مرشح للرئاسة في إيران يحذر من هجوم أمريكي يهدد بـ”حرب شاملة”
حذر المرشح الرئاسي المحتمل لعام 2021 في إيران، الجنرال حسين دهقان، المستشار العسكري للمرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، من أن أي هجوم أمريكي على الجمهورية الإسلامية، في الأيام الأخيرة من إدارة ترامب، يمكن أن يؤدي إلى اندلاع “حرب شاملة” في الشرق الأوسط.
وفي حديثه إلى وكالة أسوشييتد برس، استخدم دهقان نبرة متشددة مألوفة لدى أفراد الحرس الثوري الإيراني، وهي قوة شبه عسكرية خدم فيها لفترة طويلة قبل أن يصبح وزيراً للدفاع في عهد الرئيس حسن روحاني.
لم يتبوأ جندي، بعد، منصب القائد المدني الأعلى لإيران منذ الثورة الإسلامية عام 1979، ويرجع السبب في ذلك جزئيًا إلى الشكوك الأولية التي تحوم حول القوات العسكرية التقليدية من أنها لا تزال موالية للشاه المخلوع. لكن المتشددين، في السنوات الأخيرة، أشاروا علانية إلى أن إيران تتحرك نحو دكتاتورية عسكرية نظرا لمشاكلها الاقتصادية والتهديدات الخارجية، خاصة بعد أن إنسحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في الثامن من مايو/ أيار عام 2018، من اتفاق طهران النووي الذي عقدته إيران مع القوى العالمية عام 2015.
قال دهقان، يوم الأربعاء: “نحن لا نرحب بأزمة. نحن لا نرحب بحرب. نحن لا نسعى وراء البدء بحرب”. أضاف: “لكننا كذلك لا نسعى وراء مفاوضات من أجل المفاوضات”.
ففي مقابلة في مكتبه المكسو بألواح خشبية في وسط طهران، وصف دهقان، 63 عاما، نفسه بأنه “قومي” مع “عدم وجود توجه سياسي تقليدي”. ومن المرجع ان يتم تسجيله للترشح، من بين كثيرين، لخوض انتخابات 18 يونيو/ حزيران، حيث أن روحاني المقيد لفترة محددة لن يتمكن من الترشح مرة أخرى. ومن المحتمل أن يكون من بين الآخرين شخص تكنوقراط شاب له علاقات بالمخابرات الإيرانية وكذلك الرئيس المتشدد السابق محمود أحمدي نجاد.
جاءت خدمة دهقان العسكرية تحت إمرة رئاسات تمثل الجماعات التي تشكل، إلى حد كبير، الساحة السياسية الخاضعة للسيطرة المشددة في إيران – الإصلاحيون يسعون لتغيير النظام الديني الإيراني ببطء من الداخل، المتشددون يريدون تعزيز النظام الديني وبينهم يأتي المعتدلون نسبيًا. وأما أولئك الذين يدعون إلى التغيير الجذري فإنهم ممنوعون من الترشح للمنصب من قبل هيئة الرقابة الدستورية الإيرانية القوية المعروفة بإسم مجلس صيانة الدستور، والتي تعمل تحت قيادة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.
وأثناء مناقشة الوضع العالمي الذي تجد إيران نفسها غارقة فيه، عكست وجهات نظر دهقان العديد من توجهات خامنئي. قال القائد السابق لسلاح الجو بالحرس الثوري الذي حصل على رتبة عميد إن أي مفاوضات مع الغرب لا يمكن أن تشمل الصواريخ الباليستية الإيرانية التي وصفها بأنها “رادعة” لخصوم طهران.
في الأسابيع الأخيرة، تصاعدت البروباغندا المتعلقة ببرنامج الصواريخ الإيراني؛ أظهرت الصفحة الأولى من صحيفة طهران تايمز الصادرة باللغة الإنجليزية، يوم الأربعاء، خريطة لمدى الصواريخ الإيرانية مع نجوم حمراء تحدد القواعد الأمريكية في جميع أنحاء المنطقة تحت عبارة “تراجع!” وهي مطبوعة بأحرف كبيرة وجريئة. وحذر عنوان رئيسي من أن إيران سترد على “أي مغامرة سوداوية من قبل ترامب”.
وقال دهقان إن “جمهورية إيران الإسلامية لن تتفاوض على قوتها الدفاعية… مع أي شخص تحت أي ظرف من الظروف”. واعتبر ان “الصواريخ هي رمز للإمكانات الهائلة الموجودة في خبرائنا وشبابنا ومراكزنا الصناعية”، محذرا من أي تصعيد عسكري أمريكي في اسابيع ترامب الأخيرة في منصبه.
