كنعان من نقابة المحامين: الودائع التزامات وليست خسائر وبعض من يتحدث من السلطة عن استعادة الأموال المنهوبة شارك في الفساد
سأل رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان، خلال إطلاق “لجنة الشؤون المصرفية وحماية حقوق المودعين”: “هل يعقل بعد ٤ سنوات على الانهيار وحتى اليوم، لم يحصل التدقيق المحايد بمواصفات دولية بموجودات الدولة وعائداتها وموجودات المصارف في لبنان والخارج؟”.
وسأل أيضا: “كيف يمكن تحديد المسؤوليات وتوزيعها والحديث عن انتظام مالي، بينما الخطط التي وضعتها الحكومات المتعاقبة منذ الأزمة هي لشطب الودائع، فهم يضيعون الناس ويخرجون بعناوين عريضة”.
وقال: “بعض من يتحدث من السلطة عن استعادة الأموال المنهوبة شارك في الفساد وعملية النهب”.
أضاف: “عملنا من أجل وضع مشروع قانون يحدد الضوابط الموقتة والاستثنائية على التحاويل والسحوبات المصرفية لئلا تترك لاستنساب السلطتين التقريرية والنقدية. وعندما تعذر إقرار مشروع القانون في الحكومة، قمت مع بعض الزملاء النواب بوضع اقتراح قانون معجل مكرر للغاية ذاتها وتقدمت به في 20 أيار 2020، لكن الهيئة العامة أعادته إلى اللجان ليدرس ويقترن بعد التعديل، وفقا لملاحظات صندوق النقد بموافقة لجنة المال والموازنة، وبعدها لجنة الادارة والعدل، إلا أن الحكومة الحالية حالت دون إقراره في الهيئة العامة في حجة أنها ستضع مشروع قانون لهذه الغاية. وما زال هذا الموضوع حتى بعد إقراره في اللجان المشتركة مجال أخذ ورد في حجة أن صندوق النقد الدولي يرغب في إدخال تعديلات إضافية عليه، وما زال أصحاب الودائع تحت رحمة أصحاب المصارف والسلطة النقدية”.
وتابع: “طالبنا بإجراء تدقيق محايد في موجودات المصارف، هنا وفي الخارج، والدولة لتبيان فعليا الإمكانات التي تتيح إقرار قانون جدي لاسترداد الودائع بعد توزيع المسؤوليات وليس قانونا وهميا يعلق الحقوق حتى زوالها”.
وقال: “بصفتي رئيسا للجنة المال والموازنة، حين ناقشت لجنتنا خطة التعافي المالي التي أقرتها حكومة الرئيس حسان دياب، اعترضت على منطلق وحيد لا غير فيها يؤدي عمليا إلى ىشطب الودائع المصرفية لقاء تمليك أصحابها سندات أو أسهما في قطاع مصرفي مفلس وفي مصارف انعدمت الثقة بها”.
أضاف: “تصدينا لكل مناورات الحكومة الحالية تارة على صعيد إصلاح القطاع المصرفي من دون إجراء التدقيق اللازم في أوضاع المصارف، وطوراً على صعيد الانتظام المالي لأن منطلقاتهما لا تخرج عن شطب الودائع المصرفية تحت مسميات تجميلية بتقسيمها إلى ودائع مؤهلة وأخرى غير مؤهلة، وإلى ودائع جديدة وأخرى قديمة، متجاهلين كل النصوص الدستورية التي تحمي الملكية الخاصة وتقضي بالمساواة بين المواطنين، ومتجاهلين أن الوديعة أمانة لدى من أودعت لديه، وأن عليه ردها بعملة إيداعها عند استحقاق أجلها، كما تقضي أحكام قانون الموجبات والعقود ذات الصلة، وإلا فقد خان الأمانة”.
