شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – الثروة الدفينة لمن؟
طبيعي في بلد مثل لبنان أن يُفتح باب الحكي والقال والقيل على مصراعيه حول الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع الكيان العبري في فلسطين المحتلة حول ترسيم الحدود المائية تمهيداً للتنقيب عن النفط والغاز… فقد اعتاد القوم على الاختلاف على كل شيء، على لون اللبن والماء، فمن باب أولى أن يختلفوا على أمر بهذه الأهمية الستراتيجية وربما المصيرية في واقع لبنان الاقتصادي والمالي المنهار! مع الملاحظة أن الاختلاف عندنا حول هذه المسألة هو أقلّ بكثير ممّا هو عليه لدى العدو الإسرائيلي وقد دخل في البازار السياسي من باب انتخابات الكنيست.
وفي تقديرنا أن النقطة المركزية، يجب أن تكون مركّزة على المخاوف المشروعة من الطبقة السياسية التي ستضع اليد على الثروة الهائلة الدفينة في باطن الأرض تحت أعماق مياهنا الإقليمية والاقتصادية إذا بقيت الطبقة السياسية ذاتها هي المهيمنة على مقدّرات الوطن الصغير المعذّب الذي تحول فعلاً إلى مغائر للصوص وكهوف للفساد.
إن الذين يسنّون أسنانهم لنهش هذه الثروة كثيرون، وهم المعروفون بأنهم يأكلون الأخضر واليابس، كألسنة النار. يأكلون ولا يشبعون، ويشربون ولا يرتوون، ويُتخمون من التهام حقوق الناس والمال الحرام، ويكدّسون هذا المال في صناديق البلدان المشبوهة والشركات الوهمية فيما الناس تبحث في مكبّات النفايات عن لقمة مغمّسة بالذل والقهر والهوان.
فهل يمكن ائتمان هؤلاء على الغاز والنفط، هذا إذا قُيِّضَ لهذه الثروة ان تُستخرج وتبصر النور؟!.
من يصدّق أن هؤلاء، أنفسهم «ما غيرهم» سيكونون أمينين على هذه الثروة الطائلة التي هي من حق الشعب اللبناني البائس الحاضر وأجياله الآتية.
نحن نعرف أن اللبنانيين لا يصدّقون، وقد لا نبالغ على الإطلاق إذا ادّعينا أنهم يعرفون الحكاية من الألف إلى الياء، ومع ذلك فإنهم ينزلون البعض في منزلة الرسل والأنبياء والأولياء والقديسين، بل أبعد من ذلك فهم مستعدون لتطبيق الشعار التافه الغبي السخيف: «بالروح والدم نفديك..».
إنها ذروة الجهل والتخلف والبلاهة، ولعلها دليل فاقع على أن هذا الشعب «يستحق» ما ينزله به الذين يقودونه إلى الهلاك بفسادهم وارتكاباتهم. ولعل في هذا دليلاً على أن الفساد ضارب أطنابه، أيضاً، لدى الناس، فيكاد ألّا يتعفف عنه إلّا العاجز، فيصح الكلام المأثور «كما تكونوا يولَّ عليكم».
ولو كان في هذا الوطن المغلوب على أمره شعب مناضل بحق لما كان ليقبل بأن يغطي ما يدره الغاز والنفط الديونَ المتراكمة على لبنان، إنما كان ليجرّ اللصوص والفاسدين والمرتكبين من أذانهم لينتزع حقه من المال الحرام الذي أثروا به على حساب البلاد والعباد.