السنيورة: زيارة شكري جاءت بعد التشاور مع فرنسا والسعودية والكرسي البابوي

السنيورة: زيارة شكري جاءت بعد التشاور مع فرنسا والسعودية والكرسي البابوي

أكد الرئيس فؤاد السنيورة في حديث لقناة “الحدث” من محطة “العربية”، أن هناك “تعويلا كبيرا في لبنان على دور مصر، التي تقف إلى جانبه من أجل تعزيز استقلاله وسيادته واستقراره، والحفاظ على تنوعه واستمرار حمله لهذه الصفة والميزة الأساسية التي يتمتع بها، ولا سيما فضيلة العيش المشترك، وكذلك لدوره في صيغته الفريدة في الانفتاح والحرية في المنطقة والعالم”.

وقال: “بتوجيه من الرئيس السيسي، تأتي اليوم زيارة وزير الخارجية سامح شكري لتؤكد مدى اهتمام مصر وحرصها على إخراج لبنان من أزماته المتلاحقة والمتفاقمة نتيجة استمرار الاستعصاء على تأليف الحكومة بناء على المبادرة الفرنسية. كما تؤكد الزيارة على أهمية الالتزام بالفكرة التي تقوم عليها المبادرة الفرنسية، والتي تلتزم أيضا بوثيقة الوفاق الوطني وباحترام الدستور اللبناني والشرعيتين العربية والدولية”.

أضاف: “مصر قامت بهذه الخطوة بعد ان تشاورت مع الشقيقة المملكة العربية السعودية ومع الدولة الفرنسية، وكانت أيضا على تواصل مع الكرسي البابوي صاحب الفضل الكبير في وقت مضى في دعم لبنان واستقلاله وسيادته، وفي إقداره على التوصل إلى اتفاق الطائف الذي تم برعاية واضحة وصريحة من الكرسي البابوي. كما أن دورها في العالم العربي والعالم يؤدي الى ما يسمى التقدم على المسارات الصحيحة لإخراج لبنان من الاستعصاءات التي يمر بها، والتي أصبحت تحول دون تأليف الحكومة العتيدة”.

وردا على سؤال عن فائدة المساعدات الدولية والحراك السياسي لمساعدة لبنان إذا لم يساعد اللبنانيون أنفسهم، قال: “هذا الكلام دقيق جدا، والمشكلة الآن هي في استمرار الاستعصاء الذي يمارسه فخامة الرئيس ميشال عون والتيار الوطني الحر برئاسة جبران باسيل اللذان يضعان عراقيل في وجه تأليف الحكومة، ويرفضان عمليا فكرة حكومة الاختصاصيين المستقلين من غير الحزبيين لأنهما يريدان أن تتمثل الأحزاب فيها، ويصران على فكرة الثلث المعطل بهدف الإمساك بالوضع اللبناني والاحتفاظ بقدرتهما على التحكم بالانتخابات الرئاسية المقبلة، فرئيس الجمهورية يحرص على تمكين صهره من الوصول الى رئاسة الجمهورية بعد انتهاء ولايته”.

أضاف: “من جانب آخر، حزب الله يتلطى وراء رئيس الجمهورية لاستمرار إطباقه على القرار الحر للدولة اللبنانية. إن هذه الممارسة في تأليف الحكومات اللبنانية وفي الممارسة الحكومية قد أثبتت فشلها، إذ لم يعد بالإمكان تأليف حكومة تحظى بثقة اللبنانيين وتنفذ الإصلاحات وتستعيد ثقة المجتمعين العربي والدولي إذا لم تتغير هذه العقلية السائدة في استمرار التحاصص وتقاسم المناصب والمكتسبات من قبل الأحزاب على حساب الدولة واللبنانيين”.

وتابع: “الرئيس ماكرون تقدم بفكرة واضحة وهي حكومة من الاختصاصيين المستقلين غير الحزبيين. لكن للأسف، لا يزال عدد من الأحزاب الطائفية والمذهبية يصر على تقاسم الحصص في الحكومة بما يتناقض فعليا مع الفكرة الأساسية في تأليف الحكومة العتيدة. الحاجة ملحة لحكومة اختصاصيين مستقلين من أصحاب الخبرة والكفاءة يمكن لهم أن يقودوا لبنان الى بر الأمان بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة”.

