ألماني يمزق جواز سفره احتجاجاً على دعم بلاده لإسرائيل
أظهر مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي مواطنًا ألمانيًّا يسير في أحد شوارع ألمانيا بجانب حشد من الناس ويقوم بتمزيق جواز سفره خجلا من موقف برلين الداعم لجرائم الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.
وفي المقطع المصور قال المواطن الذي لم يتسنَّ معرفة اسمه: «أصدقائي الأعزاء.. صديقاتي العزيزات، جواز السفر هذا الذي أحمله بيدي، يجعلني أشعر بالخجل كوني ألمانيًّا، وقد قررت تضامنا معكم أن أمزقه، كما يمزق الجيش الإسرائيلي الأراضي الفلسطينية».
بعدها أمسك المواطن الألماني بجواز سفره بكلتا يديه وقام بتمزيقه ثم ألقاه على الأرض أمام حشد من الناس في الشارع كانوا يرفعون أصواتهم تأييدا له.
وأخذ المواطن الألماني يهتف بصوت مرتفع والجموع تردد وراءه: «الحرية الحرية لفلسطين.. أوقفوا الإبادة الجماعية».
اصطفاف ألمانيا مع إسرائيل
ومنذ اللحظة الأولى لانطلاق «طوفان الأقصى» فجر السابع من شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والحكومة الألمانية تعلن «حق إسرائيل المشروع في الدفاع عن النفس المكفول لها في القانون الدولي»، مؤكدة الاصطفافَ غير المشروط إلى جانب إسرائيل، ودعمها المطلق في حربها على قطاع غزة، مهما كانت الفاتورة الإنسانية الباهظة التي يدفعها المدنيون.
وفي يوم هجوم «حماس» (على مستوطنات غلاف غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي)، عبّرت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك عن موقف برلين الداعم لإسرائيل بقولها: «حماس تصعد العنف، إنني أدين بشدة الهجمات الإرهابية ضد إسرائيل من غزة».
وقالت فيما بعد: «نحن متضامنون تماما مع إسرائيل، ومن حق إسرائيل الدفاع عن نفسها ضد الإرهاب وفقا للقانون الدولي».
وبعد 3 أيام، أي في 10 أكتوبر/تشرين الأول، وبعد استشهاد مئات الفلسطينيين جراء الهجمات الإسرائيلية، واصلت الوزيرة الألمانية موقفها الداعم لإسرائيل بالقول: «أوروبا ككل تقف إلى جانب إسرائيل».
وفيما يتعلق بمقتل المدنيين في غزة نتيجة الهجمات الإسرائيلية، قالت بيربوك إن «معاناة وموت المدنيين الفلسطينيين جزء من إستراتيجية الإرهابيين»، وبعد ذلك حاولت تبرئة الإدارة الإسرائيلية بالقول: «حماس تختبئ وراء السكان المدنيين».
وفي 13 أكتوبر/تشرين الأول، عندما بدأت أعداد المدنيين في غزة ممن استشهدوا جراء الهجمات الإسرائيلية غدوا بالآلاف، قالت الوزيرة الألمانية إن «إسرائيل تعيش هذه الأيام على وقع إرهاب همجي، من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها ضد هذا الإرهاب في إطار القانون الدولي. ألمانيا تقف إلى جانب إسرائيل دون تردد»، مكررة دعمها لحكومة نتنياهو بالقول: «لهذا السبب سأذهب إلى إسرائيل اليوم».
وبلغت ذروة الدعوات الرامية إلى شيطنة الاصطفاف إلى الجانب الفلسطيني، في محاولة كارين برين نائبة رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، الذي ينتمي له المستشار الألماني أولاف شولتز، تجريمَ هتاف «فلسطين حرة» الذي كثيرا ما تصدح به حناجر مؤيدي فلسطين في المظاهرات، إذ صرّحت في لقاء تلفزيوني بأن هتاف «فلسطين حرة ليس هتافا بريئا، وإنما صيحة حرب لـ»عصابة إرهابية».
وفي تصريح غريب قالت رئيسة لجنة الدفاع في البوندستاغ (البرلمان الألماني)، ماري-أغنيس ستراك-زيمرمان، من الحزب الديمقراطي الحر، التي رأت أن «ثمة علاقة وطيدة بين هجوم روسيا على أوكرانيا، وهجوم حماس على إسرائيل»، لافتة الأنظار إلى أنّ هجوم حماس يوم السابع من أكتوبر، موافقٌ لعيد ميلاد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وهو أمر يستحيل -حسَب زعمها- أن يكون محضَ صدفة.
وفي 12 أكتوبر/تشرين الأول، أعلن المستشار الألماني أولاف شولتز، في بيان حكومي، فرض حظر على أنشطة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في ألمانيا بعد عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها مع فصائل المقاومة الفلسطينية.
موقف مشابه
وفي حادثة مشابهة لموقف المواطن الألماني وقعت قبل أيام حين أعلنت الفنانة ومنتجة الأفلام الكندية يولا بينيفولسكي تخليها عن جنسيتها الإسرائيلية احتجاجًا على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والانتهاكات المستمرة بحق الشعب الفلسطيني.
وظهرت يولا في مقطع فيديو على منصة إنستغرام (تم حذفه لاحقا)، صباح 29 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قائلة «مرحبا بالجميع. أنا اسمي يولا. أنا فنانة ومنتجة أفلام في تورونتو كما أنني مواطنة إسرائيلية، غادرت إسرائيل منذ 23 عامًا وأعيش في كندا منذ ذلك الحين».
وحول التفكير في قرار التنازل عن الجنسية الإسرائيلية أكدت بينيفولسكي «كانت عملية طويلة جدا استغرقت نحو عقدين من الزمان»، وذلك منذ عرفت التاريخ الحقيقي لبلادها وليس التاريخ الذي تعلمته في المدارس على حد تعبيرها.
وأضافت «نعم فعلت ذلك ردا على العدوان الذي شنته إسرائيل على غزة، ولكن بما أن هذه ليست المرة الأولى التي تقوم فيها إسرائيل بقصف غزة، لماذا الآن؟ لماذا هذه اللحظة بالذات؟».
وأجابت بينيفولسكي عن السؤال بقولها: «لأن عدد الضحايا في غزة وصل إلى أبعاد كارثية، وعلى الرغم من أننا الآن في وقف مؤقت لإطلاق النار أو استراحة أو ما تريدون تسميتها أيا كان، يبدو أنها لن تنتهي قريبا لأن المسؤولين الإسرائيليين يقولون إنهم بعد الهدنة ينوون مواصلة القصف لمدة شهرين آخرين على الأقل».
وقالت بينيفولسكي إنها اتخذت القرار في هذا الوقت، بسبب تأكدها من أن إسرائيل لا تهتم بالسلام من الأصل، وهي لا تريد أن تكون جزءًا من ذلك.
وتحدثت بينيفولسكي عن التمييز الذي يعانيه المجتمع الإسرائيلي من الداخل، وليس ضد الفلسطينيين فقط، بل ضد بعض اليهود أنفسهم، ممن يعتبرهم درجات أقل.
كما تحدثت عن مشاهدتها للفصل العنصري للمعاملة التي يتلقاها الفلسطينيون في الضفة الغربية، والجدران والحواجز التي تفصل القرى، وتفرق الأسر بعضها بعضا.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة خلّفت حتى مساء الاثنين 18205 شهداء، و49645 جريحا معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية و»كارثة إنسانية غير مسبوقة»، بحسب مصادر رسمية فلسطينية.