مقدّمة نشرة أخبار من دون ميكروفون ولا كاميرا
عملاً بمقولة «المكتوب يُعرف من عنوانه»، مقدّمات نشرات الأخبار على المحطّات التلفزيونية مفروض أنّها تنقل بشكل بانورامي صورة عن الأحداث اليومية المحلية والإقليمية والدولية من دون روتوش، علماً أنّ كل محطّة تحدّد بمزاجها تراتبية أولويات هذه الأحداث. المقدّمات لم تعد عنصراً جاذباً للمشاهدين، لأنّ إيقاعها ووقعها لن يكونا أكثر سلبية من تكرار الأسف على أحوال المشهد اللبناني، وأيضاً على أزمات لا ترفع خراطيمها. طرحنا هذا السؤال على إعلاميين بارزين وناجحين: إذا طُلب منك اليوم كتابة مقدّمة نشرة أخبار ستقدّمها بعد ساعات، ماذا تكتب فيها لإيصال صوت الناس؟ وكانت الردود كلّها موجّهة إلى المسؤولين من دون ميكروفون، ولا كاميرا، ولا ترقيع، مع سبق علمهم أنّ كلامهم سيتردّد في الصدى، لأنّ المسؤولين لن يسمعوا، وإذا سمعوا لن يهتموا، لأنّهم يتفرّجون، بانتظار فرج سيأتي يوماً على طريقة «إشتدّي أزمة تنفرجي».
*نعمت عازوري إعلامية وأستاذة جامعية: ما يهمّ اللبناني إذا إتفق طرفان أو أكثر في الإقليم؟ ما يهمّ الجائع إذا كانت الدول تسعى إلى توافقات؟ ما يهمّ المظلوم إذا كانت محاور تنشأ وأخرى تنهار؟ ما يهتمّ به شعبنا أن تكون هناك سلطة تُعنى بشؤونه، وتسعى ما أمكنها إلى التخفيف من الظلم اللاحق به. هو يخسر أبناءه شيئاً فشيئاً، لا يرى مستقبلاً لهم في البلد الذي كانوا يعتزّون بتاريخه وحضارته، وأصرّوا على التمسّك به، فإذا بهم مقهورون بالخذلان. ما يهمّنا هو أن نعلي الصوت، فيجد أذن مسؤول تسمعه، لا أن يرتدّ الصدى إلينا، ونشعر حقاً بأنّنا في دولة، لا في ما لا يشبه الدولة في شيء.
*بسام أبو زيد إعلامي في محطّة LBCI: يعيش المواطنون في لبنان وهم على قناعة أنّهم مهما رفعوا الصوت لن يسمع المسؤولون ما يطالبون به، لأنّ هؤلاء مشغولون بمصالحهم وصفقاتهم وخلافاتهم. ربما نستطيع نحن من خلال الشاشة الصغيرة أن نوصل هذا الصوت، فقد يكون أحد المسؤولين يقلّب محطات التلفزة، فيتناهى إلى مسامعه صدفة ما يرغب به الناس، ولكنّه بالتأكيد يمكن أن يسمع من دون أن يهتم. المواطن أيّها المسؤول يريد أن يعيش بكرامة وبحبوحة، يريد أن يعيش في دولة قوية، في وطن مستقر مزدهر، في إقتصاد لا يخاف فيه على جنى عمره. المواطن أيّها المسؤول يريد مسؤولاً فعلياً يعرف حاجات الناس، ويعرف كيف يحترم القانون والدستور، ويعرف كيف يعامل المواطنين بالمساواة. هذا هو المسؤول، وهذا ما نفتقده في لبنان.
*دنيز رحمة إعلامية ٢٨ سنة خبرة تنقّلت من عالم التلفزيون إلى الصحافة المكتوبة والمسموعة: كنت لأحمّل الناس المسؤولية لما وصلنا إليه من انهيار وذلك لسببين أساسيين: أولاً لأنّهم من خلال الإقتراع أو عدم الإقتراع في الإنتخابات النيابية يتحمّلون مسؤولية وصول مسؤولين هم في الواقع غير مسؤولين، أوصلوا البلاد الى الإنهيار إما بفسادهم أو بقراراتهم غير الصائبة. وثانياً أحمّل الناس مسؤولية استمرار الأزمة الحالية طالما هم ساكتون، ويلتزمون الصمت، ولا يتحرّكون، وكأنّهم باتوا مخدّرين وغير آبهين بما يحصل.
*نيشان دير هاروتيونيان إعلامي وأستاذ جامعي: غنّتها فيروز: لبنان الكرامة والشعب العنيد…من سلب هذا الوطن كرامته؟ هل يستأهل هذا الشعب كلّ هذا الذّل؟ وطن بات حكّامه رديفاً للفساد، وأرض أضحى مواطنوها أسرى لقمة عيش ودولار فاجر مستفحل في عرض الليرة، ولا من شريف يذود عن شرفها. قمَّة الفداحة أنّ الكلّ نيام ،لا بل نُيِّموا حتى خرب البلد… وآخ يا بلد!
*زينة باسيل مراسلة في محطّة MTV: وطن يفرغ من طاقاته، هجرة أطباء، ممرّضين، أساتذة، محامين. وطن تفرغ مؤسساته، ووزاراته مجرّدة من الأوراق والحبر والطاقم البشري. وطن أصبحت مستوعبات النفايات فيه مقصداً للمعوزين. هذا الوطن إسمه لبنان. نعم في عام ٢٠٢٣ هذه هي حال لبنان. سعر صرف الدولار يرتفع بسرعة الصاروخ إلى القمر. أهالي ضحايا ٤ آب أكبر إنفجار، ينتظرون الحقيقة المؤجّلة. البنك الدولي ينتظر همّة السياسيين «الثقيلة» للبدء بالإصلاحات، والسياسيون ينتظرون همّة الخارج لإنتخاب رئيس. نسبة الإنتحار إلى ارتفاع، السرقات والخطف، لم يبقَ شيئ من هذا الوطن، إلا شعب صامد أمام الرياح التي لم ترحمه بشيء.
فدوى الرفاعي