التصويت على الموازنة في ساحة النجمة بعد سجالات ومزايدات عونية ضد الحكومة
ميقاتي ندّد بمثيري النعرات: استطعنا وقف الانهيار وبدأنا بالتعافي
وفي اليوم الثالث أقر مجلس النواب قانون الموازنة بعد جلسة صاخبة تخللتها سجالات ومزايدات من التيار الوطني الحر الذي رفض المجلس اقتراحه الخاص باقرار الموازنة بناء على اقتراح قانون بدلا من مشروع القانون الذي اعدته الحكومة.
وكانت الجلسة قد عقدت عند الثالثة من بعد ظهر امس برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري في ساحة النجمة .
ميقاتي
وتحدث في مستهلها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، فقال: دولة الرئيس، على مدى يومين استمعت الى مناقشات السادة النواب وأرائهم واقتراحاتهم، والقسم الأكبر منها بناء ويساهم في تصحيح ما يجب تصحيحه، على قاعدة التعاون المثمر بين الحكومة والمجلس النيابي، لما فيه خير المواطن ومصلحة الدولة وحسن سير عمل المؤسسات. وحبذا لو تستمر المناقشات بهذا النهج البناء، لأن الوطن يخصّنا جميعا، والحكومة والمجلس النيابي هما ضمانة الدولة، وجميعنا في منزل واحد وتحت سقف واحد، اذا تصدّع، لا سمح الله، فسينهار علينا جميعا. ولكن هناك من يَعتقد أنَّ بقاءَه في المشهد السياسي مرهونٌ بِتَشْغيلِ آلةِ الشَّتْم وقِلَّةِ اللياقةِ وإثارة النعرات، ظنًا منه أنه يستدرجنا للردِّ عليه باللغة نفسها. وقد فاتهُ أنه لا يستحق لا مديحاً ولا هجاء.
دولة الرئيس، اليوم نحن في جلسة مناقشة الموازنة وهي من أهم أولويات الحكومات لأنها تؤمن بالدرجة الأولى الانتظام المالي للدولة، وإقرارها هو أيضا من اهم مهام المجلس النيابي لتأمين استمرارية المرفق العام وانتظام حسابات الدولة، ولكي يكتمل المسار الديموقراطي السليم. فهذا العمل البرلماني أصبح أخيرا محطة للمبارزات الإعلامية، خصوصا اذا ما نظرنا بموضوعية الى جوهر التعديلات التي يصار الى اعتمادها خلال المناقشات. فالاختلاف في المنطلقات ووجهات النظر ضمن الإطار المنطقي للمواضيع المطروحة، هو من طبيعة العمل وموجباته، لكن البعض يصنّفه في خانة الاعمال الكارثية، لكي يبني مجدا زائفا عليها. ما لفتني خلال المناقشات محاولة البعض تحويل الانظار عن مسؤوليته المباشرة، ومسؤولية السادة النواب بانتخاب رئيس جديد للبلاد، بتوجيه الاتهامات الى الحكومة واليّ شخصيا بمصادرة صلاحيات فخامة الرئيس والانقلاب على الدستور، وهذا أمر لا يمكن السكوت عنه والمرور عليه مرور الكرام، خصوصا أنني اشدد في كل جلسة لمجلس الوزراء على ضرورة إنتخاب رئيس جديد. السلوك الذي أعتمده في هذه المرحلة بالذات يتوافق مع ما قرره أعلى مرجع دستوري في البلاد، وهو المجلس الدستوري، الذي اصدر قرارا تحت الرقم ٢٠٢٣/٦، وحسم بموجبه مسألة دستورية جلسات الحكومة، كما ودستورية الآلية المعتمدة لعقدها، وكيفية اتخاذ القرار في مجلس الوزراء.
