سيخسر الحزب… وسينتصر لبنان
لا أريد أن أستعجل قراءة نتائج الجلسة الانتخابية الثانية عشرة لرئيس جمهورية لبنان، ولكن لي الحق أن أقرأ المعطيات المتوافرة أمامي والتي تقول بأنّ المرشح الوزير جهاد أزعور سوف ينال أكثر من 60 صوتاً، بينما الوزير سليمان فرنجية بالكاد سيصل الى حدود الـ50 صوتاً.
لا تهمني عملية الأصوات، ولكن لا بد من إعطاء بعض الملاحظات.. ولكن قبل ذلك علينا أن نلاحظ انها المرة الأولى التي سوف يخسر الحزب فيها، ولكن أهمية تلك الخسارة ستكون من أجل لبنان ولمصلحة لبنان، وهنا أبدأ بالملاحظات:
أولاً: مع تقديرنا لحرّية الرأي، لكن هناك أصولاً في التعامل مع الاستحقاقات، وبمعنى أدق، أن يأتي ترشيح الوزير فرنجية من الحزب فهذه سقطة كبيرة كنت لا أتمناها لمعالي الوزير فرنجية، الذي تربطني علاقات تاريخية به وبعائلته بدءاً من الرئيس سليمان فرنجية الى الوزير طوني فرنجية والد الوزير سليمان رحمهما الله.
ثانياً: قد يكون الكلام عن هذا الموضوع غير مناسب… ولكن لا بد من تسجيل خطأ كبير ارتكبه الوزير فرنجية بأنه تخلّى عن الرئاسة بعد السنتين ونصف السنة من الفراغ قبل انتخاب الرئيس السابق ميشال عون.
ثالثاً: أظن ان الحظ يأتي مرة واحدة، لكنه قد لا يتكرر مرة ثانية.. لذلك فإنّ تسامح الوزير فرنجية بإعطاء الرئاسة الى الرئيس السابق، انطلاقاً من أنّ الوزير فرنجية لا يزال شاباً في أوائل العمر، بينما الرئيس السابق في أواخره، وأنّ هناك متسعاً من الوقت، كي يصل الى الرئاسة. هذا الكلام تأكد انه خطأ.
رابعاً: كنت أتمنى لو ان الوزير سليمان فرنجية أبقى انتقاده لقائد «القوات اللبنانية» الذي لم يقدّر تضحية الوزير فرنجية حين سامحه على قتل والده ووالدته وشقيقته.
خامساً: هناك تقصير كبير في الاستعداد لمعركة رئاسة الجمهورية… إذ كان من الأجدى أن يقوم الوزير فرنجية بجولة عربية، وأن يتعرّف على زعماء العالم العربي، فلا يحصر نفسه بـ»أضعف» رئيس جمهورية عربي موجود حالياً بفضل قوة روسيا وإيران والحزب.
سادساً: لا أدري سبب التهجم على الوزير جهاد أزعور… خصوصاً أنّ هناك علاقات تاريخية تجمع بين خال الوزير جهاد أزعور المرحوم جان عبيد الذي كان يعتبر علماً من أعلام السياسيين المحنّكين، ويجمع على هذا الأمر اللبنانيون والعرب ويعترفون بدماثته وذكائه وعلمه ومحبة الناس له وعلاقاته العربية.. هذه العلاقات كانت مميزة ببيت فرنجية بشكل خاص، خصوصاً انهم من المنطقة الجغرافية نفسها، فهذا من زغرتا وذاك من ترْبُل.
سابعاً: أما بالنسبة للسقطة الثانية التي ليس لها مبرّر، فكانت التهجّم على الوزير زياد بارود الذي أثبت انه من الوزراء الفاعلين، وصاحب خبرة قانونية وإدارية مميزة، خاصة انه كوزير كان من الوزراء الناجحين، والأهم ان الوزير بارود لم يتعرّض لأحد طيلة مسيرته.
ثامناً: هناك نوع من المبالغة عند الحزب، بأنه يستطيع أن يفرض ما يريد ومن يريد، وأنّ على الجميع إطاعته… وأظن ان الأمور تغيّرت في هذه الأيام والظروف تبدّلت، وأنّ على الحزب أن يعيد حساباته.. كما أظن أيضاً ان هذا المأزق الذي وقع فيه لا يمكن الخروج منه إلاّ بوجود رجل واحد يمكن أن ينقذهم منه وهو رئيس مجلس النواب الرئيس نبيه بري، فهو الوحيد الذي يعرف كيف يمكن أن يعيد الأمور الى وضعها الطبيعي، ويحافظ على ماء وجه الحزب، وينقذ لبنان من هذا المأزق، لأنه لا رئيس إذا بقيَت الأمور عند الحزب على موقفها والمعارضة على تموضعها.
لذلك ليربح لبنان، أرجو ترك الأمور للرئيس بري فهو القادر على إيجاد المخارج للجميع.