الراعي: بحرمان لبنان من رئيس انكشفت النوايا بنتائج الفراغ
رأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس أحد تذكار الموتى في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، والقى عظة مما قال فيها: “لقد اعتبرنا منذ بداية حرب إسرئيل على غزّة بالشكّل الوحشيّ الذي رأيناه ونراه، إنّها حرب إبادةٍ للشعب الفلسطينيّ، وتصفيةٍ لقضيّتهم. وأدنّاها تكرارًا. ودعونا إلى التقيّيد بالقرار 1701 من الجانبين الإسرائيلي واللبنانيّ، حمايةً لبلدات الجنوب الحدوديّة من القصف والقتل والتهجير والتدمير.
وإنّا لم نتوقّف يومًا عن المطالبة بوقف النار نهائيًّا والذهاب إلى التفاوض والحلول السياسيّة والديبلوماسيّة بهدف تثبيت حلّ الدولتين. ربّما لا يتذكّر الجميع أو لا يعرفون أنّ قرار إنشاء دولة خاصّة بالفلسطينيّين إلى جانب دولة إسرائيل يرقى إلى القرار 181 الصادر عن جمعيّة الأمم المتّحدة العامّة في 29 تشرين الثاني 1947. وقد قسم هذا القرار فلسطين إلى دولتين: دولة عبريّة ودولة عربيّة، ورسم حدود كلّ من هاتين الدولتين. واعتبر القرار مدينة القدس مع عشرات الكيلومترات “جسمًا منفصلًا” (corpus separarum)، خاضعًا لنظام دوليّ برعاية الأمم المتّحدة. وسارعت دولة إسرائيل إلى إقرارها عضوًا في منظّمة الأمم المتّحدة.
ولكن بالمقابل لم تتكوّن الدولة الخاصّة بالفلسطينيّين حتى يومنا هذا. غير أنّ المساعي الدوليّة تطالب بإنشائها في ما يُعرف “بحلّ الدولتين”. والكلّ يعلم أنّه شرط أساسيّ لإنهاء الحرب الدائرة على أرض فلسطين. هنا ينتظر من لبنان أن يقوم بدور الوسيط سياسيًّا وديبلوماسيًّا وفقًا لرسالته. فلا يستطيع القيام بهذا الواجب طالما أنّه محروم من رئيس للدولة، وأنّه فقد الحياد بإقحامه في حروب ونزاعات إقليميّة لا يريدها.
بحرمان لبنان من رئيس انكشفت النوايا من خلال نتائج الفراغ: كتحويل لبنان في الممارسة من دولة تفصل الدين عن الدولة إلى دولة دينيّة طائفيّة مذهبيّة، كما نشهد في التعيينات عامّة والقضائيّة خاصّة، حيث أصحاب السلطة يتجاوزونها ويتدخّلون سياسيًّا، ويلغون فصل السلطات خلافًا للدستور، ويعطّلون مسيرة القضاء. فنقول لهم: إرفعوا أيديكم عن القضاء، لكي تسلم العدالة التي هي أساس الملك.