أزمة الأغنية اللبنانية.. الحق على الفنّان وجمهور Tik Tok وYouTube

أزمة الأغنية اللبنانية.. الحق على الفنّان وجمهور Tik Tok وYouTube

الأغنية اللبنانية في أسوأ أحوالها، والسبب أنّ بعض الفنّانين يهمّهم أرقام المشاهدات الوهمية على مواقع التواصل، بدلاً من التعامل مع ملحنين وشعراء محترمين لضمان تحقيق النجاح. الكلمات لا تحمل معنى، أو تكون دون المستوى، وحين تنجح أغنية معيّنة، يصنعون ما يشبهها من إيقاعات وألحان، ويقدّمون تلوّثاً سمعياً، وينامون على حرير مسيرة فنية كانت ناجحة. هذا الإنحدار بالمستوى والقيمة يخرّب ذوق الجيل الجديد، ويمحو التراث، وتتحوّل معه الأغنية اللبنانية كما يقول أهل المهنة من عريقة إلى ركيكة. طرحنا هذا السؤال: هل الأغنية اللبنانية تتراجع؟ وما هي اليوم معايير نجاحها؟ وهل تهشيمها هو بسبب اختيار كلمات ركيكة، أو ركاكة في الأداء؟ وكانت الردود أنّ الأغنية اللبنانية صارت تفتقد لخصوصيتها، وأنّ المسؤول الأول والأخير هو الفنّان الذي يعتبر الفن «بزنس»، حيث قد تنجح أغنيته لفترة قصيرة، ثم تختفي ويختفي هو معها.

*وسام الأمير فنّان وملحّن: الأغنية لا تعيش في كوكب خاص، هي إبنة بيئة وتعكس المجتمع الذي تنتمي إليه. واليوم حين يعاني الوضع الإجتماعي والسياسي من أزمات، وتتأثّر الاحوال المادية، والبلد يكون في حالة إنهيار، من الطبيعي أن تتراجع الأغنية اللبنانية. كذلك هناك عدم إستثمار بالأغنية اللبنانية من قبل شركات إنتاج خاصة، وعدم المنافسة بصناعة نجوم جدد، لأنّ القطاع الفنّي لم يعد يؤمّن إيرادات للمستثمرين. أيضاً الأغنية اللبنانية أصبحت تفتقد لخصوصيتها، وحين نتابع أغنيات من ٢٠ و٢٥ سنة مضت، نقول: «ياي كيف كانت الأغاني». بالإضافة إلى العولمة التي أثّرت سلباً، لأنّ الفنان يسعى إلى التطوّر الموسيقي بغض النظر عن الثوابت. أما عناصر نجاح الأغنية فهي أولاً الكلمة ثم اللحن ومن بعدهما الأداء والموسيقى. ولكن اليوم لم يعد يوجد فرقاً بين أغنية ناجحة وأخرى، إذ قد نصدر أغنية ناجحة، ولكنّها لا تضرب، وقد نصدر أخرى لا تملك مقوّمات النجاح، ولكنّها تضرب رغم ركاكة كلماتها التي تكون أيضاً نافرة، ولكنّها ربما تكون جاذبة للسمع. مفروض وجود توعية إعلامية لتسليط الضوء على هذه الأمور التي تؤثّر بالناس وبنجاح وهبوط الأغنية. ونلاحظ اليوم أنّ أكثرية الأغاني يرضي فيها الفنّان جمهور التيك توك واليوتيوب، وصار بالتالي هذا الفنّان  يشعر بضياع، لأنّه لم يعد يهتم بمعايير نجاح الأغنية، وإنما صار يبحث عن أغنية ضاربة، بغض النظر كيف تمّت صناعتها، وهذا أمر مؤسف. وبخصوص ركاكة الأداء، أعتبر أنّ لدينا أصواتاً جيّدة، ولكنّني أحزن لأنّ الأغنية اللبنانية فقدت خصوصيّتها، ولم تعد رائحة لبنان الحلو فيها.

