رسائل رئاسية قاسية لإيران.. ولاريجاني: نؤيد الجدول الزمني

كشفت مصادر سياسية مطلعة على أجواء لقاء رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون والأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني في قصر بعبدا ان الاجواء لم تكن متشنجة بين الطرفين بقدر ما ان الحوار الذي دار في المحادثات كان واضحا وبناء. وقالت ان لاريجاني بدأ كلامه في التطرق الى الحرب التي شنت على ايران والأهداف التي كان من شأنها تغيير النظام واحداث انقلاب في السياسة الإيرانية. واكد لاريجاني ان بلاده تقف الى جانب الدولة اللبنانية في كل مقوماتها، وهي لا تبغي التدخل في القرارات والشؤون الداخلية التي تتخذها الحكومة، وأن إيران مستعدة للمساعدة اذا طلب منها ذلك. ونفت المصادر ان يكون الديبلوماسي الإيراني يتطرق الى مسالة نزع سلاح حزب الله، لكنها اشارت الى ان الرسالة التي أراد ايصالها الى المسؤولين كانت رسالة ديبلوماسية بعيدة عن أي تشنج في الأفكار والمضمون لدرجة انه قال انا اتحدث باسم الدولة الإيرانية وما يصدر عني هو موقف إيران الرسمي..واكد ان سلاح الحزب وجد لمحاربة اسرائيل، وليس لأي مهمة أخرى.
الا ان كلام الرئيس عون كان أكثر وضوحا وجراة بحيث قال صراحة ان ما سمعناه اخيرا عن مسؤولين ايرانيين لا يساعد في تطوير العلاقات. واكد على تمسك لبنان بسيادته وحقه المشروع في الدفاع عن أرضه عبر جيشه القوي. عون شدد امام المسؤول الإيراني ان لبنان لا يتدخل بشؤون دولة أخرى ولا يحق له ذلك كما لا يسمح لاي كان التدخل بشؤونه السياسية وهو حريص جدا على توثيق أقوى العلاقات مع الدول الصديقة والشقيقة. ولكن يبدو ان المسؤول الايراني لم يسمع او لم يفهم موقف رئيس جمهورية لبنان، او انه سمع ولم يُرِد ان يفهم، فوَجهَ من مقر الرئاسة الثانية رسالة ردٍ على الكلام الرئاسي اللبناني، ودرساً في مبادئ استقلالية الدول وقوتها و»عدم تلقي الاوامر من خلف المحيطات». فبينما وجه رئيس الجمهورية رسالة حازمة، عالية السقف، الى إيران بضرورة احترام سيادة لبنان وعدم التدخل في شؤونه وقرارات الدولة اللبنانية لناحية حصر السلاح بيدها، خلال استقباله لاريجاني، فروى بذلك غليل اللبنانيين السياديين التواقين الى تحرير لبنان من هيمنة ايران عبر حزب الله، رد الاخير بصورة غير مباشرة مشيراً الى ان الورقة الاميركية والجدول الزمني يشكلان تدخلا بالشأن اللبناني، ناصحا أيضا بالحفاظ على المقاومة.
فقد ابلغ عون، لاريجاني اذاً، ان لبنان راغب في التعاون مع ايران ضمن حدود السيادة والصداقة القائمين على الاحترام المتبادل، لافتا الى ان اللغة التي سمعها لبنان في الفترة الأخيرة من بعض المسؤولين الإيرانيين، غير مساعدة. واكد الرئيس عون ان الصداقة التي نريد ان تجمع بين لبنان وايران لا يجب ان تكون من خلال طائفة واحدة او مكوّن لبناني واحد، بل مع جميع اللبنانيين. وشدد رئيس الجمهورية على ان لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه، مسيحيين كانوا ام مسلمين، والدولة اللبنانية مسؤولة من خلال مؤسساتها الدستورية والأمنية عن حماية كافة المكونات اللبنانية. ولفت الرئيس عون المسؤول الإيراني، الى ان من يمثل الشعب اللبناني هي المؤسسات الدستورية التي ترعى مصالحه العليا ومصالح الدولة، واذا كانت الجمهورية الإسلامية الإيرانية تسعى الى تحقيق مصالحها الكبرى فهذا شيء طبيعي، «لكننا نحن في لبنان نسعى الى تحقيق مصالحنا». وأضاف: «نرفض أي تدخل في شؤوننا الداخلية من أي جهة اتى، ونريد ان تبقى الساحة اللبنانية آمنة ومستقرة لما فيه مصلحة جميع اللبنانيين من دون تمييز. ان لبنان الذي لا يتدخل مطلقا بشؤون أي دولة أخرى ويحترم خصوصياتها ومنها ايران، لا يرضى ان يتدخل احد في شؤونه الداخلية. واذا كان عبر التاريخ اللبناني ثمة من استقوى بالخارج على الاخر في الداخل، فالجميع دفع الثمن غالياً، والعبرة التي يستخلصها اللبنانيون هي انه من غير المسموح لاي جهة كانت ومن دون أي استثناء ان يحمل احد السلاح ويستقوي بالخارج ضد اللبناني الآخر وشدد الرئيس عون على ان الدولة اللبنانية وقواها المسلحة مسؤولة عن امن جميع اللبنانيين من دون أي استثناء. واعتبر ان أي تحديات تأتي من العدو الإسرائيلي او من غيره، هي تحديات لجميع اللبنانيين وليس لفريق منهم فقط، ولعل اهم سلاح لمواجهتها هو وحدة اللبنانيين. وهذا ما نعمل له ونأمل ان نلقى التعاون اللازم، لاسيما واننا لن نتردد في قبول أي مساعدة في هذا الصدد.
