جهاز أمن المطار يعود الى الواجهة… رسائل الحزب إلى القائد الجديد
يحظى الموضوع الأمني في مطار رفيق الحريري بأهمية قصوى كونه المعبر الجوّي الوحيد في لبنان، وهو ما يجعله نقطة حسّاسة أمنيّاً بالنسبة إلى لبنان والمنطقة، بسبب موقعه ومحوريّته.
ونظراً إلى هذه الحساسية، تتولى أجهزة أمنية عدّة مهمّة أمن المطار، تمّ جمعها في إطار رسميّ بجهاز أمن يترأّسه ضابط من الجيش اللبنانيّ، ويشتمل على قيادة الجهاز وقطعات القوى المسلّحة العاملة في المطار.
وتتألف قيادة الجهاز من، قائد الجهاز، مساعد قائد الجهاز، فرع القيادة، وتتبع له غرفة عمليات، فرع الإدارة، فرع الشكاوى والتحقيقات، مفرزة استقصاء، أمانة سرّ مشتركة وعلاقات عامّة.
وتدخل في إطار هذا الجهاز جميع عناصر القوى المسلحة: من جيش وقوى أمن داخليّ وأمن عام ومفارز جمركيّة وحرس وإطفائيّة المطار.
وفي حين أنّ قائده يكون من ضبّاط الجيش اللبناني برتبة مقدّم على الأقلّ، فهو مرتبط في ما يتعلق بالشؤون العملانية، مباشرة بوزير الداخلية.
ووفق ما تقدّم، تبرز أهمية هذا الجهاز المختص بكلّ ما يجري ضمن حرم المطار، وقد ظهرت أهمية هذا الجهاز بالنسبة إلى “حزب الله” في عام 2008، حيث أدّى تغيير قائده الى ما يشبه الحرب الأهلية، واجتاح مسلّحو “حزب الله” بيروت بما عرف بأحداث 7 أيار، ونجح حينها بالقوة في إعادة العميد وفيق شقير الى موقعه في قيادة الجهاز.
ومنذ تلك الأحداث، تلجأ القوى السياسية والرسمية الى الإتيان بضابط من مقرّب من “حزب الله” لتولّي الموقع، وعلى الرغم من أنّ أغلبية الضباط في السنوات الأخيرة كانوا من المسيحيين، إلّا انّهم معروفون بقربهم من “حزب الله”.
وفي الأيام الماضية برزت من جديد قضية تعيين قائد جديد لجهاز أمن المطار، بعد إحالة القائد السابق العميد نبيل عبدالله على التقاعد، وتعيين العميد فادي كفوري مكانه، على اعتبار انّه مقرب من الأميركيين، ما أعاد المخاوف من إشكاليات جديدة قد تأتي مع هذا التعيين، وخصوصاً انّ التعيين اتى مترافقاً مع كلام عن عودة تهريب السلاح عبر الطائرات الإيرانية في مطار بيروت، وأعاد فتح أعين أجهزة مخابرات دول عدّة على المطار وحركته بالذات.
وفي هذا الإطار تنفي مصادر مطلعة على قضية التعيين هذا الكلام جملة وتفصيلاً، مؤكدة أنّ تعيين العميد كفوري اتى بالاتفاق التام مع وزير الداخلية نظراً إلى ارتباط قائد الجهاز عملانياً بوزارة الداخلية.
هذا من جهة، أمّا من الجهة الثانية فالعميد كفوري ابن المؤسسة العسكرية، ويتمتع بشخصية مؤسساتية بعيدًا عن السياسة، وهو تولى مهمات حساسة جدًّا في السنوات السابقة من خلال قيادته للقوة الضاربة في الجيش اللبناني، التي كانت عين القيادة وذراعها خلال معارك فجر الجرود، التي نفّذت مهمات حساسة ودقيقة عبر الاستطلاع او القنص او الاقتحامات الخاصة، وساهمت بشكل فعّال وكبير جدًّا بالنصر، كما كانت للقوة الضاربة مهمّات كبيرة في السنوات السابقة، وايضاً خلال التحركات الشعبية التي اندلعت في العام 2019، وخصوصاً على طريق الجنوب بعد توتر الاوضاع وتفاقمها، فكان لتدخّل القوة الضاربة الهادئ والحاسم في الكثير من الأحيان الدور الأساسي في إبعاد الفوضى، هذا عدا الادوار التي قامت بها في قضية المخدرات والمهربين والحملات الامنية التي نفّذت في أكثر من محافظة وأدّت الى تعطيل عدد كبير من مخططات التخريب التي تحضر الى لبنان.
وإذ تستغرب المصادر الكلام المثار حول التعيين، تؤكّد أنّها لن تتلقّى ايّ اعتراض من أحد، كما انّها بسبب إدراكها لحساسية جهاز أمن المطار اختارت ضابطًا له ذراع طويل في المؤسسة، وخصوصاً في العمليات الحساسة، وأثبت ذلك خلال عمله الطويل في مديرية المخابرات.
هذا بالإضافة الى انّ القانون العسكري يفرض إجراء تعديلات في بعض المواقع في مديرية المخابرات، تنسجم مع التراتبية العسكرية.
هذا على المستوى العسكري، إنّما على المستوى السياسي فقد أشار مصدر معارض لـ”حزب الله”، الى انّ ما نشر عن القائد الجديد هو رسالة واضحة له، ومفادها انّ عليه الالتزام فالأعين مفتوحة عليه، وهو تحت الاختبار، مشيرة الى أنّ ظروف اليوم مختلفة عن ظروف الـ 2006، و”حزب الله” قد بسط سيطرته على المطار ومحيطه بدءاً من الحمّالين وسائقي التاكسي وعمّال التنظيف الى كافة الأطر الموجودة هناك، ولم يعد لقائد الجهاز التأثير نفسه كما في السابق.
وذكّر المصدر بعملية خطف الطيار التركي ومساعده في العام 2013، لمبادلته مع ما سمّي بمخطوفي اعزاز، بالإضافة الى انّ موضوع الكاميرات الذي أثاره في العام 2006 النائب السابق وليد جنبلاط لم يفصح أحد عن مصيره لاحقاً، وبالتالي أغلب الظنّ لا يزال موجوداً ومرتبطاً مباشرة ومن دون الحاجة الى المرور بالأجهزة الأمنية، وبالتالي أضحى الأمر مختلفاً في أيامنا هذه، وربّما صار “الحزب” أقوى من أيّ جهاز أمنيّ في الوقت الراهن.