*طوني أبي كرم مؤلف غنائي: الأغنية اللبنانية ليست ركيكة، وإنما بعض الدخلاء على عالم الأغنية، سنحت لهم الفرص بطريقة أو بأخرى لإطلاق أغنية والتسويق لها على مواقع التواصل أو أيّ مكان متاح آخر. هؤلاء يحاولون نقل ثقافة البيئة التي ينتمون إليها، وللأسف عدد كبير يستمع إلى هذا النوع من الأغاني. ونحن ما زلنا نشتغل على أهم الأغاني، ولكن كثرة النوعية الأخرى تكون بمقابل الأغاني المرتّبة التي نصنعها.وموقفي ثابت لا يتغيّر في هذا الموضوع، وهو أنّ المسؤول الأول والأخير عن كل أغنية هو الفنّان الذي يؤدّيها وليس أيّ أحد آخر، لأنّه هو من يختار هذه النوعية من الأغاني. علماً أنّ البعض يعتبرون الفن «بزنس»، ويبيعون أيّ نوع من الألحان والكلمات. وإذا الفنّان لم يوافق على الشراء وغناء ما إختار من هؤلاء الملحنين والشعراء، سيتم رمي أعمالهم في الجارور. وهذا يعني أنّه يوجد مسؤول واحد، وهو الشخص الذي يغنّي. أما أعمالنا فالحمد لله تحقّق الرواج، ولديها مستوى معيّن من الناس، وهذا أكثر ما يعنيني، والناس ليسوا أبداً مثل بعض، يوجد فرق بينهم وبكل شيء.

*نادين الأسعد شاعرة وإعلامية: الأغنية كلّها بشكل عام تغيّرت، وصار يوجد فصل بين المطرب وبين الأغنية، وصارت الأغنية تنجح لفترة معيّنة ثم تختفي ويختفي هو معها. لم يعد النجاح خاصاً بالفنّان، وإنما بالأغنية ولفترة محدودة. أما عناصر الأغنية الناجحة فهي اللحن والكلمات والصوت والتوزيع. والأغنيات صارت تشبه عصرنا، سواء كانت تكنو أو هيب هوب، أو إستخدام كلمات أجنبية، أو اختيار كلمات أخرى مثل سكّر ومربّى ومانغا وتفاح، وهذه الأغنيات لا تستمر «بيضربوا وبيرجعوا بيختفوا». والفنّانون اللبنانيون يغنّون بعدّة لهجات، وهذا ليس خطأ، ولكن حضور الأغنية اللبنانية لم يعد كما في السابق. لم يعد لدينا أغنية بحد ذاتها نستطيع أن «نربطها» بشخص، أصبحت الأغنية «فالتة»، بمعنى أنّ الفنان يصدر أغنية قد تحقّق النجاح أو العكس، فيصدر أخرى، وصار الموضوع حظاً، وخصوصاً مع مواقع التواصل التي يتم الترويج عبرها لأغنيات كلماتها تافهة وغبية وأحياناً حقيرة، واللافت أنها «بتضرب»، وتحقّق ملايين المشاهدات. وهذا يعني أن المشكلة هي بالأشخاص والمتلقّي، ولكن هذا المتلقّي أيضاً لو قدّمنا له أغنية جيّدة سيتذوّقها، وبالمقابل إذا قدّمنا له أغنية بشعة «رح تضل براسه».

*غريس أيانيان فنّانة: الأغنية اللبنانية لم تتراجع، وإنما الأغنيات صارت مختلفة. أحياناً صوت الفنان يكون هو القريب على القلب، أو تجذبنا الكلمات والألحان أو package كاملة. وقد نلاحظ ركاكة في الأداء، لأنّ البعض يعتدون على المصلحة بغنائهم، ويفتقدون إلى الكاريزما أو إلى الشكل أو الصوت «يعني بدّو يعمل حالو فنان بالقوّة». كذلك أسمع بأسماء فنانين جدد عبر الراديو «مش معروفين كوعهم من بوعهم»، وليس في أدائهم ما يجذب، وهؤلاء لم يقدّموا أغنيات ضاربة، ولن يتمكنوا من صناعة نجاحهم.

فدوى الرفاعي

Spread the love

MSK

اترك تعليقاً