من جانبه، جدد لاريجاني موقف بلاده لجهة دعم الحكومة اللبنانية والقرارات التي تصدر عن المؤسسات الدستورية اللبنانية، لافتا الى ان بلاده لا تتدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية، وان ما ادلى به لدى وصوله الى بيروت يعكس وجهة النظر الرسمية للجمهورية الإسلامية الإيرانية. ومن بعبدا، توجه لاريجاني الى مقر الرئاسة الثانية في عين التينة والتقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري. واكد بعد اللقاء ان «لبنان هو بلد صديق لنا ولدينا الكثير من الروابط التاريخيّة واليوم لدينا أحسن العلاقات معه». وقال «نحن مؤمنون أن من خلال الحوار الودي والشامل والجاد في لبنان يُمكن لهذا البلد الخروج بقرارات صائبة». واكد ان «وحدة لبنان ونجاحه في الإنجازات والتطوّر والإزدهار أمر مهمّ، وسياسة إيران مبنيّة على أن تكون الدول المستقلّة في المنطقة قويّة وهذا النهج يأتي على عكس ما تميل إليه بعض الدول، لافتا الى عدم تأييده «للاوامر التي من خلالها يُحدد جدول زمنيّ ما»، ورأى انه «ينبغي على الدول ألا توجّه أوامر إلى لبنان». وقال» رسالتنا تقتصر على نقطة واحدة، إذ من المهم لإيران أن تكون دول المنطقة مستقلّة بقرارتها، ولا تحتاج إلى تلقّي الأوامر من وراء المحيطات». وابدى «احترامه لأي قرار تتخذه الحكومة اللبنانية بالنسبة للفصائل على أراضيها». واستقبل رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام، عند الساعة السادسة مساء امس في السراي لاريجاني والوفد المرافق، بحضور السفير الايراني في لبنان مجتبى اماني. حيث اكد الرئيس سلام أن التصريحات الأخيرة لبعض المسؤولين الإيرانيين، ولا سيما وزير الخارجية عباس عراقجي، وعلي أكبر ولايتي، والعميد مسجدي، مرفوضة شكلاً ومضموناً. فهذه المواقف، بما انطوت عليه من انتقاد مباشر لقرارات لبنانية اتخذتها السلطات الدستورية في البلاد، ولا سيما تلك التي حملت تهديداً صريحاً ، تشكّل خروجاً صارخاً عن الاصول الديبلوماسية وانتهاكاً لمبدأ احترام السيادة المتبادل الذي يشكّل ركيزة لأي علاقة ثنائية سليمة وقاعدة أساسية في العلاقات الدولية والقانون الدولي، وهي قاعدة غير قابلة للتجاوز. واضاف: «لا أنا ولا أي من المسؤولين اللبنانيين نسمح لأنفسنا بالتدخل في الشؤون الداخلية الإيرانية، كأن نؤيد فريقاً على حساب آخر، أو أن نعارض قرارات سيادية إيرانية. بناء عليه فان لبنان لن يقبل، بأي شكل من الأشكال، التدخل في شؤونه الداخلية، وأنه يتطلع إلى التزام الجانب الإيراني الواضح والصريح بهذه القواعد.» وأضاف: «قرارات الحكومة اللبنانية لا يُسمح أن تكون موضع نقاش في أي دولة أخرى. فمركز القرار اللبناني هو مجلس الوزراء، وقرار لبنان يصنعه اللبنانيون وحدهم، الذين لا يقبلون وصاية أو إملاء من أحد.» وذكّر الرئيس سلام بأن «مسألة حصر السلاح بيد السلطات الشرعية وحدها، هو قرار اتخذه اللبنانيون منذ إقرار اتفاق الطائف عام 1989، وجددوا تمسكهم به في البيان الوزاري للحكومة الحالية، كما أكده فخامة رئيس الجمهورية في خطاب قسمه أمام المجلس النيابي». وأضاف: «لبنان، الذي كان أول المدافعين عن القضية الفلسطينية، ودفع اغلى الاثمان بوجه إسرائيل، وليس بحاجة إلى دروس من أحد. والحكومة اللبنانية ماضية في استخدام كل الوسائل السياسية والديبلوماسية والقانونية المتاحة، لإلزام إسرائيل بالانسحاب الفوري من الأراضي اللبنانية المحتلة ووقف اعتداءاتها.» كما شدّد على أن «أي علاقة مع لبنان تمر حصراً عبر مؤسساته الدستورية، لا عبر أي فريق سياسي أو قناة موازية. وأي مساعدات خارجية مرحّب بها، شرط أن تمر عبر القنوات الرسمية.» وفي ختام اللقاء، جدّد الرئيس سلام التأكيد أن لبنان حريص على علاقاته التاريخية مع إيران وكل الدول الصديقة على اساس الاحترام المتبادل، مذكّراً بأن وحدة اللبنانيين وسيادة دولتهم وقرارات حكومتهم هي خطوط حمراء لا يمكن المساس بها.
ممنوع المرور في سوريا
علم ان السلطات السورية منعت علي لاريجاني من عبور الاجواء السورية في طريقه الى بيروت فاضطرت طائرته للطيران من العراق الى تركيا ثم لبنان.