سيد المقاومة شهيدا على طريق القدس وفلسطين، والراية لن تسقط.
لقد احتل الشهيد الكبير سيد المقاومة، وقائد التحرير الشجاع، السيد حسن نصر الله موقعا هاما جدا في المعادلات الصعبة على الصعيد الوطني اللبناني، وعلى الصعيد الإقليمي والدولي، حيث تحوٌل إلى أحد أهم الشخصيات المؤثرة في مجرى الصراع الدائر بين محور وجبهات المقاومة في مواجهة المشروع الصهيوني الاحلالي الاستيطاني الكولونيالي الهادف إلى بسط سيادة دولة الاحتلال على كل ارض فلسطين التاريخية، خطوة على طريق التمدد الاحتلالي لأجزاء كبيرة من الأراضي العربية، في سياق تحقيق حلم الآباء والاجداد الصهاينة، بإقامة دولة اسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل. وذلك بالتكامل مع مشروع الهيمنة والسيطرة والاستعمار الذي يمثله المشروع الإمبريالي التي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، القائم على فرض الهيمنة على الأنظمة واستعباد الشعوب وسرقة ثرواتها وخيراتها، تكريسا للأحادية القطبية التي لا منافس لها، في مواجهة المشاريع التي تقودها دول وأحزاب وحركات المقاومة والممانعة من أجل عالم متعدد الأقطاب، تسود فيه العدالة الدولية والشراكات والتكامل بين الدول والشعوب والمصالح المتبادلة القائمة على احترام السيادة الوطنية لكل الدول. لقد لعب السيد الشهيد الكبير صاحب القرار الحاسم، دورا كبيرًا مقدامًا في زمن عزَّ فيه الرجال. حيث ترجّل الفارس ليشق الطريق للآلاف المؤلفة من أبطال المقاومة في فلسطين ولبنان ومحورها وقواها الحية في العالم، لمواجهة القتلة الفاشيين، نازيي العصر الصهاينة. لكن هذه الجريمة النكراء والخسارة المُجلجلة، لن تكسر إرادة الصمود والمقاومة لدى المقاومة، وأحرار العالم، بل سيزداد لهيبها اشتعالًا حتى كنس هذا الاحتلال الصهيوني المتوحش وحاضنته أمريكا، الشريك الأكبر، عدوة الشعوب، والغرب الأطلسي في ارتكاب المجازر والمحارق والاغتيالات الجبانة، لتنفيذ مخطط الإبادة الجماعية والاستئصال والتطهير العرقي للبشرية والإنسانية. إن حساب المقاومة والشعوب قادم، ولن يهنأ الإسرائيليون والأمريكيون بجريمتهم النكراء هذه، مهما غلت التضحيات، وذلك على طريق إحباط مخطط الشرق الأوسط الأمريكي الإسرائيلي لتكريس وتعميق الهيمنة على دول وشعوب المنطقة في إطار إعادة تجديد السيطرة الأحادية الأمريكية على العالم.
صحيح أن محور وجبهات المقاومة قد خسرت قامة كبيرة جدا ورمزا كبيرا من رموزها الاوائل، الذين أسسوا لمرحلة جديدة قائمة على معادلة، زمن الهزائم قد ولّى، وجاء زمن الانتصارات، منذ دحر الاحتلال وتحرير الجنوب، وانتصار تموز وطوفان الأقصى وملحمة غزة والضفة ولبنان واليمن والعراق وصمود سوريا وإيران وأحرار العالم. الا أننا على ثقة بقدرة الإخوة في حزب الله على تجاوز هذا المصاب الجلل والخسارة الهائلة، وما سبقها من استهداف لقادة ومجاهدي الحزب بسلسلة العمليات الإرهابية التي بدأت بتفجير البيجر والأجهزة اللاسلكية واغتيال قادة قوة الرضوان وكبار القادة العسكريين في الحزب، فحزب الله، حزب عقائدي، جهادي، مقاوم، عريق، اصيل، متجذر في أوساط الشعب اللبناني والشعوب العربية وأحرار العالم، له تاريخ حافل بالبطولات والانتصارات، له مرتكزات مؤسساتية عميقة ومُتشعبة، لكل ذلك وغيره، فإن الحزب قادر على تعويض هذه الخسائر العظيمة، وأبرزها استشهاد قائده وسيد محور المقاومة، لتجديد بنيته ورفد مواقعه القيادية بالمزيد من القيادات، لمواصلة مسيرة المقاومة بشكل أشد وأقوى وأكثر تماسكا، في مواجهة الاحتلال، وإحباط أهدافه التوسعية، وتحقيق المزيد من الإنجازات والانتصارات على العدو الصهيوني والأمريكي.
