تيمور جنبلاط: التغيير سيحدث لكنه سيأخذ وقتا والمهم الآن حكومة تطبق الإصلاحات وانتخابات بقانون غير طائفي
أكد رئيس “اللقاء الديمقراطي” النائب تيمور جنبلاط أن “الثقة هي عنصر مكون لأي علاقة، أكانت شخصية أو مهنية، فالثقة تقود للحوار، والحوار إلى التسوية، والتسوية إلى حل لأي مشكلة تمر بها”، مشيرا إلى أن “البلد ينهار بسبب نظامه، نظام المحاصصة، والحكومة مسؤولة عن سوء إدارة الازمة المالية خلال السنوات الماضية، وتقريبا معظم المؤسسات قد انهارت، ثم اجتاح كوفيد 19 وكان انفجار مرفأ بيروت ما جعل من الصعب على الأجيال الشابة أن تثق بالحكومة في أي أمر يتعلق بالسياسة، ونحن نعيش حاليا في وضع متشنج جدا، لأن الأفرقاء السياسيين لا يتوافقون مع بعضهم البعض، القادة السياسيون لا يثقون ببضعهم البعض، ولسوء الحظ أيضا حتى أفرقاء المجتمع المدني لا يثقون ببعضهم البعض، فهم لا يتوافقون على برنامج مشترك ولا رؤية مشتركة للذهاب نحو المستقبل، لكنهم يتفقون على شيء واحد، وهذا هو الفارق بين النخبة السياسية والأجيال الصاعدة، وهو أنهم متفقون أن هذا النظام يجب أن يتغير بطريقة أو بأخرى”.
كلام النائب جنبلاط جاء في خلال مشاركته في “ملتقى السيبموزيوم السنوي” الذي تنظمه جامعة “سانت غالن” في سويسرا، الذي يشارك فيه فاعليات من مختلف أنحاء العالم، ضمن جلسة خصصت للحديث عن “تحديات الثقة أمام السياسيين الشباب”، وشارك فيها وزير المالية في جمهورية الجبل الأسود ميلويكو سبايتش ورئيس بلدية ميدان شهر في أفغانستان ظريفة غفري.
وقال النائب جنبلاط: “المشكلة هي أننا نعيش في الشرق الاوسط، والتغيير لا يحدث بين ليلة وضحاها بل يحدث من خلال الصبر والمحاولة المرة تلو الأخرى، وما نحتاجه بالنسبة الى أمثالي من الجيل الصاعد هو العودة نحو نظام إقتصادي يضمن العدالة الإجتماعية، ويضمن للجيل الصاعد أن يحلم بالمزيد، والسبيل الوحيد لذلك هو الحوار بين الأفرقاء السياسيين أو بعضهم والمجتمع المدني كذلك، للتخطيط للمستقبل وللتعلم من أخطاء الماضي ومعرفة الاخطاء التي قمنا بها في الحاضر”.
وأضاف: “أنا لست قائدا، أنا سياسي شاب مثل كثيرين، ولدي تحد إضافي يعوق جهودي، هو عندما ينظر إلي الناس فإنهم ينظرون إلى شخص ينتمي إلى هذا النظام السياسي، فهذه مشكلة بحد ذاتها، كونه علي أن أثبت لهم أنني قادر على التغيير من الداخل إلى الخارج، بحيث أنه علي أن أقوم بالإصلاح في حزبي كما في كل البلد. سيكون طريقا طويلا وشاقا، لكن السبيل الوحيد للوصول إلى حل هو من خلال الحوار، وعلي البدء من مكان ما على الأقل”.
وردا على سؤال عن كيفية بناء هذه الثقة من خلال تجربته، أجاب جنبلاط: “السبيل الوحيد الآن من أجل التقدم إلى الأمام هو أن نقنع الناس أن هناك نوايا فعلية للقيام بإصلاحات سياسية وإقتصادية. وعلى صعيد تجربتي الشخصية كإبن سياسي، فإن الطريق الوحيد بالنسبة إلي هي أن يصدق الناس وأقنعهم بأنني قادر على التغيير من الداخل إلى الخارج، وعلى صعيد الوطن الاهم هو تشكيل حكومة تتناغم مع ما يطلبه المجتمع الدولي، وإجراء إنتخابات على أساس قانون إنتخاب غير طائفي لإعطاء فرصة لكل أفرقاء المجتمع المدني والأجيال الشابة لدخول البرلمان وتحديد مستقبلها السياسي، هذا أهم أمر”.
