الراعي في إطلاق CSID “تجمع دولة لبنان الكبير” من بكركي: يوم وطني بامتياز ويوم فعل إيمان بلبنان
مداخلات وكلمات أكدت وجوب الحياد وقيام الدولة وتكريس الميثاق الوطني صيغة للعيش المشترك
أطلقت “طاولة حوار المجتمع المدني” CSID “تجمع دولة لبنان الكبير”، في احتفال في الصرح البطريركي في بكركي، حضره البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي، الرئيس امين الجميل، وزيرا التربية والاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي وأمين سلام، النائبان وأديب عبد المسيح، مصطفى هاني فحص، الدكتور انطوان مسرة وحياة ارسلان، وممثلون عن رؤساء الطوائف والأحزاب وفاعليات ديبلوماسية وسياسية واجتماعية ونقابية.
بداية، النشيد الوطني، ثم قدم الاحتفال الاعلامي ماجد ابو هدير ، وافتتح البطريرك الراعي الاحتفال بكلمة قال فيها:”يسرنا ان نستضيف هذه الطاولة الحوارية وان نعلن من هذا المكان “تجمع دولة لبنان الكبير”، وأقول للجميع اهلا وسهلا بكم، واليوم هو يوم وطني بامتياز ، يوم فعل إيمان بلبنان، سنسمع مضمون هذا الإيمان من خلال الشخصيات الذين سيتكلمون ، وانا ساكون مستمعا مثلكم لانني اود ان اتعلم من المتكلمين، اتعلم منهم نظرتهم ورايهم ومشاعرهم، ولكن اود ان اقول كلمة شكر للاميرة حياة ارسلان والى السيدات والسادة الذين معها ينظمون هذه الطاولة الحوارية من اجل اطلاق تجمع دولة لبنان الكبير ، ويطيب لي ان احييكم جميعا على اختلاف مقاماتكم السياسية والوطنية والثقافية والاجتماعية، وتحية خاصة الى المتكلمين واشكرهم مسبقا على ما سيقولون عن لبنان الكبير”.
الجميل
وكانت مداخلة للرئيس الجميل قال فيها:”أحيي الصرح وسيده غبطة البطريرك مار بشاره بطرس الراعي الذي لا يترك مناسبة وطنية الا وينمّيها، ولا يدع ظرفًا جامعًا إلا ويحتضنه، ولا يبخل على طاولة حوار من أجل لبنان إلا ويشملها برعايتِهِ. كيف لا والقصةُ تحاكي دولةَ لبنانَ الكبير الذي من هنا نشأ وعاشت حجارة هذا الصرح مساره والنضال له وإعلانه لحظة بلحظة. أحيي طاولة حوار المجتمع المدني المؤمنة بدولة لبنانَ الكبير التي لم يعتمدْ البطريرك الياس الحويك عام 1920 الكيلومترات كوحدةِ قياسٍ بل إعتمد قياسَ الوحدة، وحدةُ وطنٍ بتنوعه، بتعدديته، بتلاوينه، بديمقراطيته، وبحريته.
لحظةَ العملِ للمشروع، كان الكيانُ الواحد الخاص بلبنانَ الكبير فكرةً ثابتة في التاريخ، لكن متعثرةْ في الجغرافيا. شكلّ المشروعُ مع الزمن وبفعلِ السياسةْ، تجربةَ وحدةٍ وطنية راسخةْ في الأساس، مهدّدَة في الظاهر، وشكلّ المشروعُ في المفهوم السياسي مركزيةً لا بد من تجديدها وتحديثها. لا تلومّنَ الياس الحويك ورفاقَه من كل الطوائف، لا تلومّنَ الآباء المؤسسين لدولة لبنان الكبير، رهانُهم وأهدافُهم كانت صائبة، ممارستُنا كانت شائنة. لم نوفَّقْ في صيانةِ دولةِ لبنانَ الكبير، وتعثّر التجرِبة لم يكن عيباً في التصنيع Défaut de fabrication ، بل بسبب خطأ بشري بالتطبيق نتحمل جميعاً مسؤوليتَه. فهو صمد على كل حال، على علاّته، ويبقى علينا تحصينه”.
