جو سلوم نقيب الصيادلة لـ «الشرق»: حجم الإستيراد السنوي لدواء السرطان 500 مليون دولار
هاني نصار: الأدوية السرطانية إما مقطوعة أو محدودة الكمية

جو سلوم نقيب الصيادلة لـ «الشرق»: حجم الإستيراد السنوي لدواء السرطان 500 مليون دولارهاني نصار: الأدوية السرطانية إما مقطوعة أو محدودة الكمية

لو كان لدى السلطة السياسية الحد الأدنى من الضمير، لما إرتضى أي منهم البقاء في موقعه. صحيح لم يبق قطاع بمنأى عن تداعيات الإنهيار الإقتصادي لكن ربما الأكثر ألما ما يعانيه القطاع الصحي من إنقطاع أدوية الأمراض المستعصية والسرطانية، إذ ليس امام المرضى إلا ما متوافر حاليا. أدّى شح الأدوية الى إرتفاع ثمنها بشكل كبير جراء سعر صرف الليرة مقابل الدولار وتفاقمت معاناة المرضى الذين باتوا بغالبيتهم عاجزين عن توفير علاجاتهم أو تحمّل كلفة شرائها يلازمون منازلهم ويواجهون لوحدهم المرض الخبيث بانتظار الموت، لا يناصرهم من ينتصرون لهم لا بل يتنكرون لأوجاعهم. ومع إزدهار عمليات التهريب والإحتكار والتلاعب بالأسعار نشطت سوق سوداء لأدوية