إن شعب فلسطين ومقاومته، خسر قامة عملاقة، باستشهاد سيد المقاومة الشهيد الكبير السيد حسن نصر الله، نظرا للدور الكبير واللامتناهي الذي لعبه الشهيد والحزب في دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته منذ تأسيس الحزب، والتي توالت فصولا حتى معركة طوفان الأقصى وحرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها شعبنا الفلسطيني، وما يزال منذ عام كامل، حيث أعلن سيد المقاومة وشهيدها يوم الثامن من اكتوبر الماضي، انطلاق عمليات الدعم والإسناد للمقاومة في غزة وشعبها الصامد الصابر، رغم المجازر وحرب الإبادة الغير مسبوقة في التاريخ المعاصر، حيث ربط السيد الشهيد استمرار عمليات الدعم في الجنوب اللبناني ضد الاحتلال، بوقف العدوان الصهيوني على غزة والضفة، وتوقيع اتفاق غير مباشر بين المقاومة الفلسطينية والعدو الصهيوني، يُفضي إلى فتح المعابر وانسحاب قوات العدو الصهيوني النازي من كل شبر في قطاع غزة، وإدخال المساعدات وفك الحصار، والانصياع لصفقة تبادل مُشرّفة تؤدي إلى إطلاق سراح الأسرى الصهاينة مقابل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين. وقد قدّم الحزب من أجل ذلك آلاف الشهداء والجرحى على طريق القدس، وقد كان مع ثلة من كبار قادة الحزب في مقدمة صفوف الشهداء، دفاعا عن فلسطين ومقاومتها، في مواجهة الاحتلال وإرهاب الدولة المُنظم التي تمارسه حكومة النازيين والفاشيين الجدد في الكيان الصهيوني الغاصب. لذلك احتل الشهيد نصر الله مكانة مرموقة جدا في وجدان الشعب الفلسطيني ومقاومته التي ستستمر وتتصاعد في مواجهة الاحتلال وجرائمه البشعة ضد المدنيين في لبنان وفلسطين وسوريا والعراق واليمن، وهو يحتل تقديرًا لا حدود له، وله موقع مميز في القلوب وحدقات العيون، نظرًا لما قدمه من موقف وفعل صادق في دعم القضية الفلسطينية التي اعتبرها قضيته الأولى، وسيبقى صوته هادرًا يمد الأجيال بنور ومنار المقاومة حتى هزيمة قوى الاستعمار والهيمنة الأمريكية والإسرائيلية.
إن جريمة اغتيال السيد الشهيد نصر الله، لن تمر دون عقاب شديد، من كل قوى وجبهات المقاومة في كل أماكن تواجدها، وسيكون الرد كبيرا ومزلزلا يليق بحجم الشهيد وبطولاته وتضحياته وانتصاراته.
نقول للسيد الشهيد، رجل الكرامة والاباء والشهامة العربية، لك علياء المجد، يا سيد الشهداء ومقامهم الأول. ولك ديمومة الخلود في حياة أحرار العالم جمعاء. أحر التبريكات والتعازي لقيادة حزب الله ولشعب لبنان وفلسطين وشعوب أمتنا وأحرار العالم. ونعاهدكم يا ابا هادي، كما نعاهد كل شهداء لبنان وسوريا والعراق واليمن والفدائيين الابطال في الاردن ومصر، وكل أحرار العالم، بأن نقيم لكم انصبة التكريم في قلب القدس المحررة، عاصمة دولة فلسطين المستقلة، فكما كُرّمتُم في قلوب شعبنا سيحمل ثرى الوطن الفلسطيني معالم تكريمكم. اركان بدر
عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين.