شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – «الحوار البنّاء»
التقت الرياض وطهران على إضفاء صفة الإيجابية على «اتفاق بيجينغ»، الذي توصّلتا الى إبرامه برعاية صينية عالية تمثلت بحضور الرئيس الصيني شي جين بينغ. وما قيل ولا يزال يقال في العاصمتين السعودية والإيرانية يشي، حتى إشعار آخر على الأقل، بالجدية التي يلتزمها الجانبان، وبمسحة التفاؤل المتمادية التي يبديها كلٌّ منهما، وكأن البلدَين كليهما كانا يسعيان الى ما توافقا عليه، بل كأنهما كانا ينتظران هكذا اتفاقاً من زمن بعيد.
والذين يتابعون أدبيات ولهجة ما بعد الصين يتبيّنون الإصرار على الالتزام بتنفيذ بنوده (أو مضمونه) ليس بالنسبة الى الصدقية وحسب، بل كذلك بالنسبة الى مصلحة كل منهما الواضحة في ما نُشر عن الاتفاق، نصوصاً وما بين النصوص وبانتظار الأسابيع والأشهر المقبلة التي ستكون دقيقة وحاسمة وعلى محك التنفيذ، كان لافتاً أن المملكة العربية السعودية دعت، من أعلى منابرها (مجلس الوزراء)، الى مواصلة ما أسمته بِـ «الحوار البنّاء» مع إيران وفقاً للمرتكزات والأسس التي تضمنها الاتفاق «بما يعود بالخير والنفع على البلدين والمنطقة بشكل عام ويعزّز السلم والأمن الاقليميين والدوليين». وكان لافتاً كذلك أن مجلس الوزراء السعودي أعاد الفضل الى أهله، كما يقول المثل السائر، عندما أكد أن اللقاء (والاتفاق طبعاً) جاءا «استجابة لمبادرة الرئيس الصيني». مع التذكير بأن من أبرز النقط التي التقت عليها الدولتان والتزمتا بها «احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها».
ولعل للأقدار دوراً في أن يتوافق الحدث الصيني، زمنياً، مع مؤشّرَين أميركيين مهمَّيْن، أولهما انهيار مصرف أميركي كبير وهو واحد من أكبر المصارف العالمية، (طبعاً الولايات المتحدة لديها من القوة والقدرة والتنظيم ما يمكّنها من تدارك التداعيات في الأيام الأولى ان لم يكن في الساعات التي أعقبت إعلان المصرف إفلاسه، وقد تداركتها فعلاً بامتصاص الصدمة والعمل على تنفيذ توصية الكونغرس لجهة حفظ حقوق المودعين كاملة، فهي ليست لبنان خصوصاً في هذا الزمن الرديء …). وأمّا المؤشر الثاني، بالغ الأهمية أيضاً، فهو أن وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني قوّمت النظام الصرفي الأميركي بالنظرة السلبية …