الإجرام الإسرائيلي يطيح بكل الخطوط الحمر في المنطقة
لم تكن حارة حريك لملمت اشلاء شهدائها، حينما اغتالت تل ابيب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية إثر غارة اسرائيلية على مقر إقامته في العاصمة الإيرانية طهران. تطوران بالغا الخطورة خلال اقل من اثنتي عشرة ساعة، عززا المخاوف حيال ما ينتظر لبنان الذي يقبع اصلاً على فوهة بركان حرب غزة وحممه المتطايرة جنوبا، في جبهة اسناد تستعر مُنذرة بانفجار واسع وحرب متمددة الى دول المنطقة.
اهداف اسرائيل التي تمددت الى دول المحور الثلاث، وفي شكل خاص طهران، برمزية المكان، جعلت الرصد على أشدِّه لمآلاتِ الرد من جانب الجمهورية الاسلامية وحزب الله وحماس وطبيعة تلقفه من جانب تل ابيب المحشورة في زاوية خيارات قسرية تراوح بين الحرب الشاملة التي لا قدرة لها على خوضها في مواجهة دول المنطقة في ظل جيش منهك بحرب غزة ورئيس حكومة غارق في مستنقعها، وشعب ناقم على قيادته وخلافات داخلية تنذر بالانفجار. رد اكيد آت، يبقى ترقب شكله، وما اذا كان سيشبه صواريخ ايران على تل ابيب ليل 13- 14 نيسان الماضي، ام يكون أشرس وعلى مستوى الاغتيال “النخبوي”.
وسط التراجيديا هذه، يبدو مضحكا مبكياً، ما يصدر عن الدولتين اللبنانية والاسرائيلية لجهة رؤيتهما لكيفية وقف الحرب اذ يطرحان المطلب نفسه، تنفيذ القرار 1701 بكامله. كلام صدر عن حكومتي البلدين في آن. الرئيس نجيب ميقاتي قال في جلسة مجلس الوزراء الاستثنائية “اننا نطالب فورا بتنفيذ القرار 1701 كاملا وبحذافيره”، ووزير خارجية إسرائيل يسرائيل كاتس شدد على ان إسرائيل ليست مهتمة بحرب شاملة لكن الطريقة الوحيدة لمنعها هي انسحاب حزب الله إلى شمال نهر الليطاني ونزع سلاحه وفقا لقرار الأمم المتحدة رقم 1701. فأين اسرئيل التي تخرق القرار بوتيرة يومية من تنفيذه واين دولة لبنان من قدرتها على اجبار حزب الله على التراجع ليحل الاستقرار مكان القتل والدمار وتقفل جبهة الجنوب ليبدأ “اليوم التالي” وتنطلق رحلة ترسيم الحدود البحرية؟
اغتيال هنية
اغتيال تل ابيب لهنية قفز الى واجهة الحدث المحلي والاقليمي والدولي، بعيد استهداف شكر… ففي تطور امني – سياسي وازن، اغتالت اسرائيل هنية في ايران. وبينما تناقضت المعلومات الايرانية والاسرائيلية حول اسلوب اغتياله في غرفته اثناء نومه وقد اكدت اوساط اسرائيلية انه قتل بصاروخ من غواصة وقالت اخرى انه قتل من الداخل الايراني لا من خارجه كما قال الاعلام الايراني، توعّدت ايران التي اعلنت الحداد ومعها كل اذرع الممانعة بالثأر والرد القاسي، في حين نفت الولايات المتحدة علمها بعملية الاغتيال.
جلسة الحكومة
في المتابعة الرسمية، رأس رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي جلسة لمجلس الوزراء في السراي صباحا، غاب عنها وزراء التيار الوطني الحر. وقال ميقاتي في مستهل الجلسة: ندعو العالم، الشاهد على جرائم اسرائيل، الى اجبارها على وقف اطلاق النار والالتزام بالقرارات والقوانين الدولية وعلى تنفيذ القرار 1701 وكفى ان يكون العالم شاهدا على اجرامها وخروقاتها التي تجاوزات عشرات الالاف.