أضاف:”أُريدَ من لبنانَ الكبير وللبنانَ الكبير أن يعطي نموذجاً في التنوّع والتعددية البنّاءة، حتى أنه كان لفترة نموذجاً، فاستاءت دولُ المحيط القائمة على الأحادية والشمولية والتوتاليتارية واتفقت على تخريبِ هذا النموذج كلٌ على طريقتِهِ، من إسرائيل الى سوريا، ومن الناصريّة الى القذّافية، ومن العرفاتيّة الى الفارسيّة. أُريدَ من لبنانَ الكبير وللبنانَ الكبير أن يرفعَ لواءَ الديمقراطية في محيطٍ إتبّع نظامَ الحزبِ الواحد، وضمنَ الحزبِ الواحد تأليهَ الشخصِ الواحد، فهالَهُم أن يكونَ لبنانُ مصدرَ ترويجٍ لحرية المواطن، لديمقراطيةِ السلطة، وملجأً للمضطهدين في بلادهم. أُريدَ من لبنانَ الكبير وللبنانَ الكبير أن يرفعَ لواءَ الحرية وحقوقِ الانسان فاستاءت دولُ الأمن القائم على القمع من خطرِ لبنان الحر السيد المستقل. رغم كل التحديات، من الداخل ومن الخارج، إذ منذ البداية، ومنذ كان البحث في الكيان اللبناني، عبّر البعض في الداخل عن تحفّظهم على هكذا كيان واسع، فانتصرت في النهاية كلمة غبطة البطريرك الياس الحويّك الذي استوعب منذ التأسيس الدور الذي يمكن أن يلعبه هذا اللبنان على الصعيد الفلسفي والعقائدي، والسياسي والاقتصادي. على هذا الأساس وصفه البابا يوحنا بولس الثاني “بوطن الرسالة”. وأهمية هذا اللبنان الكبير انه أُنجزَ طوعاً لا قسراً، وسلماً لا حرباً. أهميتُه أنه وحّد مساحة لبنان التاريخية ضمن مشهدية فريدة في التعدّد والتنوّع. أهميتُه أنه حمى وجهَ لبنان العربي، فلا لبنانُ الكبير جعل من لبنانَ مسيحياً أو مسلماً بل وطنَ رسالة، والتنكرُ لدولة لبنانَ الكبير كما يحصل اليوم بمصادرة قرار الدولة من الداخل بعدما تناوب الخارجُ على مصادرتها في مراحلِ الازماتِ السابقة، يجعلُ انتماءَ لبنان بمثابة مكتوم القيد الى حينِ تعودُ الدولةُ دولةً، وستعود”.
تابع:” أول الامتحانات كان عام 1949، مع قيام دولة إسرائيل وطموحات بعض مؤسسيها التوسّعية، فتوحّد اللبنانيون وواجهوا هذه التحديات. في نهاية الخمسينيات كاد لبنان أن يسقط واهتزّ منطق الولاء للوطن، إلا أن مقاومة اللبنانيين وثباتهم، عطفاً على بعض الظروف الإقليمية الطارئة ساهمت في تصحيح مسيرته الإستقلالية، وتعزيز نظامه المميّز في المنطقة. وإذا استعرضنا التطورات والأحداث التي واجهتها الساحة اللبنانية، ندرك أكثر معنى وجود لبنان! في الستينيات واجه لبنان مشروع الوطن البديل على أرضه، فواجه العرفاتية وأتباعها في الداخل والخارج، وتحوّلت الحالةُ الفلسطينية الى أكثر بكثير من وجود وأقل بقليل من دولة إحتلال لدرجة كادت الحركة الفلسطينية أن تقضي على الكيان لولا المقاومة اللبنانية الشجاعة لهذا المشروع فحفظت لبنان حين توفّرت الظروف الإقليمية المؤاتية. في السبعينيات كذلك، واجه لبنان الأطماع السورية، ففرض النظام السوري هيمنة عسكرية كاملة على الوطن ومقدّراته، بمباركة دولية مغرضة. فكان الاحتلالُ الفعلي للبنان. احتلالٌ لم يحررْهُ سوى مقاومتنا ووحدتِنا الداخلية المنبثقة من فلسفةِ لبنانَ الكبير وقد جسدّها بكل معانيها “تجمعُ قرنة شهوان” و”لقاءُ البريستول” و”حركة 14 آذار” التي رفعت شعار “لبنان اولاً” فكانت قافلةُ الشهداء التي دفعنا ثمنها وجعاً كبيراً. في الثمانينيات، تعرًض لبنان لمؤامرة من نوع جديد استندت الى العسكريتاريا الشرسة وسلطة المال المتوحشة ، يقودها النظام الإيراني بحجة تحرير الأرض العربية، فتزعزع النظام اللبناني. ولم تزل لحينه تثير الفوضى مما فرض على الشعب اللبناني وقفة وطنية من أجل الحفاظ على لبنان الحر، السيّد والديموقراطي”.
