«نيويورك تايمز»: الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل صفقة تاريخية لكنها ليست اتفاقية سلام
اعتبرت صحيفة نيويورك تايمز أن الاتفاق بين لبنان وإسرائيل على الترسيم البحري من شأنه أن يبعد خطر المواجهة العسكرية بين إسرائيل وحزب الله بعد مخاوف من التصعيد في حال انهارت المفاوضات.
ورأت نيويورك تايمز أن الصفقة التي تمت بوساطة أميركية وتفاوض غير مباشر، يمكن أن تساعد في نهاية المطاف على سد نقص الطاقة الناتج عن الحرب الروسية في أوكرانيا وتسهيل الأمر على شركات الطاقة لاستخراج الغاز من الأجزاء الشرقية من البحر الأبيض المتوسط، كما أن هذا الحدث سيشكل اختراقا ديبلوماسيا كبيرا بين جارين لا يزالان في حالة حرب وليس بينهما علاقات رسمية.
وعن مكاسب الجانبين رأى كاتب المقال باتريك كينجسلي أن الصفقة ستتيح لهما الحصول على مصادر جديدة للطاقة والدخل. وستمنح لبنان حقوق الحفر في حقل غاز متنازع عليه (قانا) وستفسح له مجالًا أكبر في المستقبل للسيطرة على ما يعانيه من أزمة مالية وأزمة الطاقة، وبالمقابل تؤكد الصفقة السيطرة الإسرائيلية على حقل آخر هو حقل كاريش.
وتضيف: لقد اعترف لبنان بالسيطرة الإسرائيلية الحالية على امتداد ثلاثة أميال من المياه الأقرب إلى ساحلهما المشترك، بينما اعترفت إسرائيل للبنان بالحق في الحفر في حقل غاز متنازع عليه سابقًا ويمتد بين المنطقتين الاقتصاديتين الإسرائيلية واللبنانية.
وتضيف الصحيفة: لقد حسم الاتفاق نزاعًا دام عقودًا حول موقع المناطق الاقتصادية الخالصة للبلدين في شرق البحر الأبيض المتوسط، والأماكن التي يحق لكل واحد منهما حصرا استخراج الموارد.
في المقابل ستحصل إسرائيل على تعويض عن أي غاز مأخوذ من جزء يقع داخل المنطقة الإسرائيلية من الحقل المعروف باسم قانا.
ويسمح الاتفاق لإسرائيل بالمضي قدما في استخراج الغاز من حقل كاريش دون خوف من انتقام حزب الله الذي كان أطلق تهديدات بعرقلة الجهود الإسرائيلية للتنقيب في كاريش إذا مضت إسرائيل قدما في العملية قبل التوصل إلى اتفاق.
وتذكر الصحيفة أنه في وقت سابق من هذا العام، أسقط الجيش الإسرائيلي عدة طائرات بدون طيار أرسلها حزب الله كتحذير تجاه المنصة في كاريش، مما أدى إلى مخاوف من تصعيد أوسع إذا انهارت المفاوضات.
أما عن الآلية التي سيتم من خلالها الاتفاق فتقول الصحيفة نقلا عن مسؤول غربي كبير ومسؤول إسرائيلي مطلع على شروط الاتفاقية «ليس هناك بين إسرائيل ولبنان علاقات دبلوماسية وسيتخذ اتفاقهما شكل اتفاقيتين منفصلتين مع واشنطن: واحدة بين إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، والأخرى بين الولايات المتحدة ولبنان بدلاً من اتفاق مباشر بين إسرائيل ولبنان».
وهنا تنقل الصحيفة رأي أرييل إزراحي – الخبير في ديبلوماسية الطاقة في الشرق الأوسط حيث يقول: «لا أحد منا لديه أوهام بأن هذه هي اتفاقية سلام، أو أي شيء من هذا القبيل».
ومع ذلك «لا يمكننا التقليل من أهمية هذه الاتفاقية، ليس فقط بالنسبة للبنان وإسرائيل ولكن للمنطقة ككل وخارجها بما فيها أوروبا».
وعن الفترة الزمنية لبدء الحصول على عائدات من عمليات الاستخراج من الحقول اللبنانية تقول الصحيفة «إن الأمر سيستغرق عدة سنوات حتى الوصول إلى توزيع الطاقة المستخرجة على السوق اللبنانية أو بيعها في الأسواق الخارجية (خصوصا الأوروبية)». وتضيف نقلا عن أسعد جبران – المستثمر في سوق الطاقة في الشرق الأوسط: «إن تحقيق الدخل من هذا المجال يستغرق سنوات لكنها خطوة جيدة للمضي قدما نحو تنمية الاقتصاد والحكم الناجح في لبنان».
وتتحدث نيويورك تايمز عن الوضع المتأزم داخل إسرائيل فترى «أنه لا يزال من الممكن أن تتعثر الصفقة إذا قرر رئيس الوزراء يائير لبيد طرحها للتصويت في البرلمان، حيث فقدت الحكومة أغلبيتها».
وتشير في ذات الوقت إلى موقف زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو الذي «ندد بالصفقة ووصفها بأنها مكافأة لحزب الله وستجعله أكثر قدرة على التحرك ضد إسرائيل في المستقبل».
وكان نتنياهو استبق الصفقة بالقول إن «إسرائيل بحاجة إلى قيادة مختلفة، هي بحاجة إلى رئيس وزراء متمرس وقوي يقاوم الضغط ولا ينثني في وجه التهديدات»، كما أن اليمين الإسرائيلي يعتبر بأن لبيد هو رئيس وزراء مؤقت فقط وهو يفتقر إلى الشرعية لاتخاذ مثل هذا القرار المهم.
رداً على ذلك قالت الحكومة الإسرائيلية «إن نتانياهو هو من أضر بأمن إسرائيل بتقديم حزب الله على أنه المنتصر». وقالت وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الحرار هذا الشهر: «لقد كان نتنياهو ينشر مقاطع فيديو تستخدم كدعاية لصالح حزب الله».
وتختم الصحيفة نقلا عن مسؤول غربي كبير قوله «إن نتانياهو كان على وشك الموافقة على صفقة متطابقة تقريبًا عندما كان في السلطة». لكن المتحدث باسم نتنياهو، عوفر غولان نفى أن «تكون الصفقتان متطابقتين».