بلينكن أجرى محادثات مع الجنرالَين السودانيَين وشدّد على وقف النار
دوت الانفجارات مجددا في الخرطوم امس في اليوم الرابع للمواجهات الدامية بين الجيش وقوات الدعم السريع فيما تسود حالة من الفوضى، على الرغم من النداءات الدولية الملحة لوقف المعارك التي أوقعت حتى الآن قرابة 200 قتيل.
وفيما أعلنت قوات الدعم السريع على تويتر «الموافقة من جانبها» على مقترحات دولية بهدنة انسانية لمدة 24 ساعة، أكد الجيش ان «لا علم له بهدنة».
ونفذت قوات الجيش، الذي يقوده الفريق أول عبد الفتاح البرهان الحاكم الفعلي للسودان منذ انقلاب العام 2021، طلعات جوية لاسكات نيران مصفحات قوات الدعم السريع التي يتزعمها محمد حمدان دقلو حليفه السابق إبان الانقلاب الذي بات عدوه اللدود.
ورغم دعوة وزراء خارجية مجموعة السبع طرفي النزاع في السودان الى «وقف الأعمال العدائية فورا» والعودة إلى طاولة المفاوضات، إلا أن المعارك مستمرة وأدت جتى الآن إلى مقتل نحو 200 شخص وإصابة 1800 بجروح.
وأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنه أجرى محادثات مع الجنرالَين السودانيَين حيث «شدد على الحاجة الملحة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار».
وقالت قوات الدعم السريع أنها وافقت على هدنة مقترحة لمدة 24 ساعة» بناء على «الاتصال المباشر» مع بلينكن و»جهود الدول الشقيقة والصديقة التي أجرت اتصالات مماثلة دعتنا حلالها الى وقف مؤقت لاطلاق النار من أجل فتح ممرات آمنة لعبور المدنيين».
غير أن الجيش رد في بيان على فيسبوك مؤكدا أنه «لا علم لنا بأي تنسيق مع الوسطاء والمجتمع الدولي حول هدنة واعلان التمرد لهدنة 24 ساعة يهدف للتغطية على الهزيمة الساحقة التي سيتلقاها خلال ساعات».
وقال بلينكن على تويتر «سُجلت خسارة عدد كبير من الأرواح في صفوف المدنيين»، مضيفا أنه «شدد على أهمية ضمان سلامة الديبلوماسيين والعاملين في مجال الإغاثة».
كما أكد بلينكن تعرّض موكب دبلوماسي أميركي لإطلاق نار الاثنين، من دون إصابات في ما وصفه بالعمل «المتهور».
وفي حادث منفصل، تعرّض سفير الاتّحاد الأوروبي في السودان لاعتداء في منزله في الخرطوم الاثنين، وفق ما أعلن مسؤول الشؤون الخارجية لدى التكتل جوزيب بوريل، فيما أفادت ناطقة فرانس برس بأن الديبلوماسي «على ما يرام».
ويشير محللون إلى أن القتال الدائر في عاصمة الدولة التي تعاني منذ مدة طويلة من عدم الاستقرار، غير مسبوق وقد يطول أمده، رغم الدعوات لوقف إطلاق النار وتكثيف النشاط الديبلوماسي.
ودارت معارك في مختلف أنحاء البلاد وسط مخاوف من إمكانية اتساع رقعة القتال في المنطقة. وتخلل النزاع عمليات قصف جوي ومدفعي وتبادل كثيف لإطلاق النار.
ويقضي سكان الخرطوم الذين يعيشون حالة ذعر آخر أيام رمضان وهم يشاهدون من نوافذهم الدبابات تجوب الشوارع بينما تهتز المباني ويتصاعد الدخان نتيجة الحرائق التي تسببت بها المعارك.
ويجد الأشخاص المضطرون لمغادرة منازلهم أنفسهم وسط طوابير طويلة للحصول على الخبز والوقود في المتاجر والمحطات التي ما زالت تفتح أبوابها، في ظل انقطاع للكهرباء.
وقال رئيس بعثة الأمم المتّحدة في السودان فولكر بيرثيس في مداخلة أمام مجلس الأمن الدولي الذي عقد جلسة مغلقة الاثنين بشأن الوضع في السودان إنّ 185 شخصا على الأقل قتلوا في المعارك حتى الآن فيما أصيب 1800 بجروح.
