هل الرئيس الأمريكي سيتجاوز ولي العهد السعودي في حل قضايا المنطقة أم ليس لديه من خيار سوى إشراكه؟
قرّر الرئيس الأمريكي إعادة “تنظيم” علاقة واشنطن مع الرياض. لكن مراقبين يشكِّكون في إمكانية تجاهل ولي العهد الذي يُعتبر الحاكم الفعلي! فهل يمكن لإدارة بايدن تجاوزه في حل قضايا المنطقة؟
يسعى الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إلى إعادة تقييم علاقته مع السعودية، ولهذا يبدو أنّه سيحاول الإستغناء عن ولي العهد، محمد بن سلمان، ويقوِّي علاقته مع والده، الملك سلمان بن عبد العزيز، في إستراتيجية مختلفة عن سلفه دونالد ترامب.
وذكرت المتحدِّثة بإسم الرئاسة الأمريكية، جين ساكي، خلال مؤتمرها الصحفي اليومي، أن “إدارة بايدن كانت واضحة منذ البداية في رغبتها بإعادة ضبط علاقة واشنطن بالرياض”.
وتذكر صحيفة “كوريير Kurier” النمساوية (16 شباط/ فبراير 2021)، نقلًا عن خبراء، أنه رغم كون محمد بن سلمان هو الحاكم الفعلي للمملكة، ولكن سمعته تضرَّرت كثيرًا بسبب مقتل الصحافي جمال خاشقي، والذي دفع حكومة بايدن لإتخاذ نهج جديد في التعامل مع السعودية، خاصة أن الإدارة الأمريكية الحالية حاولت حث المملكة على إحراز تقدم في مجال حقوق الإنسان، من بينها إطلاق سراح الناشطات والنشطاء المعتقلين بسبب دفاعهم عن حقوق المرأة والإنسان في المملكة.
ويؤكد موقع بلومبرغ هذا، قائلًا أنّ العلاقة بين البلدين لم تنكسر، مشيرًا إلى أن مسؤولين أمريكيين لازالوا يرغبون بتقديم المساعدة للسعودية للدفاع عن نفسها ضد إيران، متوقِّعين أن تعمل الولايات المتحدة عن كثب مع سلطات المملكة للمساعدة في إنهاء الحرب التي تقودها في اليمن المجاور.
وبحسب ساكي، فإنّ واشنطن ستدفع بوزير الدفاع، لويد أوستن، للتعامل مع ولي العهد، والذي يشغل منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع، في توجُّه يضع بن سلمان في منزلة مختلفة عما كان عليه في ولاية ترامب، فيما يسمى بـ”قنوات أكثر تنظيماً وروتينية”.
هذه الخطوة إعتبرها الباحث البارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي والمسؤول السابق في قسم الشرق الأوسط بوزارة الخارجية الأمريكية، آرون ديفيد ميللر، “صفعة لمحمد بن سلمان، الذي تعتبره الإدارة الأمريكية الحالية متهوِّرًا وعديم الرحمة”، حسب ما نشر موقع بلومبرغ.
كيف رفع ترامب من شأن بن سلمان؟
لطالما إنتقد ترامب المملكة السعودية قبيل إنتخابه، إذ خرج في فترة دعايته يطالبها بدفع مبالغ مالية للولايات المتحدة، “مقابل الحماية”، والذي تحقّق له لاحقًا بعد أن كانت الرياض أول عاصمة يزورها في بداية ولايته.
ولكن في فترة رئاسته، تغيّر الموقف سريعًا، وترى المحلِّلة، جاكي نورثام، في لقاء إذاعي مع محطة NPR الأمريكية عام 2019، أن هذا التغيير “لا يعود فقط إلى الإستثمار المالي السعودي في الولايات المتحدة فقط، بل إلى إستثمارها المال في الشركات الخاصة بترامب”، مضيفة أن “المال هو ما جمع الطرفين”.
وكان ترامب قد إستقبل ولي العهد السعودي في البيت الأبيض عام 2018، وسعى وقتها إلى إظهار عمق العلاقات السعودية الأمريكية، من خلال تشديده على علاقات “صداقة كبيرة” بينهما، قائلاً “نفهم بعضنا البعض”، في إشارة إلى بن سلمان، وذلك رغم تشوّه سمعته في الأوساط الرسمية في واشنطن عقب مقتل خاشقجي. وإستطاع ترامب أن يحمي بن سلمان من أي عقوبات كان من الممكن أن تواجهه بعد إغتيال خاشقي، وذلك حسب ما كتب موقع بوليتيكو. من جهة أخرى، فإن علاقة وثيقة جمعت بين صهر ترامب، جاريد كوشنر، ومحمد بن سلمان، إستمرت حتى نهاية ولاية ترامب.
ما الذي يعنيه هذا بالنسبة لليمن؟
من أُولى القرارات التي إتخذها بايدن، بعد دخوله البيت الأبيض، هو وضع حد للدعم الأمريكي للحرب التي تقودها السعودية في اليمن، والتي إعتبر أنها تسببت بـ”كارثة إنسانية وإستراتيجية”.
وتعد رغبة بايدن بإعادة “تنظيم العلاقة” مع بن سلمان، كمحاولة “لإرسال إشارة بأن الرئيس الأمريكي يريد أشياء معيَّنة من ولي العهد، من بينها إنهاء الحرب في اليمن”، كما يذكر مارتن انديك، المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط سابقًا.
وبالنظر إلى ديناميكيّات اليمن المعقَّدة، يقول محلِّلون إن قرارات بايدن تعيد الزخم للحل الدبلوماسي، وقد تُكسبه دعم النشطاء الحقوقيين، الذين يريدون من الولايات المتحدة فرض عقوبات إقتصادية شخصية على بن سلمان.
فيما يرى آخرون أن فريق الرئيس الأمريكي ليس لديه خيار سوى إشراك وليّ العهد، إن كان يريد تحقيق أهداف مثل إنهاء الحرب في اليمن، إذ أنّ محمد بن سلمان هو الزعيم السعودي الفعلي، فالملك، نظرًا لسنِّه، “لا يتعامل مع القضايا اليومية، وفي النهاية سيرغبون بالتحدث مباشرة مع ولي العهد”، حسبما ذكر موقع بولتيكو الأمريكي نقلًا عن رجل الأعمال، المقرَّب من العائلة المالكة، علي الشهابي.
وكانت واشنطن قد أعلنت عن خفض الدعم الأمريكي المحدود، بالفعل، للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، ووعدت في الوقت ذاته بمساعدة السعوديين على تعزيز دفاعاتهم ضدّ المتمردين الحوثيين في اليمن ومسانديهم في إيران، البلد الذي يراه السعوديون يشكل تهديدًا حقيقيًّا. كما عيّن بايدن الدبلوماسي المخضرم، تيم ليرنكينغ، مبعوثًا خاصًّا يركِّز على إنهاء الحرب في اليمن.
News agencies