وتحدث عن “إقرار لجنة المال قانون تعديل السرية المصرفية، الذي سمح للقضاء وعددا من المؤسسات النقدية والمالية والادارية بالدخول إلى حسابات المصارف وأصحابها بحالات محددة في القانون”، وقال: “يردد بعض الأشخاص عن حسن نية أو عن سوء نية مقولة إن لجنة المال والموازنة أجهضت خطة حكومة حسان دياب التي لو جرى السير بها لكانت الأوضاع المالية اليوم أفضل بكثير، ولكان البلد في مرحلة متقدمة من التعافي، ولكان أصحاب الودائع قد حصلوا على الجزء الأكبر منها. ولهؤلاء، وخدمة للحقيقة، أذكر بما خلصت إليه لجنة تقصي الحقائق التي شكلتها لجنة المال والموازنة في حينه وضمنته في تقريرها:
إن إعادة هيكلة الدين العام يجب ألا تتم على حساب المودعين، كما تقترح خطة الحكومة، ولا تحد من استمرار قدرة مصرف لبنان على تمويل حاجات الخزينة، ولا تمس باستقرار الاقتصاد الوطني وبوسائل نموه
إن إعادة هيكلة الدين العام يجب أن تحمل الدولة جزءا من المسؤولية عن الالتزمات، وليس الخسائر، كما أسمتها الخطط الحكومية، والتي تسببت بضياعها سياساتها المالية على مدى ثلاثة عقود من الزمن (الإبراء المستحيل)
إن المسؤولية عن الالتزامات، وليس الخسائر، يجب أن تطال المصارف أيضا لأنها لم تحافظ على ثقة المودعين بها، ولم تراعِ مقدار المخاطر الناجمة عن استثمار الودائع في الدين العام وفي شهادات الإيداع لدى مصرف لبنان.
إن المسؤولية عن الالتزامات، وليس الخسائر، يجب أن تطال مصرف لبنان أيضاً الذي لم يدق ناقوس الخطر مما شجع الحكومة على التمادي في الاستدانة من دون سقوف”.
وقال: “لذلك، ضمنت اللجنة تقريرها أربعة خيارات تأخذ في الاعتبار استخدام رساميل المصارف وموجوداتها في تغطية جزء من الالتزامات، وليس الخسائر، وتترك للحكومة أن تختار أحد هذه الخيارات مع كامل استعداد اللجنة لمساعدتها إذا رغبت في ذلك. أما الأهم من كل ذلك فما تضمنه التقرير تحت عنوان: سياسة مصرف لبنان والمصارف:
ناقشت اللجنة أداء المصارف ومصرف لبنان خلال الأزمة الراهنة، كما السياسات المالية التي تم انتهاجها خلال السنوات الماضية، لا سيما على صعيد توظيف أموال المودعين وتوزيع المخاطر وتحديد الفوائد، وخلصت إلى ما يلي:
1 – إن إقراض مصرف لبنان الدولة من ودائع المصارف لديه، من دون أن يأخذ في الاعتبار معايير المخاطر وتوزيعها في شكل عادل، أسهم في تهديد هذه الودائع وحقوق أصحابها.
2- إن إقراض المصارف مصرف لبنان والدولة من ودائع المواطنين لديها، من دون أن تأخذ في الاعتبار معايير المخاطر وتوزيعها في شكل عادل، أسهم في تهديد ودائع المواطنين وحقوق أصحابها.
3- إن الفوائد المرتفعة على تمويل الدولة أسهم في ارتفاع عجز المالية العامة سنويا واستنفاد ما يزيد على 35% من إيراداتها لخدمة هذا الدين”.
أضاف: “أبلغت اللجنة مصرف لبنان وجمعية المصارف رفضها لأداء القطاع المصرفي لجهة:
المبالغة بنسب الفوائد التي تتقاضاها على القروض علما بأن معظم دول العالم تلجأ سريعا خلال الأزمات الى خفضها تفاديا لإفلاس المؤسسات وازدياد معدلات البطالة.
عدم اعتماد معايير موحدة لتحويل الأموال الى الخارج: أقساط مدرسية، كلفة معيشة، مستلزمات طبية، الخ…، و/أو للسحوبات الداخلية، مما أدى في كثير من الأحيان إلى إذلال المواطنين وضياع حقوقهم.
عدم التزام المصارف تعاميم مصرف لبنان الصادرة خلال الأزمة، لا سيما التعميم رقم 547، الذي يؤمن تمويلا لمدة 5 سنوات من دون فائدة للمؤسسات لكي تتمكن من دفع رواتب موظفيها وتسديد الأقساط المستحقة ومصاريفها التشغيلية.
كما طلبت اللجنة من مصرف لبنان وجمعية المصارف الالتزام وإلزام المصارف تغيير أدائها ووضع معايير موحدة تريح المواطنين وتحمي حقوقهم مؤكدة مسؤوليتهم بتحمل الالتزامات وليس الخسائر بينهم وبين الدولة من دون انعكاسها على المودع”.
واعتبر كنعان “أن كل الاقتراحات والإجراءات تبقى قاصرة عن معالجة المشكلة، إذا لم تتناول أساس هذه المشكلة أي المباشرة بالإصلاح”، لافتا إلى أن “الشرط الأساسي الذي وضعه صندوق النقد الدولي لنجاح التفاوض معه، والتمويل منه، هو الإصلاح”.
وختم: “إلى من يرغب في برنامج جاهز للإصلاح، فتوصيات لجنة المال منذ 2010 وحتى اليوم هي السبيل إلى ذلك”.