وقال بيرثيس للصحافيين بعد الاجتماع «إنه وضع متقلّب للغاية لذا يصعب بشكل كبير تحديد الجهة التي سترجح الكفة لصالحها».
وتحدّثت لجنة أطباء السودان المركزية المستقلّة والمؤيدة للديموقراطية في وقت سابق عن سقوط حوالى مئة مدني و»عشرات» المسلّحين من الجانبين، لكن رُجّح بأن يكون عدد الضحايا أعلى بكثير نظرا لعدم تمكن العديد من المصابين من الوصول إلى المستشفيات.
وحذّرت نقابة الأطباء الرسمية من أن المعارك أحدثت أضرارا بالغة في عدة مستشفيات في الخرطوم ومدن أخرى فيما خرج بعضها عن الخدمة بالكامل.
وأفادت منظمة الصحة العالمية أنّ عددا من مستشفيات الخرطوم «تعاني من نفاد وحدات الدم ومعدات نقل الدم وسوائل الحقن الوريدي وغيرها من الإمدادات الحيوية».
وكان ثلاثة من موظفي برنامج الأغذية العالمي من بين الأشخاص الذين قتلوا السبت في دارفور، حيث تم نهب موارد طبية وغير ذلك تابعة لمجموعات إغاثة، بحسب ما ذكرت منظمتا «أنقذوا الأطفال» وأطباء بلا حدود.
وعلّقت عدة منظمات عملياتها مؤقتا في البلاد حيث يحتاج ثلث السكان إلى المساعدات.
وقال منسق الشؤون الإنسانية مارتن غريفيث في بيان إنّ «استئناف القتال يؤدّي إلى تفاقم الوضع الهشّ أصلا، ما يجبر وكالات الأمم المتحدة وشركاءنا في المجال الإنساني على إغلاق العديد من برامجنا التي تزيد عن 250 في أنحاء السودان مؤقتًا».
من جانبها، أعلنت مصر بأنها ناقشت مع السعودية وجنوب السودان وجيبوتي الحاجة لبذل الجهود من أجل المحافظة على الاستقرار.
وبينما دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي طرفي النزاع للعودة إلى طاولة المفاوضات، قال إنه يعمل في الأثناء على إعادة قوة مصرية «رمزية للتدريب المشترك» احتجزت قوات الدعم السريع عناصرها في قاعدة جوية السبت.
ولم تعد أي رحلات جوية لطائرات مدنية تصل إلى الخرطوم حيث أحدث القتال أضرارا في طائرات.
وفي وقت سابق، دعا دقلو المجتمع الدولي للتدخل لمواجهة البرهان الذي وصفه بأنه «متطرّف إسلامي يقصف المدنيين من الجو».
وتابع دقلو الذي سبق واتُّهمت قوات الدعم السريع التابعة له والتي كانت معروفة بـ»الجنجويد» بارتكاب فظاعات وجرائم حرب «سنواصل ملاحقة البرهان وجلبه إلى العدالة».
اندلعت المعارك بعد خلافات بين البرهان ودقلو بشأن خطة دمج قوات الدعم السريع في صفوف الجيش النظامي، وهو شرط أساسي لاتفاق نهائي يهدف لطي صفحة أزمة تعيشها البلاد منذ انقلاب 2021 الذي أخرج عملية الانتقال الديموقراطي عن مسارها.
ويصر الطرفان على أنهما يسيطران على مواقع رئيسية تشمل المطار والقصر الرئاسي، وهو أمر لا يمكن التحقق من صحته بشكل مستقل.
وكان يوسف عزت، المستشار السياسي لقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أكد أن هذه القوات تسيطر على كافة المواقع الاستراتيجية والمقار السيادية في العاصمة الخرطوم وأنها قادرة على الاحتفاظ بها.
واعتبر عزت أنه من الضروري تغيير القيادة الحالية للجيش … كما نفى ما تردّد عن مقتل جندي مصري ممن تحتجزهم قوات الدعم السريع، ونفى تلقي أي دعم خليجي.
واستأنف الجيش الاثنين البث على التلفزيون الرسمي.