دولة الرئيس، إن اي حجة لتعطيل مجلس الوزراء واهية. يقولون إنكم رفضتم مشاريع قوانين من الحكومة التي سميت في حينها بتراء، والاسباب كانت في غياب مكوّن لبنان باكمله عن مجلس الوزراء. اليوم الحكومة ميثاقية وكاملة، وعندما حاججتهم بذلك قالوا: ليس كل من يصّلب على وجهه مسيحي. وهذا القول معيب ويشكل اهانة للوزراء المشاركين في الحكومة ولحضورهم وللعمل الكبير الذي يقومون به، فيما سواهم يطرح الحجج للتعطيل، ليس الا. إن مسؤوليّة رئيس مجلس الوزراء تَعني تَحمّل التَبعة، والتبعة مُرتبطة بالـسّلطة، فمن غير المنطق وغير المقبول القول بمسؤولية رئيس الحكومة وغض النظر عن الصلاحيات والسلطة التي منحه اياها الدستور، فالسلطة والمسؤولية مُتلازمتان ويُكمّلان بعضهما البعض. وفي مقابل المسؤولية التي أتحملها، وبحسب المادة /64/ من الدستور، فإنني رئيس حكومة كل لبنان ومسؤول عن تنفيذ سياسة الحكومة العامة، له حق القيادة والسلطة على مجلس الوزراء والوزراء والإدارات والمؤسسات العامة، ومُراقبة تنفيذ هذه السياسة والإشراف عليها. ولهذا السبب تلقيت السهام الموجهة من بعضهم الى الحكومة بمجموع أعضائها، أي عن كل الوزراء. ورغم أن اجتماعنا ينحصر بمناقشة مشروع الموازنة ونحن لسنا أمام مناقشة عامة، ولكن ردّاً على ما اثار حفيظة البعض، تطفلاً ومن غير وجه حق، ومن المنطلق المذكور عينه، بادرت، وسأبقى مبادراً، لتوجيه الكُتب اللازمة إلى الوزراء عند الاقتضاء، لحملهم على القيام بواجباتهم، لأن أي تقصير يتحمل تبعاته رئيس مجلس الوزراء. عوضا من لعن الظلام، المطلوب اضاءة شمعة، وهذا ما نحاول ان نفعله، ولا نزال عند رأينا أن انتخاب الرئيس أمر ضروري وعاجل لاستقامة عمل المؤسسات الدستورية وانتظامه بالكامل. وعليه سأستمر بالقيام بكلّ ما هو متاح بحكم الدستور ويمليه عليّ ضميري الوطني والمصلحة العامة وتأمين استمرارية سير المرافق العامة، مع التذكير بأن أي تقصير قد يُرتكب من أي وزير في حكومتي سيَنسحب حُكماً على الحكومة ورئيسها، ويُشكّل اخلالاً بالواجبات المُترتبة عليها. كما أن هذا الأمر يعرّض الحكومة كلّ الحكومة، رئيساً وأعضاء، للمُساءلة. والمفارقة أنه عند كل ازمة توجه الينا الاتهامات بالتقصير والمطالبات بمعالجة المشكلات، وعندما نقوم بواجبنا نتهم بالاعتداء على صلاحيات رئيس الجمهورية.
دولة الرئيس، حتما إن هذه الموازنة ليست الموازنة المثالية في الظروف الطبيعية، لكنها موازنة تتماهى مع الظروف الاقتصادية والأمنية والاجتماعية والدولية التي يمر بها لبنان، من دون أن ننسى المناخات السلبية الاقليمية التي أثرت على مجمل الحركة في البلد وحرمت الدولة الكثير من الموارد والايرادات. سعينا ولا نزال للانقاذ ومعالجة الازمات المتلاحقة منذ العام 2019 وابرزها توقف المصارف وكوفيد وانفجار مرفأ بيروت، كما نعمل على حفظ حقوق المودع من خلال المشاريع والاقتراحات التي يجب التعاون بي الحكومة والمجلس النيابي لوضعها على سكة الحل. وهذه المشكلات ورثناها ولسنا نحن من صنعها. مشروع قانون موازنة 2024 الذي نناقشه، يعالج أولويات الحكومة ويؤسس لبدء التعافي من أثر الازمات الخانقة التي عاشتها البلاد في السنوات الاخيرة، واستكمال ما