تسوية غزّة لا تنسحب على الجنوب إلاّ بشروط مختلفة يريدها حزب الله
نجوى أبي حيدر
ليست المواجهات التي يخوضها حزب الله على جبهة المساندة الجنوبية نزهة، ولو انها في رأي غالبية الشعب اللبناني او نصفه في الحد الادنى، لم تساند القطاع ولا اسهمت في وقف المجازر الاسرائيلية ضده. فإلى الخسائر المادية الجسيمة التي اصابت سكان القرى الحدودية، اذ دمرت 8 الاف منزل بالكامل بحيث سويت بالارض و10 الاف منزل دمر جزئيا، وهجّر 100 الف لبناني من الجنوب، دفع الحزب فاتورة بشرية باهظة تكاد تفوق حجم الخسائر التي قد يتكبدها في اي حرب مباشرة. وتبعا لذلك، فإنه مقابل التضحيات هذه، سيطلب حكماً ثمنا باهظا لوقف المواجهات على الجبهة الجنوبية.
ينقل سياسي في فريق ما كان يعرف بـ 8 اذار وقريب من حزب الله لـ»المركزية» «ان وقف الحرب في غزة لا ينسحب على جبهة الجنوب الا بشروط الحزب الذي يرفض «تسوية كيف ما كان» مع حماس في غزة اي انه لا يلتزم بوقف اطلاق النار في الجنوب اللبناني الا بعد قبول حماس بالتسوية. ويضيف صحيح ان الحزب دفع فاتورة غالية خلال المواجهات العسكرية على جبهة المساندة لاشغال ثلث الجيش الاسرائيلي البري والجوي والبحري، بيد انه كبّد اسرائيل خسائر بشرية ومادية جسيمة. ويكشف السياسي «ان الحزب لن يطبق القرار1701 قبل ان يحصل لبنان على نقطة B1 كمحطة انطلاق للترسيم البري مع الدولة العبرية وعلى النقاط الـ13 الحدودية المتنازع عليها، كما على لبنانية مزارع شبعا». ويوضح ان الحزب لن يتخلى بسهولة عن اوراق القوة التي في يده ومنها الورقة الامنية، قبل تحريرالاراضي اللبنانية «المغتصبة» من اسرائيل والحصول على ضمانة دولية بالتزامها عدم خرق القرار 1701 برا وبحرا وجوا.
والى الضمانات اياها، تقول مصادر في المعارضة لـ»المركزية» ان الحزب الذي انغمس في جبهة الجنوب عقب فتحها في اليوم التالي لعملية طوفان الاقصى، يعاني من تداعيات الحرب واثارها المدمرة في مجمل قرى الشريط الحدودي والمحيط، لذلك يضغط ويطالب بأن تكون اعادة اعمار الجنوب اولوية الاولويات في البحث مع اي مسؤول او وسيط دولي وفي المساعدات الممنوحة او قد تمنح الى لبنان. وأبعد من ذلك، يتطلع الحزب الى تحصيل مكاسب سياسية من خلال الاستحقاق الرئاسي، ما يبرر تمترسه خلف مرشحه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، واجهاض كل المبادرات واقتراحات الحل المطروحة على الساحة الداخلية، كما كل ما تقدمه الدول الخماسية في هذا الاطار، فيما تبقى الانظار متجهة راهنا الى كيفية تعاطي الحزب في شكل خاص من ضمن الثنائي الشيعي، مع مبادرة كتلة الاعتدال الوطني التي تلقى قبولا من مختلف الكتل النيابية واستعدادا للمشاركة في اجتماع التشاور في المجلس النيابي حول وجوب انتخاب رئيس في جلسة يدعو اليها الرئيس نبيه بري بدورات مفتوحة الى حين انتخاب رئيس، لتلمس ما اذا كان سيتجاوب معها ام يضع العصي في دواليبها لإسقاطها ما دام لم يحصل على ما يريد.
وليست الرئاسة وحدها مطلبه، ولئن كانت اولوية، فالحزب بحسب المصادر المعارضة، يسعى الى الشراكة في الدولة العميقة من خلال التوظيفات في مواقع حساسة كانت حتى الساعة «محظّرة» على الثنائي الشيعي. مواقع رفيعة تكرّس هيمنته على ما تبقى من دولة لبنان، على غرار قيادة الجيش مثلا. اذ، في ما لو تمكن منها، تتاح امامه حرية الحركة الامنية، بعد التسوية الكبرى المرسومة للمنطقة والمتوقع، اذا ما كتب لها النجاح بعد وقف اطلاق النار في قطاع غزة وتاليا قبول رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو، او غيره، الاعتراف بحل الدولتين، ان تسحب من الحزب ذريعة التمسك بسلاحه تحت شعار مقاومة اسرائيل. في هذه الحال، تبقى ضمانته الوحيدة في المواقع القيادية لا سيما الامنية منها، إن لم ينجح في ايصال مرشحه الى رئاسة الجمهورية.