شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – الاجتماع الثلاثي: الإيجابية المنتَقَصة
نتفهم الغصة في حلق الطيف المسيحي اللبناني في أعقاب اللقاء الثلاثي بين أطراف الطيف اللبناني المسلم ممثّلاً برئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي والزعيم وليد جنبلاط… نتفهم هذه الغصة التي نحن أيضاً نشعرها، مثلنا مثل الأكثرية التي عبّر عنها بعض المسيحيين فيما آثر بعضهم الآخر كظم الغيظ في الصدور التي تضيق بالهموم والهواجس.
نبادر الى القول إننا نرحّب بمضمون الكلام الذي ضمّنه الثلاثي بيانه، وهو إيجابي جملة وتفصيلاً، ولكن…
أجل! ولكن أين الطيف المسيحي من هذا البيان الذي يمكن وصفه بأنه تأسيسي، وهو كذلك، الى حدٍّ بعيد، في هذه الحقبة الاستثنائية القاسية من تاريخ لبنان. ولكن هل ثمة إمكان لأي تأسيس في غياب المسيحي اللبناني؟!. وإذا حصل هل تُكتب له الحياة؟!.
الجواب قد يكون جاهزاً: ماذا تريدون أيها المسيحيون؟ (طبعاً يقصدون القيادات المسيحية الفاعلة). وربما يضيف أركان الثلاثي قائلين في جوابهم: قلنا لكم اتفقوا على مرشح رئاسي ونحن نجاريكم وننتخبه. وقد يضيفون قائلين: ثم أنتم تختلفون، في ما بينكم، على كل صغيرة وكبيرة وتصل الحال بين بعضكم الى مقاطعة تامة بحيث يتعذر الكلام بين رئيسَي الحزبَين الأكبرَين عندكم، فأيٌّ منكم ندعوه الى الاجتماع كي لا يبقى ثلاثياً ذا طابع مسلم؟ الى ما هنالك من نظريات وذرائع قد تبدو، في ظاهرها، منطقية.
… ولكن، الواقع والحقيقة والمنطق في مكان مختلف: فبالنسبة الى الإدعاء القائل: «اتفقوا على مرشح رئاسي ونحن معكم نذهب الى انتخابه»، فقد ثبت أنه سقط على أرض الواقع، بدليل أن القيادات المسيحية تقاطعت على مرشح رئاسي (ولا تزال متقاطعة حوله نظرياً على الأقل)، فماذا كانت النتيجة؟ مُنع مجلس النواب من الاجتماع لانتخاب رئيس، وليس المسيحيون هم الذين حالوا دون عقد جلسات الانتخاب الرئاسي. أمّا بالنسبة الى أي قيادة مسيحية نشركها في اللقاء كي لا يبقى ثلاثياً وفي طابعه الطائفي فكان يمكن سدّ هذه الثغرة الكبيرة باجتماع في بكركي… ولا نقول جديداً إذ نلفت انتباه أركان الثلاثي الى أن الإمعان في هذه التصرّفات لن يكون له إلّا نتيجة واحدة وهي أن الثغرة في طريقها الى أن تصبح هاوية عميقة الأغوار سيتعذر ردمها…
هذا الكلام نسجله انطلاقاً من إيماننا الراسخ بلبنان الواحد شعباً وأرضاً ومؤسساتٍ… ونناشد الثلاثي أن يأخذها على محمل الجد، ويبادر الى إصلاح خطأٍ نود أن نقنع أنفسنا بأنه غير مقصود.