وقال:”استعرضت هذه المراحل لنستخلص معًا العِبَر والنتائج المرجوة. أولاً: لا مفرّ من إحياء دولة 1920 أي الدولة الواحدة، وإحياء ميثاق دولة 1943 أي الدولة-الدستور، لأن البديل، بالخلاصة، هو العودة الى اللا دولة والتفرقة، أي دولة الطوائف، دولة المذاهب، دولة السفارات، دولة توزيع الولاءات واستدراج دول الاقليم، مع ما تفترضه من نزاعات عسكرية في الداخل وولاءات سياسية للخارج. ثانياً: كما واجه اللبنانيون وصمدوا وأبقوا الرهان الوطني هو الأساس، لا بدّ من تحصين النظام بحركة تحديثية نهضوية تقوم على اعتماد اللامركزية الموسعة التي توفر لكل جماعة حقوقها من دون المسّ بحقوق الجماعات الأخرى. كما من شأن اللامركزية اذا أُحسنَ تطبيقُها ان تنمّي مركزية لبنان في المشرق العربي.
ثالثاً: لا بدّ من معالجة فورية لمشكلتي الخوف والغبن لدى جميع اللبنانيين، لننتقل عندها من نظام الامتيازات المفروضة واللامساواة الى نظام الدولة الراعية والضامنة، وتحصين لبنان عن التدخلات الخارجية، وإطلاق حوكمته الرشيدة، لوضع حد للفوضى والفساد. رابعاً: لا مفرّ ايضاً من استعادة حالة لبنان السيادية، الاستقلالية، الوحدوية بتثبيتُ حياد لبنان، فلبنان هو أصلاً غيرُ منحاز منذ دولة لبنان الكبير التي شكل اعلانُها حياداً عن الغرب وعن الشرق”.
ختم:” آن الأوان ان ينقذَ لبنانُ نفسه بأن تتلبنن كل المكونات، فتكتمل الحالة اللبنانية وتتكامل دون إمتيازات، فقط بضمانة الدولة القوية والقادرة، إلا اذا أردنا لبنانَ لبناناتٍ موزعة الى مناطقَ نفوذٍ وفق مصالح الغير على حساب المصلحة الوطنية. آن الاوان بعد مئة عام لتثبيت الكيان على قِيَم الجمهورية في الديمقراطية والحرية والعدالة وحقوق الانسان، أُسسٌ من دونها لا قيام للدولة، ومعها يعود لبنان الى مفهوم “الوطن الرسالة” ويقوى اللبنانيون على خوض غمار المئوية الثانية، وطناً سيداً ومواطنين متساوين متحدين متكافلين متضامنين”.
عبد المسيح
والقى النئب أديب عبد المسيح ، كلمة، قال فيها :
“يدّعي الكثيرون أن لبنان الكبير هو غلطة تاريخية أو ربما جغرافية، وثد يكونون على حق. ربما لم ننصف التاريخ ولم تنصفنا الجغرافيا. لم نتخلى نحن عن الجغرافيا ( ما عدا الخط ٢٩) مع أن التاريخ تخلّى عنّا.
ولكن في التخلي، التجلي وهنا بيت القصيد. لينان الكبير بعد مئة. عام أصبح الحقيقة ، أصبح انتماءنا و هويتنا وحقيقتنا ، أضف انه اليوم وسالتنا والحقيقة اكبر وأعمق وأهم من أطماع السياسة والاستعمار وأخطاء التاريخ والجغرافيا.
