أبي رميا استقال من تيار مشروع التوريث والأجندات الشخصية والمصالح الضيقة
أعلن النائب سيمون ابي رميا خروجه من «الإطار التنظيمي للتيار الوطني الحر»، مؤكدا انه سيبقى مخلصاً للمبادئ الوطنية لهذه الحالة السياسية التي رافقته طويلاً. ومما جاء في بيان الاستقالة: في مرحلة التأسيس كان نظامنا الحزبي يقوم على الشراكة الحقيقية والمشورة الجادة والديمقراطية الإيجابية. لكن سرعان ما بدأ الإنحراف عن تلك الأسس، فتحوّل نظامنا تدريجياً إلى نظام رئاسي وبدأت مسيرة الإنتقال من التعددية الفكرية الغنّية نحو الأحادية والتفرّد. بموازاة هذه التعديلات التي ضربت في الصميم الفكرة الأساسية المتمثلة في تأسيس تيار ديمقراطي نموذجي، بدأت سلسلة التراجع الشعبي في الانتخابات النيابية المتعاقبة. وبعد تسونامي عام 2005، وصل التيار إلى أدنى نسبة من الأصوات في انتخابات 2022. ورغم أن ذلك أثار أسئلة جادة من الضنينين على استمرارية التيار وطالبوا بتقييم المرحلة السابقة بجوانبها الإيجابية والسلبية، إلا ان هذه الأصوات لم تلقَ آذاناً صاغية، فاستمرت قيادة التيار بسياسة «دفن الرؤوس في الرمال» وعدم مواجهة الحقيقة. وبدأ العمل الجاد لطي صفحة التيار التاريخي الأصيل عبر إقصاء رموزه وخلق حالة جديدة موالية للشخص وليس لقضية أو برنامج. وقد ترافق ذلك مع تنفيذ أجندات شخصية ومصالح ضيقة على حساب المصلحة الوطنية الكبرى. واستكملت عملية «التطهير» التي بدأت منذ عدة سنوات، لتطال تباعاً الكوادر والناشطين المؤسسين، فضلاً عن الوزراء والنواب السابقين والحاليين. اذ تحوّل كل قيادي يستمدّ شرعيته من تاريخه وحاضره ومساهمته في التيار على مدى أربعة عقود، هدفاً للإقصاء لأنه لا تنطبق عليه مواصفات مشروع التوريث الذي يراد ان يقوم عليه «التيار الجديد». واذ بنا نشهد تباعاً نسخة حزبية عن مسلسل «عشرة عبيد صغار» الشهير بفصول وسيناريوات مختلفة لكل واحد منهم. ويحزّ بقلبي ان تتصادف كتابة هذا البيان مع ذكرى 7 آب 2001 للتأكيد على صحة ما اقول وإذ بأكثرية المناضلين المعتقلين في هذا اليوم اصبحوا خارج التيار جراء الاقصاء او الطرد او الاستقالة.
ورغم كل الملاحظات والاختلافات على الادارة الحزبية، بقيت أميناً الى جانب العماد عون طالما كان في مهامه السياسية وكان آخرها رئاسة الجمهورية. اما وقد انتقلنا اليوم الى حصرية قيادة التيار عبر الرئاسة الحالية للحزب، فهذا ما يضاعف تطلّعنا وحاجتنا الى ادارة تشاركية لرسم خياراتنا وقراراتنا الاساسية والمصيرية على صعيد البلد. لكن تخلّف قيادة التيار عن الاستجابة مع تطلّعاتنا لإدارة شؤون التيار والبلاد وحقنا في المشاركة في صياغة قرارات حزبية، بطريقة فعلية وليس فقط صورية، ولأن قصة الإلتزام أصبحت كقصة «إبريق الزيت»، وهي حقّ يراد به باطل، لأنه واقعاً الزام بسياسات وخيارات لا شراكة فعلية في صياغتها، قررت أن أنهي رحلتي كشاهد على تحلّل مؤسسة شاركت في تأسيسها وساعدت في تطويرها.