خلدون الشريف: خطابا نصرالله الأخيرَيْن عقلانيَيْن.. واللبنانيون يسألون: هل ندفع ثمن “الإسناد” وحدنا؟
اعتبر الدكتور خلدون الشريف أنّ الخطابَيْن الأخيرَيْن للأمين العام لـ”حزب الله”، السيد حسن نصرالله “اتسما بالعقلانية، رغم حجم الخسارة التي مني بها باغتيال القائد العسكري فؤاد شكر في عمق الضاحية الجنوبية لبيروت، عندما أعلن أن الردّ محسوم، لكننا نقاتل بغضب وبعقل، وبغضب وحكمة”.
ولفت الشريف في حديث لصحيفة “الشرق الأوسط” إلى أنّ الخطاب الثاني لنصرالله “استفاض في شرح الموقف من الجهتين، حيث قال إنه لو أرادت إسرائيل حرباً شاملة مع لبنان لشنّتها منذ حين، وليؤكد بدوره أن الحزب ليس طالب حرب بدوره، لكنه حسم موضوع الرد ولمّح بشكل واضح إلى أن الحزب حين استهدفت إسرائيل مدنيين ردّ على أهداف عسكرية”.
أمّا عن الأهداف التي من الممكن أن يطالها ردّ “حزب الله”، فأعرب الشريف عن اعتقاده بأن “الرد سيكون على أهداف عسكرية قد تكون أبعد مسافة مما طالته صواريخ الحزب أو مسيراته سابقاً”.
وأضاف: “لا شك أن هناك وساطات كثيرة تجري بين الحزب وإسرائيل وبين إيران وإسرائيل أيضاً… ومن الواضح أن السبيل الوحيدة لإلغاء الردّ على اغتيال كل من رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية في طهران والقيادي في “حزب الله” فؤاد شكر تختصر بوقف إطلاق نار في غزة، ما يسقط الردود”.
واعتبر أنّ “الملفت في الخطاب قول نصرالله إن أحداً لا يطلب من إيران وسوريا أن يقاتلا قتالاً طويلاً، وهو ما دفع عدداً كبيراً من الفرقاء في لبنان ليسألوا سؤالاً بديهياً: هل مطلوب أن يدفع لبنان وحده، دون الآخرين، ثمناً من رزقه وأرواحه، على الرغم من إيمانهم بعدالة القضية الفلسطينية وإجرام حكام إسرائيل؟!”.
وحول وجود ضمانات بالإلتزام بقواعد الاشتباك بين “حزب الله” وإسرائيل، يرى الشريف أنه “ليس ثمّة ما يؤكد أن واشنطن وعدت بعدم استهداف بيروت والضاحية، ولو أن الكلام الدبلوماسي الرفيع في العاصمة كان في هذا الاتجاه كل الوقت”. ويضيف في الوقت نفسه أنه “ليست هناك ضمانات ألّا يرد الحزب على أهداف قد تدفع الإسرائيلي إلى الردّ بدوره، وزيادة حدود الصراع وحدود النار، غير أنه من الواضح إلى اليوم أن الكل يقاتل تحت السقوف، لكن تلك السقوف ترتفع تدريجياً إلى مستويات عالية”.
وفي ما خصّ إعلان نصرالله أنّ هذه المعركة لن تكون معركة زوال إسرائيل، عزا الشريف هذا الموقف إلى أن “موازين القوى الداعمة لإسرائيل بعد عملية (طوفان الأقصى) لغير مصلحة المقاومة، خاصة في فلسطين المحتلة، بسبب الظروف التي أحاطت بالعملية من جهة، وبسبب ضعف إمكانات حركة حماس العسكرية، رغم قدراتها الهائلة على الصمود، ولأن هذه المعركة تحديداً لم يقررها نصرالله، بل جاء منذ 8 أكتوبر ليقول إنه جبهة إسناد لا أكثر”.
ولا يستغرب الشريف اعتراف نصرالله “المنطقي والبديهي بتحقيق إسرائيل أهدافاً ثمينة في اغتيال من اغتالتهم منذ البدايات، مع أن المعارك تعرف بنتائجها النهائية، التي لا تزال غير واضحة”.
وختم بالقول إنّه “من المؤكد أن إسرائيل لا تستطيع إنهاء “حزب الله” وضرب نفوذه، لكنها تستطيع التسبب بآلام شديدة، وهو بدوره يستطيع إيلامها”، معتبراً أن “سردية الحزب في الاستراتيجية قد لا تكون تغيّرت، لكنه يدرك في التكتيك أن زوال إسرائيل ليس في متناول اليد في هذه المرحلة أو في مرحلة أبعد”.