الأمراض المستعصية والسرطانية فيما يبحث المرضى عبثا عن ادويتهم في صيدليات باتت رفوفها فارغة، وفي وزارة صحة باتت عاجزة عن معالجة ملف الإستشفاء حتى جاءت فضيحة تبخر كمية كبيرة من دواء مرضى السرطان المناعي Obdivo المقدمة هبة من منظمة ANERA الأميركية الى وزارة الصحة اللبنانية لتؤكد عجزها. منذ أشهر، إرتفعت أصوات مرضى السرطان والأطباء والجمعيات المعنية في لبنان للمطالبة بإيجاد حلّ لانقطاع الأدوية الذي يهدد حياتهم، هؤلاء المرضى يعيشون معاناة لا توصف وهم يترقبون تأمين أدويتهم الكفيلة بإنقاذ حياتهم إذ ان الضغوط تزيد بمعدل أضعاف مع إنقطاع الأدوية. مؤسس جمعية بربارة نصار لدعم مرضى السرطان هاني نصار قال في حديث لجريدة الشرق: إن خيارات علاج السرطان تشمل الجراحة، المعالجة الكيميائية، المعالجة الإشعاعية وقد تتوافر تلك العلاجات في المستشفى أما العلاج الدوائي الإستباقي يسمح للمريض بتلقي العلاج في المنزل، إلا ان حوالى 60% من تلك العلاجاتاالمدعومة غير متوفرة مشيرا الى أن كلفة العلاج المناعي وحده الذي يعرف بالعلاج البيولوجي تبدأ بـ 3000 دولار اميركي. سائلاُ كيف لهم دفع كلفة العلاج في بلد بات فيه نحو 80% من السكان تحت خط الفقر مضيفا: أن المئات من المرضى قد يموتون لعدم تلقيهم العلاج المناسب، ويضيف حين يتم الإعلان عن وصول دواء سرطان الى لبنان نتحدث هنا عن كميات قليلة لا يستفيد منها جميع المرضى وقد إضطر بعضهم الى التوقف عن العلاج والنتيجة أن حالتهم الصحية تسوء أكثر. ويؤكد نصار، أن رفع الدعم طاول بعض العلاجات الكيميائية التي لديها جينيريك أو اكثر من ماركة، لافتا الى ان العلاجات المدعومة غير متوفرة، في حين أن أدوية السرطان الهادفة التي تعطى للمريض في المنزل مثل الحبوب والعقاقير باهظة الثمن قد يصل سعرها الى 10.000 دولار أميركي لكن للأسف أن بعض هذه الأدوية لا بدائل جينيريك لها. أما ما هو متوفر من العلاجات في المستشفيات تتفاوت بين 5 ملايين و25 مليون ليرة يتكبدها المريض وأن هناك بعض المرضى توقفوا كليا عن تلقي العلاج لأنهم عاجزون عن دفع حتى فرق الضمان في المستشفيات فتتدهور حالتهم بسرعة ويعود المرض للتمكن من أجسادهم ويصبح الشفاء أصعب، وذلك بسبب عدم توفر العلاجات المدعومة في المسشفيات وفي وزارة الصحة لتتسع شريحة المهددين بخطر إنتشار المرض من جديد عتبة المئات، وليس هذا وحسب، فقد تردّد أن عددا من المرضى إستحصلوا على أدوية سرطان تبين في ما بعد أنها مزورة تدهورت صحتهم بغضون أسابيع. على الرغم من الإبقاء على دعم الأدوية السرطانية تعمد العديد من المستشفيات ومراكز علاج السرطان على فرض فروقات مالية تصل الى 6 ملايين ليرة على مرضى السرطان لتغطية تكاليف علاجهم فيما الجهات الحكومية الضامنة عاجزة عن تأمين كلفة العلاج. ما حتّم علينا البحث عن ادوية جينيريك في دول كالهند بحيث نسعى لتامين التواصل بين المريض والشركات المصنعة للحصول على ادويته بأسعار معقولة، وهناك من المرضى من يوصي عليه من تركيا أو أي دولة أخرى بسعر أرخص لكنها خارجة عن الرقابة. أما المشكلة الثانية، أن مستوردي الأدوية يعانون هم أيضا من الإجراءات التي يقوم بها مصرف لبنان لجهة التاخير في إعطاء الموافقات المسبقة والتحويلات اللازمة لسداد مستحقات شركات الأدوية في الخارج الأمر الذي أدّى الى عدم توفر الأدوية. ولم ينس المحارب نصار أن يتحدث عن مشكلة تتعلق بأدوية المورفين التي يستغرق إستيرادها وقتا أطول مقارنة بالأدوية الأخرى فإما مقطوعة أو الكمية محدودة في هذه الحال يدفع المرضى ثمن هذا التأخر أو عدم توفره خصوصا ان شركة واحدة تستورد هذه النوعية من الأدوية، والأهم من ذلك، يمكن أن يسبب علاج السرطان وعلاجاته الإصابة بالإسهال او الإمساك فيحتاج المريض أدوية للحدّ منها أو أدوية لعلاج الغثيان والقيء وجميعها باهظة الثمن لا تتحمل تكاليفها أي من الجهات الضامنة يعني قد تصل كلفة العلاج شهريا الى حدود 1000 دولار اميركي شهريا متحدثا عن دور الجمعية في مساندة المرضى واهلهم ماديا ومعنويا وتأمين أدويتهم. وأشار الى أن هناك 30 ألف مريض سرطان يخضع للمعالجة في لبنان بحسب تقرير منظمة الصحة العالمية في العام 2021 و12 ألف حالة جديدة كل عام بحسب إحصائيات وزارة الصحة أما توقعات نصار، فإن أعداد مرضى السرطان في لبنان أكثر بكثير من تلك الأرقام فضلا عن أنه يتم تسجيل أكثر من 2500 إصابة جديدة سنويا بسرطان الثدي متوقعا إرتفاع العدد الى نحو 5000 إصابة خلال السنوات المقبلة. وختم نصار متفائلاً، بأن معاناة المرضى بالبحث عن ادويتهم يمكن ان تنتهي مع توفر حلّ تجريبي أطلقته وزارة الصحة عبر دخول المكننة الى برنامجها الذي برأيه سيخفف من عذاب المريض ومن تهريب وتخزين الأدوية. برامج المكننة المستحدثة التي بدأ تنفيذها تباعا وبموجبها سيعمل مستودع الكرنتينا وفق برنامج إسمه «Management System LMS Logistic» وهدفه حركة تتبع الدواء والحدّ من إنقطاعه الذي يتكرر في السوق من خلال تكامل العمل بين الأفرقاء المعنيين بدءا من الوزارة والمريض الى الطبيب والمستشفى والصيدلية، هذه الخطوة جيدة جدا بحسب نقيب الصيادلة في  لبنان جو سلوم مؤكدا في حديث لجريدة الشرق: ان الدور التنظيمي الذي ستقوم به الوزارة بين شركات استيراد الدواء والمستشفيات من شأنه ان يساعد في تامين الدواء الذي يحتاج إليه المريض بالتالي تحدّ من عمليات تهريب الأدوية لا سيما المدعومة منها الى الخارج.