وقال الرئيس السنيورة: “هناك خياران لا ثالث لهما، أمام رئيس الجمهورية والرئيس المكلف: إما ان تتألف الحكومة مع التنبه لهذه الحقيقة الملزمة للبنان فتتألف الحكومة بأعضائها وأهدافها يرضى عنها اللبنانيون ويثق بها المجتمعان العربي والدولي فيقدمان على أساسها المساعدة للبنان، وإما أن يكون الهدف إرضاء السياسيين الذين يطالبون بتقاسم الحصص الوزارية. إذا كان المطلوب أن ينصاع رئيس الحكومة المكلف لما يطالب به رئيس الجمهورية وعدد من ممثلي الأحزاب، عندها -وإن تألفت الحكومة- فسوف تولد ميتة ولن تتمكن من تقديم شيء للبنانيين. الوضع أصبح واضحا ولا نتيجة من استمرار تضييع الوقت والفرص وزيادة عذابات اللبنانيين”.

وردا على سؤال، قال: “إيران ترغب باستمرار إطباقها على الدولة اللبنانية من خلال الدور الذي يقوم به حزب الله، بهدف الاحتفاظ بلبنان وحكومته رهينة من أجل تعزيز شروطها وامكاناتها التفاوضية مع الولايات المتحدة الأميركية. والكثيرون يتخوفون من وضع لبنان على طاولة المفاوضات، فيكون مادة للتجاذب والتسويات وتقاسم المنافع والمصالح، بحيث تجري تلك المفاوضات على حسابه. لذلك، فإن الاهتمام الذي تبديه جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية لدعم لبنان، استنادا الى المبادرة الفرنسية، وإلى ما يريده ويطالب به اللبنانيون هدفه التأكيد على الحاجة لإنقاذ لبنان وإخراجه من الاطباق الذي يمارسه عليه حزب الله بدعم من الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وإذا استمرت هذه المعاندة والاستعصاء، فذلك سيؤدي إلى مزيد من الانهيار”.

وعن غياب مشهد الاحتجاجات في الشارع، قال الرئيس السنيورة: “الناس تعبت، انما علينا ألا ننسى تأثير وباء كورونا وتخوف اللبنانيين من التجمعات التي قد تفاقم من تفشي العدوى، إضافة الى شعورهم بأن التظاهرات بالشكل الذي كانت تتم فيه لن تؤدي الى النتيجة المطلوبة. إن تعبير اللبنانيين كان واضحا، ولا سيما موقف غبطة البطريرك الراعي الداعي الى الالتزام بالمبادرة الفرنسية”.

أضاف: “لقد حمل وزير الخارجية المصري رسالة من الرئيس السيسي إلى رئيس الجمهورية اللبنانية من أجل توضيح الصورة، ولتكون الأمور واضحة لدى الجميع بأن ما من حل الا من خلال العودة الى احترام الدستور ووثيقة الوفاق الوطني والعمل لاستكمال تطبيقها، وأيضا التأكيد على احترام الدولة اللبنانية لدورها ولصلاحيتها واستعادتها لسلطتها الكاملة على كامل الأراضي اللبنانية والتأكيد على احترام الشرعيتين العربية والدولية واحترام استقلالية القضاء. هذه هي المحددات السياسية التي ينبغي ان يتم الالتزام بها في عملية تأليف الحكومة العتيدة لكي يتمكن لبنان من الخروج من هذه المآزق والمخاطر”.

وختم: “إن الاستمرار في الاستعصاء ليس سوى مزيد من مضيعة الوقت والإضرار بلبنان واللبنانيين، وبالصيغة الفريدة التي يتمسك بها لبنان واللبنانيون ألا وهي صيغة العيش المشترك”.


Spread the love

صحيفة البيرق

اترك تعليقاً