حزب الله يزف القائد الجهادي الكبير “السيد محسن” شهيداً على طريق القدس
زف حزب الله القائد الجهادي الكبير الأخ العزيز والحبيب السيد فؤاد شكر (السيد محسن) شهيداً كبيراً على طريق القدس. وقالت العلاقات الاعلامية في حزب الله في بيان “تُقَدِّمُهُ مقاومتنا عنواناً لالتزامها الحاسم وعزمها الراسخ بمواصلة الجهاد حتى تحرير الأرض والمقدسات والإنسان من ظلم ووحشية هذا الكيان الغاصب والمجرم والقاتل، ورمزاً من رموزها الكبار من صانعي انتصاراتها وقوتها واقتدارها ومن قادة ميادينها الذين ما تركوا الجهاد حتى النَّفْسِ الأخير.”
وقال بيان العلاقات الإعلامية إن مسيرة الشهيد كانت حافلة كلها إيمان بالله وعهد مع الله وصدق في هذا الإيمان والعهد وجهاد دؤوب بلا كلل ولا ملل وانتظار طويل للقاء الله تعالى والأحبة الذين سبقوا من إخوانه القادة والشهداء والاستشهاديين وفي ذروة الشوق لهذا اللقاء، مَنَّ الله تعالى على عبده المجاهد والصادق والمخلص والعاشق بوسام الشهادة الرفيع وأذِنَ له بهذا اللقاء الأبدي في رضوان الله وجواره”.
وأضاف البيان “وكما كان حضوره المباشر في الحياة معنا قوةً مميزة للمقاومة ستكون شهادته العظيمة دفعاً قوياً لإخوانه المجاهدين من أجل المُضِي قُدماً بثباتِ وشجاعة لحفظ الإنجازات والانتصارات والمقدرات وتحقيق الأهداف والآمال التي كان يتطلع إليها هذا القائد الكبير”.
“هذا بيان تعزيتنا وتبريكنا وأما موقفنا السياسي من هذا الاعتداء الآثِم والجريمة الكُبرى سَيُعَبِّرُ عنه الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله “حفظه الله” غداً في مسيرة تشييع الشهيد القائدِ إن شاء الله.”
هنية يشيع في طهران اليوم ويدفن في قطر
إجماع فلسطيني على إدانة جريمة اغتياله ترافق مع حداد وطني ومسيرات شعبية واضراب عام
أعلنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) – الأربعاء- أن مراسم تشييع رسمية وشعبية ستقام لرئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران اليوم الخميس، قبل نقل جثمانه إلى العاصمة القطرية الدوحة لإقامة صلاة الجنازة ودفنه فيها الجمعة
وكشفت مصادر سياسية في العاصمة القطرية الدوحة أن جثمان إسماعيل هنية، سينقل إلى الدوحة بعد استكمال الإجراءات الخاصة بتحليل ظروف وملابسات اغتياله من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
وأكدت المصادر أن فقيد حركة حماس سينقل مباشرة بعد وصوله مطار حمد الدولي عبر رحلة خاصة، إلى مسجد محمد عبد الوهاب وهو مسجد الدولة في قطر، لصلاة الجنازة والتي ستقام بعد صلاة الجمعة مباشرة، والتي يتوقع أن يشارك فيها مسؤولون دوليون ورؤساء دول وحكومات وشخصيات من المقاومة الفلسطينية وفعاليات مختلفة.
وبعد الصلاة على رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس، سينقل جثمانه لمقبرة أبو هامور في الدوحة بحضور جماهيري واسع وأقارب “أبو العبد” وأفراد أسرته وأعداد غفيرة من المواطنين والمقيمين.
وسيدفن إلى جانب إسماعيل هنية مرافقه الشخصي وسيم أبو شعبان الذي استهدف معه في تفجير مقر إقامتهما في العاصمة الإيرانية طهران.
