إنفيديا تعيد تشكيل مستقبل الذكاء الاصطناعي عبر رقاقات «فيرا روبن»

إنفيديا تعيد تشكيل مستقبل الذكاء الاصطناعي عبر رقاقات «فيرا روبن»

تأتي هذه الخطوة لتعزيز مكانة إنفيديا كأحد أبرز المزوّدين العالميين للعتاد الخاص بالتعلّم العميق والذكاء الاصطناعي، إذ أصبحت بطاقاتها الرسومية (GPUs) حجر الأساس في تدريب الأنظمة الذكية لدى كبرى شركات التكنولوجيا، مثل غوغل وأوبن إيه آي (مبتكرة روبوت المحادثة الشهير). 

في خطوة جديدة تعزّز حضورها الريادي في مجال الذكاء الاصطناعي والحوسبة الفائقة، أعلنت شركة إنفيديا (NVIDIA) الأميركية عن طرح جيل جديد من رقائق المعالجة المصمّمة خصيصًا لتلبية النمو المتسارع في تطبيقات الذكاء الاصطناعي. وخلال مؤتمر للمطوّرين عُقد في مدينة سان خوسيه بولاية كاليفورنيا، كشف الرئيس التنفيذي للشركة جنسن هوانغ عن الرقاقة المقبلة التي تحمل الاسم «فيرا روبن»، والمتوقّع إطلاقها في خريف عام 2026.

وتأتي هذه الخطوة لتعزيز مكانة إنفيديا كأحد أبرز المزوّدين العالميين للعتاد الخاص بالتعلّم العميق والذكاء الاصطناعي، إذ أصبحت بطاقاتها الرسومية (GPUs) حجر الأساس في تدريب الأنظمة الذكية لدى كبرى شركات التكنولوجيا، مثل غوغل وأوبن إيه آي (مبتكرة روبوت المحادثة الشهير)، إضافة إلى العديد من الشركات الناشئة الساعية لتسريع قدرات نماذجها اللغوية والخوارزميات التنبؤية. ويرى مراقبون أن «فيرا روبن» ستمثّل نقلة جديدة في مضمار خفض كلفة الحوسبة الهائلة التي تتطلّبها برمجيّات الذكاء الاصطناعي المتقدّمة، لا سيّما عند دمجها مع نظام بلاك وول (Black Wall) الذي أعلنت الشركة عن تطويره في وقت سابق.

جاك جندو، رائد أعمال وخبير في التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، والرئيس التنفيذي للشركة.

نمو غير مسبوق في الطلب

 على الحوسبة الفائقة

تتصاعد وتيرة تبنّي الذكاء الاصطناعي بشكل غير مسبوق، إذ تشير تقديرات دولية (من بينها بيانات صادرة عن مؤسسات بحثية مثل IDC) إلى أنّ الإنفاق العالمي على تطوير الأنظمة الذكية والبنى التحتية الداعمة لها سيتجاوز 300 مليار دولار بحلول عام 2026. ولا يقتصر هذا التوجّه على الأسواق الأميركية، بل يشمل أوروبا وآسيا والشرق الأوسط، حيث تتسابق الحكومات والشركات الكبرى على اعتماد تطبيقات تتراوح ما بين النماذج اللغوية التفاعلية، وتحليل البيانات الضخمة، وصولًا إلى أبحاث الجينوم والرعاية الصحية.

في هذا السياق، تبرز رقائق إنفيديا بوصفها العمود الفقري لهذا النوع من الحوسبة الفائقة، نظرًا إلى قدرتها العالية على التوازي في المعالجة، ما يجعلها مثاليّة لتدريب الشبكات العصبيّة الضخمة. وقد شهدت أعمال إنفيديا توسّعًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة بفضل هذا الطلب المتعاظم، وهو ما انعكس على عائداتها المالية وقيمتها السوقية.

آفاق جديدة للابتكار وتخفيض التكاليف

 يُعدّ الجمع بين الرقاقة الجديدة «فيرا روبن» ونظام «بلاك وول» أبرز أوراق إنفيديا الرابحة للمرحلة المقبلة، حيث تسعى من خلالهما إلى خفض التكاليف التشغيلية المرتبطة بتدريب وتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي بأضعاف مقارنة بالأجيال السابقة. ومعلوم أنّ بناء تطبيقات ذكية على غرار «تشات جي بي تي» أو أنظمة التعرّف على الصور والفيديو يعتمد على عمليات حسابية معقّدة تستلزم موارد هائلة من الطاقة والبنى التحتية.

وتوحي تصريحات جنسن هوانغ بأنّ الشركة تراهن بقوة على الجيل الجديد من الرقاقات لتلبية «احتياجات العالم من الحوسبة الذكية على مدى العقد المقبل»، لا سيّما في ظل الطلب المتنامي على النماذج التوليديّة (Generative AI) التي تعمل على إنتاج النصوص والرسومات والأصوات والفيديو انطلاقًا من سطور برمجية معدودة. وتحتاج هذه النماذج إلى قوّة معالجات هائلة، خصوصًا أنّها تعتمد على سلسلة من الاستدلالات الذكية (Reasoning Steps) لحلّ المشكلات بشكل تفاعلي.

تحدّيات ومستقبل إنفيديا

على الرغم من التفاؤل السائد في أروقة أسواق التكنولوجيا، يثير البعض تساؤلات بشأن مدى استدامة هذا النمو، خصوصًا إذا تراجعت رغبة العالم في شراء مزيد من القدرات الحوسبية خلال السنوات المقبلة، أو إذا ظهر منافسون جدد قادرون على تحدّي هيمنة إنفيديا في هذا القطاع. ومع ذلك، فإنّ الخبراء يشيرون إلى أنّ الشركات والحكومات تتسارع اليوم لاعتماد التطبيقات الذكية في قطاعات شتّى، من الصناعة والنقل والتعليم إلى الأمن السيبراني والدفاع، ما يدعم سيناريو النمو المستمرّ.

إلى ذلك، لا تقتصر جهود إنفيديا على تصنيع الرقاقات فحسب، بل تمتدّ لتشمل تطوير برمجيات البنية التحتية والخدمات السحابية، مثل منصّة «CUDA» التي توفّر أدوات برمجية متخصّصة في حوسبة الرسومات والذكاء الاصطناعي. وتتيح هذه المنصّة لمطوّري التطبيقات توظيف قدرات الرقاقات بشكل أسرع وأكثر كفاءة. وبالتالي، يبدو أنّ إنفيديا تعزّز موقعها عبر منظومة متكاملة تلبّي احتياجات أسواق الحوسبة الحديثة.

دور مركزي في مستقبل الذكاء الاصطناعي

من منظور أشمل، تعكس مبادرات إنفيديا الشاملة – في تصنيع الرقاقات والبرمجيات والحلول السحابية – رؤية الشركة لدفع حدود الذكاء الاصطناعي نحو آفاق جديدة. ويؤكّد هوانغ في أكثر من مناسبة أنّ العالم أصبح يعتمد على نماذج تعلّم ذاتي، قادرة على تفسير المشكلات وبناء استنتاجات بشكل متدرّج، ما يفرض ضرورة الاستثمار في منصّات حوسبة بالغة التطور، يساهم فيها «فيرا روبن» ونظام «بلاك وول» كمحرّكات حاسمة لعصر الذكاء الاصطناعي الفائق.

Spread the love

adel karroum