«هآرتس»: إسرائيل عاجزة عن مجاراة نفوذ المال الخليجي في عهد ترامب

«هآرتس»: إسرائيل عاجزة عن مجاراة نفوذ المال الخليجي في عهد ترامب

نشرت صحيفة هارتس الاسرائيلية تقريرا تناولت فيه مكانة إسرائيل داخل “الشرق الأوسط الجديد” للرئيس الأميركي دونالد ترامب، مستندة إلى نموذج مستوطنة “رامات ترامب” التي أُنشئت في هضبة الجولان عام 2019 على أنقاض تجمع سابق وتمت تسميتها تكريما لاعتراف ترامب بسيادة إسرائيل على الجولان. وتوضح الصحيفة أن التجمع الاستيطاني يضم اليوم نحو مئة ساكن فقط، مع إطلاق مراحل أولية لبناء أحياء جديدة، فيما بدا سكانه في مقابلات بثتها قناة كان 11 راضين عن حياتهم ومتفائلين، رغم تشكيك أحدهم في أن يزور ترامب المكان يوما، معتبرا أن “البساطة لا تهمه”.

وتشير هارتس إلى أن المستوطنة تفتقر إلى كل ما يفضله ترامب من مظاهر الفخامة. فلا توجد فيها ملاعب غولف أو قاعات احتفالات أو أبراج شاهقة أو مشاريع بمليارات الدولارات، باستثناء كتابة مذهّبة على اللوحة المثبتة عند المدخل. وتلفت الصحيفة إلى أن رامات ترامب “لا تسجل أي أثر في حساب القيمة لدى ترامب” لأن الرئيس الأميركي ينجذب إلى الطائرات الفاخرة من طراز 747، والمراسم المترفة، والصفقات الضخمة التي تدر المليارات للولايات المتحدة أو لعائلته.

وترى هارتس أن هذه النقطة تكشف المشكلة التي تواجه إسرائيل في عهد ترامب، حيث يحتل المال موقعا مركزيا في سياساته، وخصوصا المال الخليجي القادر على الدفع بسخاء. وتوضح الصحيفة أن دول الخليج، وفي مقدمتها السعودية والإمارات وقطر، نجحت في استمالة ترامب لأنها تقدم له ما يحبه من هدايا واستثمارات وصفقات. وتشير إلى أن هذه الدول، رغم صورة الحداثة التي تعرضها من ناطحات سحاب وقطارات سريعة ومدن مستقبلية ومشاريع ذكاء اصطناعي، تفتقر إلى الديمقراطية والشفافية و”الفصل بين الدولة والعائلة الحاكمة”، ما يجعل قرارات الاستثمار الضخمة أكثر سهولة ومرونة.

وتورد الصحيفة أمثلة على هذه “الهدايا” مثل الطائرة الفاخرة التي تبرعت بها قطر ليستخدمها ترامب مستقبلا كطائرة “إير فورس وان”، واستثمار أبوظبي ملياري دولار في مشروع العملات الرقمية التابع لعائلة ترامب، وتعهد السعودية بشراء أسلحة أميركية بقيمة 142 مليار دولار، وزيادة التزامها الاستثماري في الولايات المتحدة من 600 مليار دولار إلى تريليون دولار خلال زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الأخيرة إلى واشنطن، إلى جانب موافقة ترامب على بيع مقاتلات F-35 للرياض.

وتوضح هارتس أن هذه الصفقات لم تنشأ فقط لأسباب اقتصادية، بل لأنها تحقق أيضا عرضا استعراضيا يتقنه ترامب وحكام الخليج. وتشير إلى أن الإعلان عن الصفقات خلال زيارة ترامب إلى الخليج في أيار الماضي، ثم خلال زيارة ابن سلمان إلى واشنطن هذا الأسبوع، يعكس اهتمام الطرفين بـ”المشهد” بقدر اهتمامهما بالمال، حتى لو لم تتحقق كل هذه الصفقات بالكامل لاحقا.

وتضيف الصحيفة أن إسرائيل، رغم ثرائها النسبي، لا تستطيع منافسة الدول الخليجية في هذا المجال. فصندوقها السيادي “صندوق مواطني إسرائيل” لم تتجاوز قيمته ملياري دولار في نهاية عام 2024، ويخضع لإدارة مهنية تمنع السياسيين من استخدامه لأهداف سياسية، بينما تمتلك السعودية صندوقا بقيمة نحو 950 مليار دولار يستطيع ولي العهد توجيهه بحرية، وتمتلك قطر صندوقا بقيمة 560 مليار دولار، ولدى الإمارات صناديق تتجاوز مجتمعة 2.5 تريليون دولار.

وتشير هارتس كذلك إلى أن مشتريات إسرائيل من الأسلحةالأميركية لا تقارن بمشتريات الخليج. فخلال السنوات الخمس الماضية، كانت السعودية أكبر مشتر للسلاح الأميركي بنسبة 12 بالمئة، تلتها قطر ثم الكويت، بينما جاءت إسرائيل في المرتبة الحادية عشرة بنسبة 3 بالمئة فقط. وتذكّر الصحيفة بما قاله ترامب خلال مؤتمر صحافي في نيسان الماضي مع بنيامين نتنياهو حين أعلن “نحن نساعد إسرائيل كثيرا. نعطيهم 4 مليارات دولار سنويا. وهذا كثير. تهاني”، وهو ما اعتبرته هارتس تلميحا في سياق تفكير ترامب القائم على الصفقات.

وتوضح الصحيفة أن إسرائيل تحاول التوصل إلى اتفاق مساعدات يمتد لعشرين عاما يضمن استمرار الدعم الأميركي في مرحلة تراجع النفوذ التقليدي لها داخل واشنطن، وتعمل على إدخال عنصر أكبر من مشاريع البحث والتطوير المشتركة لجعل الدعم أكثر قبولا لدى تيار “أميركا أولا”. لكنها تعتبر أن ترامب “سيطلب أكثر من ذلك بكثير”، وأن إسرائيل تدرك أن مكانتها لم تعد محورية كما كانت سابقا.

وتختتم هارتس تقريرها بالتساؤل حول ما إذا كان نهج ترامب قائما على الفساد والمحسوبية، أم أنه جزء من سياسة “أميركا أولا”، أم أنه مزيج من الرؤية الشخصية والبحث عن المجد والسعي إلى إعادة تشكيل الشرق الأوسط والفوز بجائزة نوبل. وتقول إن الأدلة تشير إلى أنه مزيج من “أميركا والربح والغرور”، معتبرة أن ترامب يرى أنه يفعل إنجازات كبيرة للولايات المتحدة، ولذلك لا يرى غضاضة في أن يحقق “شيئا لنفسه على الهامش”.

Spread the love

adel karroum