نحن أبناء هذا الزمان ولبنان الكبير واقعنا، شاء من شاء و أبى من أبى، لا نريده أصغراً ولا مجزءاً. جُلّ ما نطمح اليه ان يكون وطناً. وطن للبنانيين ،فقط للبنانيين وجميع اللبنانيين بالتساوي.
التساوي بالحقوق والواجبات والمسؤوليات”.
أضاف : “لبنان بلدُ لم نرتق به بعد لمصاف الاوطان، بل جعلناه ساحة صراع طائفية وارض محاصصة. ما يجمعنا اليوم في هذه السياسة بالذات هو فشل لبنان الكبير الوطن.
لكن ما يجمعهنا أيضاً هو ادراك مشترك من جميع الطوائف والمناطق بأن الفشل هو اضمن طريقة للنجاح، فالإنسان يتعلم من الفشل أكثر مما يتعلم من النجاح. البغض يعتبر ان التعددية هي مشكلتنا الاساسية وان اختلافاتنا تنبع من تباين ديني او عرقي او حتى تاريخي في جغرافيتنا المشرقية.
لكن بعد مرور مئة عام على اعلان لبنان الكبير، علمتنا التجارب القاسية ان لا هلاص لنا سوى الانطلاق من ثقافة الاحترامالمتبادل و تقبل الاخر وعدم قدرة احدهم على الغاء الاخر وهذا ما شددت عليه وثيقة الاخوة الإنسانية بين البابا فرنسيس وشيخ الازهر عندما التقيا في الامارات العربية المتحدة للتوقيع عليها في شباط ٢٠١٩.
أما في التاريخ البعيد،. لا يجب ان ننسى كيف ان الرؤساء امثال البطريرك غريغوريوس حداد و انطون عريضة باعوا أغلى الممتلكات لاطعام الناس خلال فترة المجاعة دون ان يفرقوا في مسيحي او مسلم”.
وتابع :”اما عندنا في الكورة والتي تمثلت بالنائب نقولا غصن في وثيقة اعلان دولة لبنان الكبير فقد تصدينا دائما لمحاولات روسيا القيصرية لخلق منطقة اورثوذكسية مستقلة ككيان ارثوذكسي جغرافي لان اهالي الكورة رفضوا اي سعي لتأسيس قانون طائفي خاص بهم٦بل طالبوا بالعيش الواحد مع جميع مكونات الوطن اللبناني. كمان ذكر جاك نحاس ممثل العائلات الارثوذكسية في طرابلس آنذاك من خلال حفل اعلان دولة لبنان الكبير فقال : انا اولا لبنان ثم اورثوذكسي ولبنان هو لجميع اللبنانيين”.
فنحن نؤمن بالعيش الواحد وليس المشترك. لان المشاركة قد يطغى عليها عوامل الطائفية والمنفعة الخاصة.
علمنا التاريخ ايضا من خلال التجارب ان ممارسات التبعية للشرق او للغرب قد سقطت امام تكوين المواطنة في البلد الجامع وان الولاء للوطن هو العنوان الاول نحو قيام لبنان الكبير الوطن والكيان النهائي لجميع ابنائه.
أما في السياسة، الاقتصاد والاجتماع فهل يعقل ام لبنان الذي لم يقبل باسقاط دستور الجمهورية الفرنسية الثالثة عليه، ان يقبل اليوم بتعطيل دستوره ؟؟ هل يعقل ان نستمر بمنطق التعطيل عند اي استحقاق مع شل مرافق الدولة ١٠٤ أعوام على قيام دولة لبنان الكبير و ٣٤ عاما على اتفاق الطائف؟
هل من المعقول ان طبقت اللا مركزية خلال المتصرفيات ونشطت أعمال البلديات بينما نهمش دورهم اليوم ونفقرهم؟ حتى اللجان الشعبية التي انشئت خلال الحرب الاهلية نجحت في الإدارة وتسيير أمور الناس افضل بكثير من الدولة بل وحلت مكانها.