وقال سلوم، إن المشكلة الأساسية تكمن في عدم توافر هذه الأدوية دائما وإنقطاع المرضى عن تناولها مؤكدا أن لبنان يعاني من نقص في الأدوية المستعصية والسرطانية التي لا تتوفر لدى الموزعين وفي الصيدليات ولا يمكن إنتاج معظمها محليا، من المقلق للغاية أن نرى الأشخاص الذين كانت حالتهم مستقرة تتدهور مرة أخرى لأنهم لم يتمكنوا من الوصول الى هذه الأدوية مما يجعل شريحة كبيرة محرومة من العلاج بسبب إنقطاع الدواء مشيرا الى غالبية أدوية السرطان مدعومة إذ يبلغ حجم الإستيراد السنوي لدواء السرطان حوالى 500 مليون دولار، قائلاً: إن مصانع الأدوية في لبنان يجب أن تلقى الدعم كي تتمكن من مضاعفة الاهتمام بصناعة الأدوية المستعصية والسرطانية لتامين حاجة المرضى لأن الأدوية المصنعة محليا الى الآن لا تغطي السوق اللبنانية مشيرا الى وجود كميات دواء مهربة من جميع البلدان المجاورة وغالبيتها إما مزورة أو منتهية الصلاحية وأحيانا قد تكون الأسعار مضاعفة عن الكلفة الحقيقية دون حسيب ولا رقيب حيث تم إكتشاف دواء للسرطان في إحدى المستشفيات من تركيا يحتوي على المياه فالتهريب يفتح الباب امام الأدوية المزورة مؤكدا ان الدولة سجلت فشلا في إدارة هذا الملف، إذا لم تكن هناك إرادة وقرار سياسي لدى الدولة الللبنانية بمنع التهريب بالتالي المريض هو من يدفع الثمن ليس بالسعر فقط إنما بنوعية الدواء، هنا تحدث عن أدوية تباع في السوق السوداء إستفحلت مع إنهيار قيمة الليرة وعجز المسؤولين عن المواجهة الفعلية مشددا على أن موضوع المكننة قد يسمح بتنظيم تتبع الدواء.

وختم مؤكدا ان أدوية الأمراض المستعصية والسرطانية لا تباع في الصيدليات تعطى للمريض في مستودع الكرنتينا والمستشفيات الحكومية وجزء قليل منها يصرف في الصيدليات بالتالي هذا الموضوع هو خارج الصيدليات وقد ناقشنا الجزء القليل منها الذي يباع في الصيدليات مع وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض وأكدنا إستعداد القطاع الصيدلي في المساعدة والمساهمة لإنجاح برنامج المكننة التي تقوم به وزارة الصحة. واضاف: ان الكميات القليلة المستوردة لا تكفي حاجة المرضى لطالما شدّدنا على ان المبالغ التي يخصصها مصرف لبنان غير كافية، فالأدوية خصوصا تلك المزمنة والسرطانية والمستعصية يجب ان تؤخذ في وقتها وإلا يتعرض المريض لانتكاسة وتتفاقم حالته الصحية.

Spread the love

MSK

اترك تعليقاً