كلمة اللواء أشرف ريفي إثر لقائه سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في لبنان الشيخ الدكتور سامي أبي المنى

تشرفتُ اليوم بزيارة سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى، وكما في كل مرة ألتقي فيها سماحته، أزداد قناعة بعمق الروابط التي تجمعنا كلبنانيين وكمسلمين مؤمنين بثوابت العيش الواحد، وحريصين على حماية بلدنا من كل العواصف، لصوَن استقراره ووحدته الوطنية.
إن هذه الدار كانت وستبقى صرحاً وطنياً جامعاً وداراً لكل اللبنانيين، الذين يتمسكون بالوحدة الوطنية وبالعيش الواحد، الذي يشكُل صمام أمان للبنان المتعدد، والذي يشكّل التعدد فيه قيمة إنسانية كبرى.
نأتي إلى هذه الدار وفي هذه المرحلة العصيبة، لنشد على يد سيّدها ونكون إلى جانبه، في عمله الحثيث لمواجهة التحديات التي تعصف بمجتمعنا ومحيطنا، ولمنع إمتداد الفتنة بل لوقفها ووأدها وإنهاء تداعياتها، وكلنا ثقة بأن سماحته إلى جانب الزعيم الكبير وليد جنبلاط، وبدعم ومؤازرة كافة المرجعيات الدينية الإسلامية والمسيحية، قادرون على إنهاء حالة الإرباك وإعادة أجواء الوحدة والمودة والسلام والتآخي، والإلتفاف حول مشروع الدولة التي وحدها تشكّل الضمانة للإستقرار، وحماية المواطن أياً يكن دينه أو مذهبه، فالدين لله والوطن لجميع أبنائه.
لا يَخفى على أحد أننا نمر اليوم بمخاضٍ صعب وعسير، وتتعرض للكثير من محاولات شق الصف وضرب التماسك الوطني والعربي والإسلامي، ونعاني من ممارساتٍ وتصرفات ومواقف غير مسؤولة، بل مرفوضة ومدانة من أية جهة كانت، وبكل المعايير الأخلاقية والإنسانية، فلا شيء يبرر التجاوزات التي تؤدي إلى تعميق الشرخ والإنقسام.
لبنان وطن تعددي متنوع الأعراق والأديان والمذاهب، نحترم بعضنا البعض كما نحترم معتقدات وثقافة ورموز الآخرين، ونرفض الإساءة أو التعدي والإستقواء.
لا يخفى على أحد المخاطر التي نعيشها في هذه المرحلة في لبنان ومحيطنا المباشر.
نحن على ثقة أن مايحصل اليوم هو ترجمة لأطماع العدو الصهيوني الذي يجنّد بعضاً من ضعاف النفوس، لتحقيق أوهامه من خلال مبدأ أن تكون إسرائيل هي الدولة القوية الوحيدة في المنطقة، وأن يكون محيطها عبارة عن كيانات ضعيفة عاجزة عن حماية سيادتها وحريتها ومواطنيها.
ٌتحاول إسرائيل أن تكون في جوارها ومحيطها دول مذهبية ضعيفة، تتقاتل فيما بينها وفي الحد الأدنى تعمل على فرض مناطق عازلة في لبنان وسوريا وفلسطين.
لا يغيب عن بصرنا أن رئيس حكومة العدو الصهيوني، وفي كل مرة يُحدَّد له موعدٌ أو جلسة للمحاكمة، يلجأ للهروب فيها بافتعال أزمة أو حرب أو معركة.
لقد دفع الشعب الفلسطيني البطل في غزة وكل فلسطين، الآلاف من أطفاله ونسائه ورجاله العزَّل ثمناً غالياً لبربرية العدو الصهيوني، وبكل أسف العالم صامت إلا ما ندُرَ من بعض الدول وبعض المسؤولين.
إننا ومع العارفين نؤكد على وطنية أهلنا بني معروف وعلى عروبتهم، فالأزهر الشريف والقيادات العربية شاهدة على ذلك.
لقد سجّل العرب للموحدين الدروز مواقفهم العربية والإسلامية، منذ أيام سلطان باشا الأطرش في عشرينيات القرن الماضي، وفي أيام الشهيد كمال جنبلاط وأيام الزعيم وليد جنبلاط، والذي كان أول شخصية لبنانية، تزور سوريا الجديدة لتهنئة القيادة الجديدة.
وهنا، وفي هذه اللحظة المفصلية والتاريخية، أسمح لنفسي بكسر قاعدة ذهبية في العمل الأمني لأبوح بمهمة قمنا بها خلال الثورة السورية، وهي أن الدعم اللبناني لهذه الثورة كان دعماً درزياً- سنياً، وكنت إلى جانب اللواء الشهيد وسام الحسن نمثّل الجانب السني مع شخصيتين درزيتين مكلَّفتين من قبل الزعيم وليد جنبلاط.
هذا تاريخنا المشترك مع تاريخ الجبل، إنه تاريخ سلطان باشا الاطرش وكمال جنبلاط ووليد جنبلاط، إنها قيمنا وتراثنا وتقاليدنا بل شهامتنا، التي تأبى الفتنة والتشرذم والإنقسام.
أكرر التحية لصاحب هذ الدار الكريمة، مقدِّراً دوره الوطني والإسلامي المشترك مع صاحب السماحة مفتي الجمهورية اللبنانية، وكافة العقلاء وأهل الحكمة في هذا الوطن.