هل سنبقى باقتصاد حر بينما اقتصادنا نقيض للحالة الاجتماعية؟”ز
وختم عبد المسيح :لا يعقل ان نستكر في فقدان طاقاتنا البشرية ودورنا الريادي كمستشفى وجامعة ومصرف وميناء للشرق.
في الختام لي جملة اخيرة واحدة يا صاحب الغبطة ولذا جئنا اليكم : لقد حان وقت انزال لبنان عن الصليب”.
فحص
وكانت كلمة لفحص قال فيها:” قبل أكثر من مئة عام، ولد الفتى الكبير لبنان. ولادته المبكرة، كانت عسيرة،
فاكتمل نموه بعد ثلاث وعشرين سنة، على يد الصيغة التي رعت نموه الطبيعي وغير الطبيعي، إلى هذه اللحظة، لدرجة أن من تولى أمره، أي طبقته السياسية، شاخت والصيغة لم تشخ. كانت ولم تزل الصيغة اللبنانية بكل ما لها وعليها، المعادلة الآمنة لدخول الجماعات اللبنانية في وطنهم الكبير، بعدما اقتنعوا جميعا بأنه وطنهم النهائي. ونجح سيد هذا الصرح في إقناع هذه الجماعات، بالعيش المشترك ضمن جغرافيا واسعة بتعددها وليس بمساحتها. وتجلى ذلك، برفضه أن يكون بطريركا على لبنان الصغير المعزول عن جواره القريب، أو البعيد عن عمقه الطبيعي، وأن حدود 1920 هي جغرافيا تميزه ولا تفصله عن محيطه الكبير”.
أضاف:”لكن يا صاحب الغبطة، بعد قرن وأكثر، فإن لبنان الصغير الذي رفضه البطريرك الحويك، سنة 1919 يحن إليه البعض الآن، ممن يرون أن الانفصال وإغراءات الفدرالية، تحمي خصوصياتهم، كما يعاني هذا الفتى الكبير سابقا وحاضرا، ممن يأخذهم الحنين دائما، إلى الاندماج القطري أو القومي أو اليساري، وصولا إلى مشاريع الإسلام السياسي بشقيه، لكن جميع من أرادوه صغيرا أو من رأوه أصغر من طموحاتهم، وذهبوا إلى أقصى اليمين وأقصى اليسار، عادوا إليه أكثر قناعة، بأنه امتياز يميزهم بتميزه”.
تابع:”في لحظة تجل أدرك مرجع بلاد الشام، السيد محسن الأمين، خصوصية لبنان الكبير، بأنه التقاء جبلين (جبل لبنان وجبل عامل)، ورأت فيه نخب طائفته أنه فرصتهم المؤاتية لإنصافهم بعد مظلومية تاريخية على يد أربع سلطانيات أموية وعباسية ومملوكية وعثمانية، كان خلالها شيعة هذا الجبل، على هامش السلطة أو الدولة، وممنوعين منها، حتى سنة 1920 أتيح لهذه الطائفة الانخراط الرسمي في شؤون الدولة، وتجربة الحكم، وتوسع دورها مع تصاعد نموها، حتى فاضت قوتها، كما فاضت قوة البعض ممن سبقوها في حكم هذا البلد، لكنهم عجزوا أن يتحكموا بصيغته”.
وقال:” أقف بينكم في الوقت الذي تتعرض فيه مدن وقرى الجنوب، إلى قصف يومي من قبل العدو الإسرائيلي، وخصوصا بلاد بشارة، التي تقيم على كتف الجليل، والتي كانت صلة الوصل ما بين مدن لبنان الكبير، ومدن فلسطين التاريخية، ومحطة تجارية تربط بينهما، ولكن منذ قيام الكيان العبري، تحولت هذه المدن إلى قرى حدودية، فأغلقت خانات المسافرين والتجار من صيدا إلى بنت جبيل، حاضرة جبل عامل، التي أدار أهلها وجههم نحو العاصمة بيروت، وشكلت نكبة فلسطين دافعا أكبر لقرار اندماجهم الوطني. كما شكلت الاعتداءات والمجازر الإسرائيلية المبكرة، دافعا لأهل الجنوب بأن يقوموا مقام المدافع عن حدود بلدهم، ولكن خط الحدود تحول إلى خط مواجهة مفتوحة، بعدما اختير لبنان دون غيره من دول الطوق، ليكون منطلقا لعمليات الكفاح المسلح الفلسطيني، فتعرض الجنوب لحروب واجتياحات وخسائر بالأرواح والثروات، إلى ان حققت مقاومته بكل صنوفها، ما لم يحققه من رفع اسم فلسطين على فروعه الامنية”.