تم تحقيقه مع موازنة 2022 لناحية توحيد سعر الصرف، تعزيز الواردات وإزالة الضغوطات التمويلية عن المصرف المركزي، وذلك تمكينا للاستقرار المالي والنقدي الذي توصّلنا اليه تدريجيا خلال العام المنصرم رغم الظروف السياسية والامنية الداخلية والاقليمية المعاكسة. فالاستقرار في سعر الصرف أخيرا ناتج عن زيادة واردات الدولة وسحب السيولة من الاسواق وكذلك امتناع مصرف لبنان عن ضخ السيولة في الأسواق. نعم، دولة الرئيس، فقط للعلم ان موازنة الدولة عام 2019 بلغت اكثر من 17،2 مليار دولار، فيما في عامي 2022 ادرنا البلاد بحوالى 800 مليون دولار. استطعنا وقف الانهيار وبدأنا بالتعافي الجاد، ولدينا في الحساب 36 في مصرف لبنان أكثر من 100 الف مليار ليرة نقدا، ولدينا اكثر من مليار دولار ، منها 150 مليون فريش و850 مليون لولار. علينا أن نبحث عن الهدر الذي كان يحصل في السنوات الماضية. مثال على ذلك احدى المؤسسات العامة كانت ميزانيتها الشهرية مليون و500 الف دولار أميركي، وقد أدرناها بـ28 الف دولار. حققوا بالاموال التي صرفت على مدى السنوات العشر الماضية. صحيح أن هناك حاجة إلى إصلاحات بنيوية في عدة مجالات كالتهرب الضريبي ومحاربة التهريب والفساد وتحديث بعض القوانين التي مضى عليها الزمن، ولكن هذه الإصلاحات الهيكلية لا تُعطي نتيجة في المدى القريب بل في المدييّن المتوسط والقريب. ولكن في هذه الاثناء هناك ضرورة للإنفاق على الرواتب والأجور والقطاعات الإجتماعية كالصحة والتعليم ومُعالجة مسألة الفقر، وهذه القطاعات في حاجة إلى أكبر نسبة من الايرادات التي وردت في مشروع قانون النفقات الإستثمارية. نحن الآن نعمل على إصلاحات عدة ومنها إعادة النظر بقانون الإصلاح الضريبي وإصلاح الجمارك وإعادة النظر في قانون المحاسبة العمومية، وكذلك اصلاح الادارة العامة ومكننتها.
ختاما، نحن في سعي مستمر للتعاون البناء والايجابي بعيدا عن الشعبوية والتجييش الذي لا يفيد وبالتأكيد ليس اوانه اليوم . ومن يهوى السلبية بالمطلق ليقف متفرجا ويتركنا نعمل، فالبلد يحتاج الى جهد، ونحن كحكومة تصريف اعمال نقوم بكل ما اوتينا من قوة، لتسيير شؤون المواطنين وتأمين سير المرافق العامة، ونسيّر امور كل الوزارات، حتى التي يقاطع وزراؤها جلسات الحكومة، لأن هدفنا خدمة المواطن ومصالحه. انتخبوا رئيسا وحلّوا عنا.
سجال
وأثناء القاء ميقاتي كلمته في مجلس النواب ردا على مداخلات النواب في جلسة مناقشة مشروع موازنة العام 2024، قاطعه عضو «تكتل لبنان القوي» النائب سليم عون على خلفية الحديث عن صرف أموال السحب الخاصة SDR وقول ميقاتي أنها صرفت في عهد الرئيس ميشال عون. وقال عون انكم «منذ التسعينات حملتم ورثتكم واعباءكم الى عهد الرئيس ميشال عون»، ورد ميقاتي طالبا «الاحترام».
وتدخل بري فطلب من عون وقف الكلام وان يكمل الرئيس ميقاتي كلمته من دون اي مقاطعة، الا ان الامر استمر بعد تدخل نواب آخرين، فتدخل النائب فيصل كرامي وقال: «اذا استمررتم بمقاطعة رئيس مجلس الوزراء فسنضطر الى مقاطعة كلامكم عندما تتحدثون في خلال الجلسات».
وانهى بري السجال وطلب من ميقاتي إكمال كلامه، وقال: تحدث في خلال الجلسة على يومين 41 نائبا ولم تتم مقاطعة أحد.
