونية وسياسية ومسلحة لإستعادة جزء من مدخراتهم.

واستشعارا بأيام مقبلة ستحمل ما لا يحمد عقباه على الصعد الأمنية المالية والإقتصادية والإجتماعية وليس تحذير صندوق النقد الدولي الأخير سوى خير دليل، وما تطالب به المصارف بأنه في حال قررت العودة الى العمل أن تكون القوى الأمنية قد إتخذت تدابير أمنية تحمي المصارف وتحفظ سلامة الموظفين والمودعين معا سوى دليل آخر على عمق الأزمة ولكن، هل التدابير الأمنية هي الحلّ؟

يؤكد الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود في حديث لجريدة «الشرق»: أن حلّ مشكلة أموال المودعين لا يكون بالإقتحامات بل بإقرار خطة شاملة تأخذ بعين الإعتبار كافة المسببات وتقوم بمعالجتها.

ومن المسلمات في نظرية حمود أننا لسنا ضد المصارف ولا بدّ للبلد من قطاع مصرفي ناجح، ولسنا ضد المودع التي يجب أن تعود أمواله إليه، فالمشكلة ليست بين مدير الفرع والمودع إنما في تأخر الدولة والسلطة السياسية في معالجة الأزمة بهذا الحجم التي لم تباشر باتخاذ الإجراءات الصحيحة.

ويقول، هناك أكثر من خطأ ينبغي تصحيحه، إقفال المصارف في وجه المواطنين وإنعكاسها على حياة المواطنين جميعا بينهم موظفي القطاع العام الذين يتخوفون من عدم تمكنهم من الحصول على رواتبهم وتنسحب تداعيات الإقفال على العمليات المصرفية الأخرى المتصلة بالتحويلات الى الخارج، أما الخطأ الثاني ينبغي تصحيحه أيضا هو موجة إقتحامات المودعين للمصارف لإستعادة جزء من أموالهم بأيديهم مشيرا الى ان تبرير العنف وإحتجاز الموظفين رهائن يفتح المجالات لإرتكاب أخطاء أخرى خطيرة.

ورأى حمود، أن أي حلّ لأزمة المصارف الذي يناقش في الحكومة ومع صندوق النقد يجب أن يراعي أمرين أولا حقوق المودع وثانيا تجنيب القطاع المصرفي أضرارا إضافية بعد كل ما مرّ به من أحداث وتحديات حرصا على دوره الحيوي في إستقرار لبنان.

وأضاف أن إستمرار القطاع المصرفي لا يعني بالضرورة إستمرارية المصارف التجارية نفسها، والحفاظ على حقوق المودعين ليس بالضرورة حصولهم على وديعتهم كاملة في يوم واحد خصوصا ان هذا الأمر ليس في متناول اليد لأن هناك إستحالة من ان يعيد مصرف لبنان الأموال الى القطاع المصرفي وأن يعيدها الأخير الى المودعين في الوقت الحاضر.

مضيفا: مهمتنا إعادة تكوين القطاع المصرفي وفق معايير دولية جديدة لإستعادة الثقة ولو تدريجيا ووضع خطة لإسترجاع أموال المودعين مؤكدا أن الحلّ الأمني لأزمة المصارف ليس حلاً متخوفا من جبهة مودعين تتحضر لإقتحامات ربما بالرصاص الحي، على الدولة أن تسارع فورا في معالجة هذا الموضوع والتعويض عن الأخطاء التي ارتكبتها في التعامل مع الأزمة منذ بدايتها أي منذ ثلاث سنوات.

ويتابع: لا لإعادة الهيكلة، المطلوب إعادة تكوين المصارف  بإبراز دورها المحوري في النهوض بالإقتصاد الوطني لكنه يجزم حمود أنه لا يمكن للقطاع المصرفي أن يعود الى عهده الذهبي في هذه المرحلة من دون إعادة تكوينه عبر إنشاء مصارف جديدة بمعايير دولية، مؤكدا ان المصارف في وضعها اليوم لا يمكن أن تستقطب الودائع كذلك لا يمكنها أن تعمل على تسليف القطاعات الإقتصادية إذ يقتصر عملها اليوم وللأسف على السحوبات النقدية عبر الصرّاف الآلي ATM ودفع الرواتب والأجور وسائر المستحقات.

وردا على سؤال، يلفت حمود الى أن إجمالي الكتلة النقدية المتداولة في ما يخص حركة السيولة مليار دولار لكن أخطر ما في الموضوع يكمن في أن قيمة الكتلة النقدية في الواقع ربما تفوق هذا المبلغ مشيرا الى ان المسألة الأساسية ليست في حجم الكتلة النقدية بقدر معالجة الأزمة المالية لتأمين حياة كريمة للجندي والقاضي والمعلم سائلاً: كيف نبني بلدا من دون

المعلم والقاضي والجندي؟

وإعتبر حمود أن الحكومة لا تملك خيارا اليوم سوى جذب العطف الدولي عبر صندوق النقد الذي يعتبر بمثابة شهادة  أو تأشيرة عبور الى الأسواق المالية العالمية بمعنى آخر تجميل الوجه الخارجي للبنان، لافتا الى ان الإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي هي إصلاحات بديهية والتجاوب معها ضروري لأن الإصلاح ضروري بغض النظر عن حاجتنا للصندوق مؤيدا كافة الإصلاحات التي يطالب بها صندوق النقد الدولي لتصحيح المالية العامة ووضع الدين العام على مسار مستدام لكنه في المقابل لم يوافق على خطة الحكومة فيما يتعلق بودائع الناس والقطاع المصرفي.

وختم في هذا السياق سائلاً: كيف يمكن لحكومة أن تقول أنها غير معنية بكبار المودعين بل فقط بحماية صغار المودعين؟ أي قطاع مصرفي يمكن أن يقوم من دون كبار المودعين؟.

Spread the love

MSK

اترك تعليقاً