تابع:” إن موقع ودور الجماعة الشيعية، حاسم في جغرافيا لبنان الكبيرة، كما أن موقعها الحدودي، حولها إلى لاعب أساسي، وافرادها لا يحتاجون إلى فحص دم، من البعض، حتى يؤكدوا انتماءهم، فهم الذين رسخوا في فكرهم مفهوم لبنان، نصا وفعلا، لذلك لا بد من تذكير بمحطتين، الأولى: وثيقة الوفاق الوطني، التي صدرت عن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى سنة 1977، والتي وصفت بصيغة 77 الشيعية، وعنوانها لبنان…وطن نهائي لجميع بنيه. أما الثانية، فهي الثوابت الإسلامية الصادرة عن القمة الإسلامية، في عرمون، سنة وشيعة ودروزا، والتي جاء فيها أن لبنان…وطن نهائي لكل أبنائه، عربي الهوية والانتماء، وقد وردت هذه المعادلة، في نص وثيقة الوفاق الوطني: “اتفاق الطائف” حرفيا، الذي كان ولم يزل أفضل ما يمكن ادأن تحصل عليه الجماعات اللبنانية، بعيدا عن الأحجام والأعداد. كانت الصيغة ولم تزل عامل توازن في علاقات الجماعات اللبنانية، وضامنا لوحدة الكيان، تقف بوجه تجزئته أو “توسعته” أو استقواء طرف على آخر، ومن دون مجاملة لأحد، لقد مررنا بتجارب عديدة، حاول خلالها البعض الاستقواء على الصيغة أو الاستئثار بها، كان فائض القوة، يغري هذه الأطراف بالغلبة، إلى أن اكتشفوا أن الغلبة في لبنان، مستحيلة، ولعل الفطنة تعلم بعض الذين تفيض فوائضهم، بأن يتعلموا الدرس ممن سبقهم، ويدركوا قبل فوات الأوان، أن الصيغة أقوى من المشاريع أو المحاور الكبرى أو الصغرى، حتى يتجنبوا الوقوع في المحظور، كما وقع من سبقهم، وأن يستخدموا عقلهم لا عضلاتهم”.
ختم:”من الاستقلال، إلى انتفاضة تشرين، مرورا بالصيغة والطائف، محطات تؤكد ضرورة اندماج الجماعة الشيعية، في أقوامهم وأوطانهم، وأن لا يميزوا أنفسهم بأي تمييز خاص ومشاريع خاصة، كما أوصاهم إمامهم الشيخ شمس الدين، لذلك نحن محكومون بالتسوية، تسوية تاريخية بين جميع اللبنانيين، لا بمساومة مصلحية ما بين الحاكمين، وهذا لا نصله إلا بالحوار. هو هدفنا وسعينا الدائم في أكاديمية “هاني فحص للحوار والسلام”.
مسرة
وكانت مداخلة للدكتور مسرة بعنوان تجمع دولة لبنان الكبير 192:” مصالحة اللبنانيين بين الجغرافيا والتاريخ”، مستهلا “بان كل ما جرى في لبنان ان منذ اتفاقية القاهرة سنة 1969 وتداعياتها ثم اتفاقية قاهرة متجددة واغتيال قيادات لبنانية هو لقتل الدولة في لبنان etacide تمهيدا لقتل لبنان الكبير في كل جغرافيته ومكوناته البشرية لا حياة للبنان الكبير بعد اليوم بدون دولة لبنان البكير وعلى راس دولة لبنان الكبير رئيس جمهورية “رئيس الدولة” انسجاما مع ممضون المادة 49 الجديدة ف يالدستور اللبناني، رئيس مساومات وتوافقات زعاماتية”.