وقالت حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”، الأربعاء، إن وفدا منها سيشارك في تشييع جثمان رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية، المقرر الجمعة، في قطر.
وأشارت الحركة في بيان، إلى أن الوفد يضمّ كلا من نائب رئيس الحركة محمود العالول، وأمين سر لجنتها المركزية جبريل الرجوب.
وكانت “فتح” قد أدانت اغتيال هنية، ووصفته في بيان بأنه “عمل جبان”.
كما أدان زعيم الحركة الرئيس الفلسطيني محمود عباس “بشدة اغتيال رئيس حركة حماس القائد الكبير إسماعيل هنية، واعتبره عملا جبانا وتطورا خطيرا”.
وقالت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) الأربعاء إن قائدها إسماعيل هنية استشهد في “غارة صهيونية غادرة على مقر إقامته في طهران”.
وعلق عضو المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق على اغتيال هنية بالقول إن “اغتيال القائد إسماعيل هنية عمل جبان ولن يمر سدى”.
وقال المسؤول في حركة حماس سامي أبو زهري إن اغتيال هنية “تصعيد خطير لن يحقق أهدافه”.
من جهته، قال عبد السلام هنية نجل رئيس المكتب السياسي لحماس إن والده “نال ما تمنى”.
وأضاف هنية في تصريح لإذاعة الأقصى التابعة لحماس “نحن في ثورة ونضال مستمر ضد الاحتلال، المقاومة لن تنتهي باغتيال القيادة وحماس ستظل تقاوم حتى التحرير”.
ونقلت وسائل إعلام إيرانية رسمية عن الحرس الثوري الإيراني القول في بيان إن هنية وأحد حراسه الشخصيين اغتيلا بقصف اسرائيلي تعرضت له طهران من دولة اخرى.
وذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية أن إسماعيل هنية اغتيل في حوالي الساعة الثانية صباح الأربعاء. بـ”مقذوف جوي” استهدف مقر اقامته في طهران المخصص لقدامى المحاربين.
وكان آخر ظهور لهنية في طهران أثناء حفل تنصيب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان مساء الثلاثاء.
وسبق ذلك عقده مساء الثلاثاء، مباحثات مع بزشكيان حول التطورات السياسية والميدانية المتعلقة بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وفق بيان للحركة.
ونعى الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.
من جانبها، أدانت الحكومة الفلسطينية، في بيان، عملية الاغتيال، ووصفتها بـ“الغادرة بحق الأخ القائد الوطني إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ورئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق”.
ودعت الحكومة “الفصائل والقوى والشعب الفلسطيني جميعا لمزيد من الوحدة الوطنية والصمود في وجه الاحتلال وجرائمه”.
كما أدانت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين عملية الاغتيال، وأكدت “تلاحمها” مع حماس.
في غضون ذلك، دعت الفصائل الوطنية والإسلامية الفلسطينية إلى إضراب عام ومظاهرات حاشدة احتجاجا على اغتيال هنية.
وشهدت عدة مناطق بالضفة الغربية مسيرات، الأربعاء، تنديدا باغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، في أعلنت قوى وفصائل فلسطينية الإضراب الشامل.
وانطلقت مسيرة وسط مدينة رام الله، وجابت عدة شوارع رفع خلالها الأعلام الفلسطينية، ورايات حركة حماس.
وانطلقت مسيرات مماثلة في مدينتي بيت لحم والخليل (جنوب) ومسيرات في مدن نابلس وطولكرم وسلفيت وجنين وطوباس وقلقيلية (شمال)، وعدد من المخيمات والبلدات التابعة لها.
وردد المشاركون في التظاهرة في رام الله هتافات تعبّر عن غضبهم من اغتيال هنية، بينها “لا إله إلا الله.. هنية حبيب الله، الانتقام، واصمد اصمد يا سنوار.. وراح نأخذ بالثأر”.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد أعلن الحداد العام وتنكيس الأعلام ليوم واحد حدادا على اغتيال هنية.