شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – الاستعمار بالقتل
لم يخرج الأوروبي من جلده الاستعماري، فكشّر عن أنيابه بوحشية غير مسبوقة في التاريخ وشارك المرتزقة الصهاينة، (الذين تولّى زرعهم في فلسطين المحتلة) في واحدة من أكبر جرائم العصر الإبادية ضد الأطفال والنساء والشيوخ في قطاع غزة، ناهيك بالدمار الهائل، وبحصار خانق منع أدنى سُبل الحياة ومقوماتها عن الناس الآمنين.
وكم كان إيمانويل ماكرون بائساً، أمس، وهو يكشف عن حقيقة الذئب في لباس الحمل، وهو يمسرح تمثيلية فاقعة اللون الدموي التي يؤديها هذا الممثل الفاشل، الذي يسعى، بشكل مفضوح، الى محاولة استعادة شعبية افتقدها ببهلوانياته المضحكة.
مَن يصدّق أن فرنسا شارل ديغول تهبط الى هذا المستوى؟!. مَن كان يخطر في باله أن الجنرال التاريخي الذي كاد أن يدفع حياته على أيدي المتطرفين في منظّمة الجيش السرّي الفرنسي، من أجل إصراره على الانسحاب من الجزائر التي استحقت استقلالها بثورة المليون شهيد، سيرثه في قصر الإليزيه، بعد عقود، هكذا رئيس ألعبان؟
أهذه هي فرنسا المساواة والأخوّة والحرية؟
أهذه هي فرنسا التي فتحنا أعيننا على حبها، ونهلنا من ينابيع أدبها الأجمل والأروع، وحفظنا عن ظاهر قلب بدائع مالارب والكاردينال دو مونتسكيو وراسين وكورناي وموليار وبوالو والكاردينال دو روشيليو وجان جاك روسو وباسكال ولامارتين وفيكتور هيغو وجان بول سارتر وكبار «الخالدين»(…)، ولا نذكر أن أحداً منهم تبنّى (كي لا نقول أسهم في) مساندة الظالم على المظلوم، وقتل الأطفال والنساء والمدنيين الآمنين حتى الإبادة، والدمار الشامل، وتدمير المستشفيات، ومنع الماء والكهرباء والغذاء؟!. أجل لم نقف في الأدب الفرنسي على شيء من ذلك كله، ولكننا شاهدنا إيمانويل ماكرون واستمعنا إليه أمس يؤيد ذلك ويدعمه، والأدهى أنه كان يزايد على سفّاح العصر بنيامين نتانياهو!
وكم كان المشهد صادماً ومخيّباً لآخر ما كنّا نأمله من إيجابية، أو ذرة منها، متمثّلاً برئيس عاصمة النور وهو يستمع الى أشدّ أنواع الظلام بشاعة في كلام السفّاح نتانياهو مهدّداً الشعب اللبناني بالإبادة والدمار، من دون أن يصدر عن هذا الرئيس الفرنسي أي رد فعل أو مجرّد رفّة جفن!
مسيو ماكرون، لو كنت أهلاً لتستحق صولجان نابوليون الثالث الذي أهداه الى أحد البطاركة الموارنة، لكنّا أرجعناه إليك.