ولفت الى ان”تجمع دولة لبنان الكبير هو اليوم لاستعادة الدولة في دولة لبنان الكبير”.
وسأل: كيف تنتشر في فترات متقطعة نزاعية بين اللبنانيين سجالات تستقطب مثقفين بدون خبرة وقانونيين ولا نقول حقوقيين يمنعون مقولات في لبنان صغير مرقد عنزة” لم يكن ابدا في التاريخ صغيرا ويعممون مقولات في الفدرلة والتقسيم ولا مركزية مسماة موسعة ولا مركزية “مالية” لا وجود لها في اي منظومة حقوقية، كيف ننتهي من سجالات لا قعدة لها، لا في التاريخ، ولا في حياة اللبنانيين ولا ف يالمعاناة الانجازات المشتركة”.
وذكر انه ورد في مقدمة ” الاطار العام للتعليم ماقبل الجامعي” الذي اعلن في السرايا الكبير في 15/12،2022 “مثاقفة الدولة” اي مثاقفة دولة لبنان البكير 1920 في كل جغرافيته وكل مكوناته البشرية”
ارسلان
وكانت كلمة لحياة ارسلان قالت فيها:” أيها الحفل الكريم إن بكركي اليوم في حضور راعيها البطريرك الراعي تعيد كتابة تاريخ مجيد جعل من لبنان دولة وأغلق كل احتمالات المقاطعة والقائمقامية والمتصرفية. بكركي اليوم تغلق أبواب التقسيم والفدرلة وكل الطروحات التي تصغر لبنان الكبير وتحجمه وتجعل من تنوعة مدخلا للتقوقع والإنزواء وتجعل من رسالته حقبة منسية يمحوها الزمان. نعم يا صاحب الغبطة لبنان كبير بدوره ورسالته ومساحته الجغرافية تكفينا، نحن نتّكل أكثرعلى طموحنا وعقولنا وآمالنا التي لا حدود لها والعالم بأسره شاهد على ما نقول. مررنا ونمر بصعوبات جمة وبأزمات لا بل بكوارث ليس أقلها تفجير المرفأ ولا الشغور الرئاسي أو تداعي المؤسسات لكننا نتحملها بقرار وتصميم ونتجاوزها بعناد وبفعل الاستمرارية”.
أضافت:”أيها الحفل الكريم، إن ثوابت هذا التجمع هي: أولا – الدستور هو دين الدولة فلا بقاء لدولة دون دستور وقانون ومؤسسات. أما المعتقد والإيمان فهما العلاقة المخلصة والوجدانية بين الإنسان وخالقه فليبقىيا بركة التحصين الذي يثبت اليقين بأن اللبنانين شعب واحد لا تفرقه نعرات طائفية كانت أم مذهبية. ثانيا- الحياد الإيحابي هو وقايتنا وحمايتنا وهدف نسعى لتحقيقه. ثالثا – المسلمات الوطنية والتزام القرارات الدولية وجعل لبنان دولة القانون والمؤسسات هي سياستنا وموجهة بوصلتنا ونطلب ونطالب ونتوجه إلى كل مكونات الوطن للالتقاء على هذه المسلمات. نحن نعول على كل من قال ويقول نعم للبنان الكبير. نحن نعول على الإصلاحيين بطعبهم على كل من يجعل من المحاسبة فعل يومي يمارسه بقناعة وصلابة مبتعدا عن إغراءات الفاسدين والمفسدين وكل ما يعيق قيام الدولة العادلة دولة المساواة بين كل مكوناتها. نحن نعول على أجيال جديدة تحمل شعلة الإنماء والتطور ومواكبة العصر”.
ختمت:”أما تجمع دولة لبنان الكبير مسؤوليته الاستمرار فلا يكون لقاء اليوم عابرا. وهنا ندعو كل من يؤمن بلبنان الكبير أن ينضم إلى صفوفنا التي ستنظم على مستوى القطاعات كافة وسيكون فيها لكل راغب دور ومسؤولية. في النهاية نحن ننشد المواطنة مذهبا ونجعل من الولاء للوطن جسر عبور إلى وطن الإنسان”.