وتابع النائب جنبلاط: “للأسف كما ذكرت سابقا، فإن الناس عندما ينظرون إلي فهم لا يرون شخصي، ولا يرون من أنا، بل ينظرون إلي على أساس أنني إبن أبي، ويرون أن كفاءتي تعتمد على تاريخ عائلتي، لذا إحدى المعضلات في حياتي وفي السياسة، هي أن أبرهن للناس أنني لست فقط إبن والدي وابن تراث عائلتي، بل أنني أيضا شخص قادر على الإصلاح وقادر على التفكير الحديث، ولكن هذا أمر صعب عندما نتحدث عن لبنان فنظامنا تحاصصي بامتياز وتاريخيا هو كذلك، وبعد انتهاء الحرب الاهلية، سيطرت أحزاب على الحياة السياسية في لبنان، كون الناس في ذلك الوقت كانوا خائفين بفعل سيطرة النظام السوري على لبنان، وكان الناس يعتمدون على بيئتهم وأحزابهم وقادتهم السياسيين لتأمين الحماية والأمان، لكن وبعد سنتين من انطلاق الحراك المدني لم يعد الأمر كذلك، وأصبح علينا للمرة الاولى أن نعتمد على كفاءتنا الخاصة ونزاهتنا والإثبات للناس أننا قادرون على القيام بشيء ما”.
وردا على سؤال عن ثقة الناس بوفاء السياسيين بوعودهم حول التغيير، رد النائب جنبلاط: “في لبنان الوضع صعب من حيث الممارسة، يمكن للمجتمع المدني أن يحدث تغييرا كبيرا، وخصوصا من حيث الشفافية في الإدارات الحكومية والمؤسسات المالية، ولكن عندما يأتي الامر إلى السياسة، فإن سياستنا معقدة لأنها تعتمد على ما يحدث حولنا، ولا أدري إذا كنا نستطيع القيام بأكثر من ذلك حيال هذا الامر، لأنه مهما حدث في لبنان فإن أي أمر يحدث حولنا يمكن أن يؤثر على ما يحدث في لبنان. يمكننا أن نغير فقط ما هو بأيدينا وبناء الثقة بمحاولة تحسين حياة المواطنين اللبنانيين، والأمر الأهم في لبنان الآن هو أن السياسة ليست أولوية الآن لدى الناس الذين يريدون فقط العيش. يمكننا بناء الثقة بهذا. أما بالنسبة الى السياسة فهذا أمر أكبر منا على ما أعتقد. قد أكون مخطئا، ولكن هذا رأيي فيما يخص لبنان ووضعنا في الشرق الاوسط”.
وردا على سؤال عن الخطوة التالية التي يجب أن تتم لمواجهة التحديات، أجاب جنبلاط: “أعتقد أن الخطوة الاهم الآن هي تشكيل حكومة تتناغم مع ما يتطلع إليه المجتمع الدولي، وتطبيق الإصلاحات حالا، غير ذلك سيكون كلاما لا يفيد بشيء، لأن الأهم هو تأمين الحاجيات الأساسية للشعب اللبناني في هذه اللحظة. قد تكون الحكومة التي ستشكل موقتة، ولكن المهم أنه سيكون هناك حكومة تطبق الإصلاحات التي طلبها صندوق النقد الدولي، هذه هي الأولوية. لا يمكنني أن أفكر لأربع أو خمس سنوات. أنا أفكر بما هو مهم الآن. أما التغيير فسيحدث لكنه سيأخذ وقتا لأنه كما قلت سابقا بسبب موقعنا الجغرافي في الشرق الاوسط وطبيعة السياسة في لبنان”.
وختم: “أعتقد أنه علينا أن ندرك الطريقة التي نتحاور فيها مع الأجيال الشابة، لأن جزءا من المشكلة التي أواجهها في لبنان هي أنه عندما أناقش بالسياسة عليك أن تكون حذرا، كي لا تصطدم بالجيل القديم وبالوقت نفسه أن تردم الهوة بين الجيل القديم والاجيال الشابة، لأنه في هذا الوقت خصوصا هناك محاولة في لبنان من قبل الجيلين لإلغاء بعضهما البعض، لذا علي أن أكون حذرا باستخدام كلماتي، وهذا بناء على ما اكتسبته بالتجربة من خلال التحدث مع الناس، لذا أتفهم أن هناك حاجة لكسب خبرة الجيل القديم، وكذلك الامر علي أن أتفهم حاجة الجيل الجديد لتغيير النظام، لذا اوأفق أنه علي أن أتأقلم، وأعتقد أنه من خلال الفترة التي درست فيها وعشت فيها بالخارج، وما اكتسبته من هذه التجربة، يمكنني المساهمة بذلك. لن أقول المساهمة مئة بالمئة ولكن سأبذل كل جهدي”.