«ملتقى التأثير المدني» ناقش المادة 95
يونس: الطائف قضى بإلغاء الطائفية
أطلق ملتقى التأثير المدني اللقاء الأول من مسار «الحوارات الصباحية» الشهرية، امس في فندق «جفينور – روتانا» الحمرا في حضور نخبة من أركان القانون والدستور والثقافة والفكر والإعلام، وفاعليّاتٍ أكاديميّة، وناشطاتٍ وناشطين في المجتمع المدني.
اللّقاء الاول أتى تحت عنوان «جوهر وثيقة الوفاق الوطني المادّة 95 من الدّستور»، والقى
رئيس «ملتقى التأثير المدني» فيصل الخليل كلمة ترحيبيّة فأكد ان اننا نريد مسار «الحوارات الصّباحيّة» انطِلاق فِكرٍ تغييريّ إصلاحيّ لِفعْل تغييريّ إصلاحيّ».
أمّا «ميسِّر الحوار» الأستاذ الجامعي والباحث الدكتور وجيه قانصوه فأشار في تقديمه لإشكاليّة إلغاء الطائفيّة كما ورد في اتّفاق الطائف إلى موجب «العبور من مستنقع الاصطفافات والتوترات التي لا تتوقف، إلى فضاء الاستقرار والحياة السعيدة والمنتجة».
يونس: ثمّ قدم الدّكتور نزار يونس ورقة العمل الخاصة باللقاء تحت عنوان «جوهر وثيقة الوفاق الوطني المادّة 95 من الدّستور»: وقال: «علينا في البداية أن نعترف بأن الأزمات التي نعاني وطأتها، ليست قدَراً لا نفاذ منه، فهي النتيجة الحتميّة لنظام سياسيّ يؤدّي بحكم تكوينه وديناميّة عمله إلى كلّ ما نعاني من فساد وترهّل في بنية الدولة. لكن وعلى الرغم من إجماعنا في مؤتمر الوفاق الوطني في الطائف على أن التخلي عن هذا النظام هو السبيل الوحيد لقيام الدولة الزمنية الديموقراطية، عدنا الى كنفه مهرولين كما لو أن الميثاق لم يعد مرجعيتنا، وكما لو أن المادة 95 من الدستور وضِعت لتبقى حبراً على ورق».
وبعدما لفت يونس الى «أن الإكتفاء بالشجار حول إلغاء الطائفية السياسية يثير حساسيات وهواجس»، إعتبر أنّ «تجاهل النص الدستوري الذي قضى بأن يُعهد إلى الهيئة الوطنية للحوار مهمة إقتراح الطرق الكفيلة بإلغاء الطائفية يطرح تساؤلات حول نزاهة أدعياء الدفاع عن الإتفاق».
وتساءل عن «البديل عن تطبيق المادة 95 من الدستور؟ بعد ما أكّدت المؤسسة السياسية الطائفية عجزها عن المضي في المماطلة والتسويف للالتفاف حول الميثاق وتعطيل الدستور» متخوّفاً من «فتنة جديدة تقود الى مؤتمر وفاق جديد أو الى كارثة أكثر تدميراً».
وحدّد يونس بعض المبادئ الأساسية، متحدثا عن «مشروعية الوطن اللبناني وعلّة وجوده» واستطرادًا، قال: « لبنان لم يكن يومًا ساحة صراع قبائل أو طوائف لكل منها عنصرية أو دينٌ قوميٌ، بل كان أرض تلاقٍ، ومستقراً للعائلات الروحية والإتنية التي نزحت إليه، واعتبرته من دون سواه في هذا الشرق، ملاذًا وواحة أمان وأرض كرامات. ففي أصعب الظروف عاش اللبنانيون معًا. ولم تثنِهم المؤامرات والفتن والنزاعات التي تعرّضوا فتصدّوا بشجاعة لمحاولة السلطنة تتريك العالم العربي وطمس ذاكرته».
واعتبر يونس انه «من غير الجائز، الخلط بين الوطن والدولة كمفهوم سياسي واحد. ومن المعيب الاستمرار بالخلط بين الوطن والمؤسسة السياسية التي اغتصبت مقدرات الوطن وشعبه وتاريخه. لأنّ ذلك يقود حتمًا، الى التنكّر لحق أي فئة من الاجتماع اللبناني التعددي في الشراكة في الوطن على قدم المساواة مع أي جماعة أخرى مهما كبُر عددها أو اشتدّ ساعدها لفرض إرادتها على الآخرين. ولقد تنبّه الى ذلك سماحة الإمام الراحل محمد مهدي شمس الدين، رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، فقد أوصى مريديه من الطائفة الشيعية ومن اللبنانيين عمومًا بـأنّ التنوّع اللبناني هو قدوة وطنية كبرى ونوافذ حضارية على العالم ورسالة حوار دائم في ذاته ومحيطه. إن المجتمع الأهلي في لبنان متنوّع. ويجب أن يظل متنوعًا في ما ينبغي أن يكون المجتمع السياسي موحّدًا».
واعتبر يونس أنّ «الدستور كتاب أداء السلطة الناظمة للعيش معًا في الدولة، وهو معني بهندسة النظام السياسي، وتأمين ضبط إيقاعه.. وان «إرادة العيش معًا، جوهر استقرار الأوطان».
وعن اتفاق الطائف قال: «لم يكن بالإمكان في تلك المرحلة الحرجة، التوسّع في تنفيذ كافة الإجراءات الدستورية والقانونية الضرورية للتخلّي عن النظام السياسي، فتقرّر إرجاء تنفيذ الإجراءات المواكبة لإلغاء الطائفية لإتاحة فرصة للحوار والتفاهم بين اللبنانيين أنفسهم، خلال المرحلة الانتقالية التي لحظها الميثاق».
ورأى ان بداية الطريق «مباشرة الحوار الوطني، بموجب المادة /95/ من الدستور تجسيدًا لمقتضيات الميثاق، بتشكيل هيئة وطنية برئاسة رئيس الجمهورية و مَهَمَّتها دراسة الطرق الكفيلة لإلغاء الطائفيّة واقتراحها وتقديمها لمجلسي النواب والوزراء، ومتابعة تنفيذ الخطّة المرحليّة.
ورجّح يونس بـ»أنّ هذه الفقرة من الميثاق كانت الدافع الحاسم للانقلاب عليه وتشويه أهدافه وتعطيل تنفيذه، خوفًا من المضي في تحقيق الوفاق المرتكز على تلازم التخلّي عن التمثيل السياسي الطائفي في الدولة وعن الآفة الطائفية في الوطن».