اجتماع باريس «تيتي تيتي .. » والدولار يحلّق
هدأ الصخب السياسي – القضائي في عطلة نهاية الاسبوع، خلافا لجنون الدولار الذي لا يعرف استكانة منذ ايام. فبعد الحركة التي خلقتها في الداخل التحقيقاتُ الاوروبية مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والرد الذي أصدره الاخير بعد انتهاء جلسات الاستماع اليه، ساد هدوء حذر لمرحلة «ما بعد» استجواب الحاكم مِن قِبل الوفد القضائي الخارجي من جهة، وادعاءِ القضاء اللبناني عليه من جهة ثانية. اما سياسيا، فترقّبٌ أيضا لما انتهى اليه الاجتماع الفرنسي – السعودي الذي عقد في باريس والذي بحث الملف اللبناني.
لا خرق باريسيا
في هذا الاطار، ووسط تكتم من قِبل المشاركين على فحوى المشاورات وفي ظل عدم صدور اي بيان عن اللقاء «الثنائي»، علم من اكثر من مصدر، ان اللقاء غاص في ملف المساعدات الانسانية والاغاثية للشعب اللبناني عبر الصندوق السعودي – الفرنسي الذي اتُفق على انشائه بين الدولتين منذ اشهر، الا ان الاجتماع مرّ ايضا على الاستحقاق الرئاسي، حيث تبيّن ان الموقف السعودي لا يزال على حاله، اذ ترفض المملكة الدخول في لعبة الاسماء وتصر على رئيسٍ بمواصفات اصلاحية انقاذية سيادية غير منغمس في الفساد الذي أوصل لبنان الى الانهيار، وتبيّن ايضا ان الرياض لا تزال على رفضها اي صفقات او مقايضات، وانها تنتظر تفاهمَ اللبنانيين في ما بينهم على اسم رئيسٍ للجمهورية. وقد افيد ان الاجتماع لم يصل إلى توافق بما يتعلق بالملف الرئاسي اللبناني. في الموازاة، اشارت المصادر الى ان اللقاء الثنائي يمهّد لاجتماع جديد للدول الخمس التي اجتمعت في باريس في 6 شباط وهي الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية ومصر وقطر، يُفترض ان يُعقد في الاسابيع المقبلة، وسيعرض في شكلٍ موسّع اكثر، للملف الرئاسي وللأزمة اللبنانية السياسية والمالية والاقتصادية وسبلِ معالجتها.
المراوحة مستمرة
انطلاقا من هنا، يبدو وفق المصادر، ان وضعية المراوحة السلبية الرئاسية ستستمر في الداخل، بما ان بعض القوى السياسية المحلية – وهي ممّن يدعون الى عدم الرهان على الخارج – ربطت الاستحقاق بالتطورات الاقليمية، وقد سارعت الى الترحيب بـ»تفاهم بكين»، مروّجة لكونه سيرفع أسهم مرشّحها اي رئيس تيار المردة سليمان فرنجية.
الحزب للحوار
في السياق، ومع ان مسؤولي حزب الله وحركة امل يؤكدون انهم ليسوا في وارد التراجع عن تأييدهم لفرنجية وانهم لم يطرحوا اسمه لحرقه، هم يكررون في الوقت ذاته، دعوةَ الفريق الآخر الى التحاور.
على الضفة الثانية، كشف النائب مارك ضو عن جلسات حوار بين القوى المعارضة للتباحث في الخيارات الرئاسية. واشار الى ان «بنظري لا أحد يؤمن الـ65 صوتا واذا وُضع التغييريون امام خيارَي سليمان فرنجية وميشال معوض فان ثلثهم يؤيدون ميشال معوض». وأردف «الاتفاق السعودي الإيراني لن يكون لصالح فرنجية بتاتا. الاتفاق هو لصالح السعودية فقط، ويمكن ان تنقلب ايران بعد فترة عليه».
فرنجية زار دمشق
رئاسيا ايضا، تتجه الانظار الى اي خطوة من قِبل فرنجية الذي لا يزال يتريّث في اعلان ترشيحه وبرنامجه رسميا علما ان معلومات صحافية اشارت الى انه زار الشام في الايام الماضية حيث سمع انه «سيكون رئيس الجمهورية المقبل او ان ستكون له الكلمة الفصل في الاستحقاق».
لقاء صلاة
كما ترصد الرادارات المواقف التي ستصدر عن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظته، في وقت يواصل موفده المطران انطوان بو نجم جولاته على القيادات المسيحية. وقد علمت «المركزية» في السياق، ان الراعي وّجه دعوة الى النواب المسيحيين الى يوم اختلاء روحي وصلاة الاربعاء 5 نيسان المقبل في حريصا.
حركة جنبلاطية
الى ذلك، من غير المستبعد ان ينشط رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط على الساحة الداخلية في قابل الايام، ساعيا الى التقريب بين اللبنانيين، بعد عودته من الكويت. اما زيارة رئيس مجلس النواب نبيه بري الى السعودية فلا تزال غير واضحة، حيث أكد عضو كتلة التنمية والتحرير النائب ميشال موسى «أن لا زيارة قريبة مرتقبة لبري الى المملكة»، مضيفا «بري لم يُدع حتى الساعة الى زيارة السعودية، إنما هو منفتح على أي دعوة ويسعى الى التوافق في المنطقة».
اضراب المصارف
وفي ظل الدوران في الحلقة المفرغة رئاسيا، وعجزِ الحكومة او مجلس النواب عن انجاز اي خطوة مفيدة على طريق وقف الانهيار، وقد حذرت بعثة صندوق النقد الدولي الموجودة في بيروت، من محاذير هذا الاداء، الدولارُ يسجّل ساعة بعد ساعة، قفزاتٍ مخيفة، وقد تجاوز سقف الـ112 الف ليرة للدولار، رافعا معه اسعار المحروقات والدواء والخبز.. ليس بعيدا، لم تجتمع الجمعية العمومية للمصارف كما كان متوقعا للنظر في موضوع استمرار الاضراب المفتوح الذي بدأته الثلاثاء الفائت، حيث استقر الرأي على ان لا شيئا قضائيا ملموسا ظهر كي يُعاد النظر في موضوع الاضراب. وشرحت مصادر مصرفية مطلعة لـ»المركزية» ان الاضراب هدفه واضح وصريح ان لا يكيل القضاء بمكيالين. واعلنت ان المصارف لا تزال تعول على الجهود التي يقوم بها رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي التي كانت اثمرت بعض الحلحلة، وانها تنتظر عودته الى لبنان من ايطاليا، لاستئناف ما بدأه في هذا الاطار.
فرنسا ملتزمة لبنان
في الغضون، اكدت السفيرة الفرنسية آن غريو «التزام فرنسا تجاه لبنان وحرصها عليه من خلال هذا الوجود «لأن لبنان متنوع وأريد أن أكون أقرب إلى اللبنانيين». واملت غريو خلال افتتاح الجناح الجديد للمعهد الفرنسي في جونية، ان تكون هناك شراكة جديدة في كل المناطق من كسروان الى المتن وجبيل «لأنه حتى ضمن المنطقة الواحدة هناك خصوصيات وهذا ما يجعل لبنان بلدا جميلا اذ انكم لا تتشابهون، أحيانا يكون الأمر صعبا عندما تحاولون توحيد الجميع، ولكن عدم تشابهكم ثروة هذا البلد».