وبعد إنتهاء ميقاتي من إلقاء كلمته رداً على النواب، وقبل الشروع بمناقشة بنود الموازنة، طلب النائب سليم عون الكلام بالنظام مطالباً بإقرار الموازنة بموجب إقتراح قانون وفقا لما سبق وإقترحه النائب جبران باسيل، فرد الرئيس بري بالقول: هذا غير دستوري وغير قانوني ومخالف للنظام الداخلي وقلت هذا للنائب جبران باسيل «هاي شغلة ما بتمرّ!».
مغادرة
بعد كلمة ميقاتي بدأت بعيدا من النقل المباشر، عملية التصويت على بنود الموازنة. فيما خرج أعضاء تكتل لبنان القوي النواب سيزار أبي خليل، شربل مارون، إدغار طرابلسي وسامر التوم من جلسة مناقشة الموازنة، وبقي أعضاء لجنة المال والموازنة ورئيسها النائب ابراهيم كنعان بعد رفض الرئيس نبيه بري اقتراح التيار الوطني الحر.
وبعد المناقشة تبنى مجلس النواب اقتراح رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان حول سلفات الخزينة، الذي يقضي بعدم اقرارها. ويصوت على المادة ١٠ من الموازنة بحظر سلفات الخزينة المخالفة لقانون المحاسبة العمومية».
وصُدقت المواد من الأولى حتى الحادية عشرة من دون تعديل، كما عدلتها لجنة المال والموازنة والمتضمنة القروض ودعم البلديات، علما أن المشروع يتضمن 96 مادة.
وبعد المناقشة اقر مجلس النواب بند نفقات الوزارات والادارات الرسمية وبدا بمناقشة مواد مشروع قانون الموازنة.
وحصل نقاش حول الرسوم البلدية لجهة زيادتها على السكن 10 أضعاف وعلى المتاجر 20 ضعفا، لكنه لم يتم التوصل إلى نتيجة، وتركت المادة إلى آخر الجلسة.
وبعدها، ناقش المادة 39 المتعلقة بصندوق تعاضد القضاة.
كما صدق المواد 44 و43 و45 و46 و47.
وأقر غرامات السير في المادة 43، والتي أصبحت عشرة أضعاف. كما صدق المادتين المتعلقتين بالرسوم على المشروبات الكحولية.
أما المادة 46 فوضعت رسوما على أصحاب المنتجعات البحرية، الذين يمنعون المواطنين من النزول إلى الشاطئ.
وصدق المجلس المادة المتعلقة بنسبة الأرباح على الشركات الصناعية والتجارية.
وصدق على المواد 42 و41 و40، التي تتعلق بطابع المختار وبالتصريح عن الأرباح.
وأشار وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال إلى «وضع رسوم على من يريد أن يستدعي عاملا أجنبيا».
كما صدق المواد من 48 إلى 52، ومنها المتعلقة بضريبة الدخل، إضافة إلى المواد 53 و54 و55.
وصدق المواد من 55 إلى59، ومنها المتعلقة بصيانة المنشآت الرياضية في مدة زمنية تصل إلى 9 سنوات قابلة للتجديد.
كما أقر المواد من 60 إلى 69 المتعلقة بتعديل مواد الرسوم عموما، والمادة ما قبل الأخيرة التي قضت بتعديل رسم الترشح للانتخابات وزيادته ليصبح 200 مليون ليرة.
كما صدق المواد من 55 إلى59، ومنها المتعلقة بصيانة المنشآت الرياضية في مدة زمنية تصل إلى 9 سنوات قابلة للتجديد.
كما أقر المواد من 60 إلى 69 المتعلقة بتعديل مواد الرسوم عموما، والمادة ما قبل الأخيرة التي قضت بتعديل رسم الترشح للانتخابات وزيادته ليصبح 200 مليون ليرة.
وصادق المجلس على المواد من 70 إلى 77، ومنها المتعلقة بالرسوم على المعاملات الخارجية وإخراجات القيد وضرائب على خروج المسافرين والسيارات الجديدة الصديقة للبيئة، وزادت الضرائب أضعافا عدة.