ولفت دهقان الى “صراع تكتيكي محدود يمكن أن يتحول إلى حرب كاملة”، جازما: “بالتأكيد، لا يمكن للولايات المتحدة والمنطقة والعالم تحمل مثل هذه الأزمة الشاملة.”
قال الرئيس المنتخب جو بايدن إنه على استعداد للعودة إلى الاتفاق النووي، الذي شهد رفع العقوبات عن إيران مقابل تقييد طهران لتخصيب اليورانيوم، إذا التزمت إيران أولاً بحدودها. ومنذ انسحاب ترامب، تجاوزت إيران جميع قيود الاتفاق مع استمرار السماح للمفتشين النوويين التابعين للأمم المتحدة بالعمل في البلاد. وقال دهقان إن عمليات التفتيش التي تجريها الأمم المتحدة يجب أن تستمر طالما أن المفتش ليس “جاسوسا”.
وكان انفجر مصنع تجميع أجهزة طرد مركزي متقدم في موقع نطنز النووي الإيراني واشتعلت فيه النيران في يوليو/ تموز. قال دهقان إن إعادة الإعمار في نطنز مستمرة، بعد أن أظهرت صور الأقمار الصناعية أعمال بناء جديدة في الموقع، ووصف الحادث بأنه “تخريب صناعي”. وأضاف دون الخوض في التفاصيل: “من المحتمل أن يكون المسؤولون عن تركيب بعض الأجهزة قد أجروا بعض التغييرات هناك أدت إلى الانفجار”.
من المحتمل أن يتم النظر إلى رئاسة دهقان بريبة في واشنطن وباريس، إذ انه أشرف، بصفته قائدًا شابًا في الحرس الثوري، على عمليات في لبنان وسوريا بين عامي 1982 و1984 -وفقًا لسيرة ذاتية رسمية قدمت إلى البرلمان الإيراني في عام 2013- وكانت حينها إسرائيل، العدو اللدود لإيران في الشرق الأوسط، قد غزت لبنان وسط الحرب الأهلية.
في عام 1983، هاجم انتحاري في شاحنة محملة بالمتفجرات ثكنة مشاة البحرية الأمريكية في بيروت، مما أسفر عن مقتل 241 جنديًا أمريكيًا و58 جنديًا فرنسيًا. وبينما نفت إيران منذ فترة طويلة تورطها، وجد قاضي محكمة جزئية أمريكية في عام 2003 أن طهران مسؤولة، وقال إن سفير إيران في سوريا في ذلك الوقت دعا “عضوًا في الحرس الثوري الإيراني وأمره بالتحريض على تفجير ثكنات مشاة البحرية”.
نفى دهقان بشدة تورطه في التفجير رغم أنه كان القائد الأعلى للحرس هناك في ذلك الوقت، وقال: “تحاول الولايات المتحدة ربط أي شيء يحدث في العالم بشخص ما في إيران”، سائلا: “هل لديهم حقاً دليل؟ لماذا يربطونه بي؟”
وبينما شدد على أنه يريد تجنب الصراع، حذر دهقان من أن الوجود الإسرائيلي المتزايد في الشرق الأوسط يمكن أن يتحول إلى “خطأ استراتيجي”. توصلت إسرائيل إلى اتفاقيات تطبيع مع البحرين والإمارات العربية المتحدة فضلا عن السودان. قال: “إنها تفتح جبهة واسعة”، وأضاف: “تخيل فقط أن كل إسرائيلي في أي قاعدة عسكرية يمكن أن يكون هدفًا لمجموعات تعارض إسرائيل”.
وقال دهقان أيضا إن إيران تواصل سعيها لطرد جميع القوات الأمريكية من المنطقة انتقاما لضربة الطائرات الأمريكية بدون طيار في بغداد التي قتلت الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في يناير/ كانون الثاني. وبعد هذه الضربة، قامت إيران بشن هجوم صاروخي باليستي انتقامي على القوات الأمريكية في العراق، مما أدى إلى إصابة العشرات وكاد أن يشعل هذا الهجوم فتيل الحرب في المنطقة.
وقال دهقان إن الضربات الإيرانية الانتقامية كانت مجرد “صفعة أولية”. وأضاف أنه لن تكون هناك، جزئيًا بسبب ذلك، عودة سهلة للمفاوضات مع الولايات المتحدة.
وقال “نحن لا نسعى إلى وضع يشتري فيه (الطرف الآخر) الوقت لإضعاف أمتنا”.
AP | Al-Bayrak