فياض يكشف عن عرقلة سياسية مستمرّة في قطاع الطاقة: أزمة انقطاع الكهرباء «سياسية وكيدية»
اعتبر وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الاعمال وليد فياض، ان ما يهمه ليس موضوع «سوناطراك» بل الدولة الجزائرية التي قررت من خلال هبة الفيول فتح مسار جديد لعلاقة تجارية تضاف إلى العلاقة السياسية بين البلدين، مضيفاً «أعول على هذه العلاقة لاستيراد الغاز من الجزائر بعدما فشلت المساعي مع قطر». ووضف فياض البلاد بـ»الزريبة»، موضحاً في حديث إلى «اندبندنت عربية» أن «المحاسبة تطاول الأوادم أما الزعران فيسرحون ويمرحون». ورأى أن «كل شيء موثق بوقائع ومستندات كبيرة وكل ما يحكى بالإعلام لا علاقة له بالواقع». وأسقط فياض «كل الاتهامات الموجهة ضده التي تحمله مسؤولية استمرار نقص الفيول المطلوب لتشغيل المعامل، إذ نفى أن يكون مدعوماً أو ممثلاً لـ»التيار الوطني الحر» في الحكومة وهو الفريق الذي تسلم حقيبة الطاقة منذ عام 2009 حتى اليوم وكان الوزير جبران باسيل أول من أطلق وعده الشهير بتأمين الكهرباء «24 على 24». وعاد فياض إلى المحطات الأساس التي رافقت خطة الطوارئ التي وضعها فور تسلمه الوزارة في حزيران 2022، ويتحدث عمن يصفهم بأبطال معارضة خطته ونسفها أو تأخيرها من قوى خارجية وداخلية مسيطرة على القرار. وتتصدر لائحة فياض للمعطلين إدارة الخزانة الأميركية والبنك الدولي بعدما عزفا عن تمويل وتنفيذ مشروع الغاز المصري والكهرباء الأردنية، مما أدى إلى حرمان لبنان من 600 ميغاواط أي ما يعادل ست ساعات تغذية. وكشف عن أن البنك الدولي رفض دفع الأموال بحجة أن موقف لبنان العام لا يتماشى مع الرغبة الغربية.بحسب فياض، فإن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يأتي في المرتبة الثانية في نسف خطة الطوارئ عندما رفض في تشرين الثاني 2022 الموافقة على مرسوم قبول هبة 600 ألف طن من الفيول الإيراني مقابل 300 مليون دولار، مما أسهم في منع زيادة التغذية لست ساعات لفترة ستة أشهر. وتابع مذكراً بقرار وزير المال يوسف الخليل، المحسوب على رئيس مجلس النواب نبيه بري، إيقاف فتح الاعتمادات في كانون الأول 2022 لبواخر الفيول التابعة لشركة «فيتول» على رغم أنها كانت ملزمة من وزارة الطاقة بموجب سلفة الخزانة بـ300 مليون دولار وحائزة موافقة استثنائية من رئيس الحكومة الذي عاد لاحقاً ورفض فتح الاعتماد بحجة اشتراط نواب لجنة الطاقة انعقاد جلسة لمجلس الوزراء، التي كانت متعثرة في ظل الفراغ الرئاسي، وأدى ذلك إلى تأخير الحصول على 200 ميغاواط تغذية إضافية لفترة ثلاثة أشهر. وإلى قائمة المعطلين – وفق فياض – ينضم مصرف لبنان الذي رفض في أيار 2023 فتح اعتمادات بـ50 مليون دولار لباخرتين محملتين بالفيول، على رغم أنها مغطاة من رصيد الـ102 مليون دولار المتبقي من سلفة الخزانة المعطاة عام 2022 من الحكومة. ويؤكد أن وزارة الطاقة اضطرت إلى إلغاء العقد من دون إلحاق أي ضرر مالي على الدولة، لكن البلد حرم من زيادة التغذية بقدر 200 ميغاواط لمدة ثلاثة أشهر. ويحمل فياض «مصرف لبنان مسؤولية رفض إعطاء مؤسسة كهرباء لبنان حق تسعير فواتير الكهرباء منذ حزيران 2023 حتى أيار الماضي على أساس سعر الصرف للدولار، كما ينص قانون النقد والتسليف، مما أدى إلى تأخير إصدار الفواتير بالدولار والليرة لنحو عام وخسارة نحو نصف مليار دولار التي كان يمكن أن تحصلها الشركة لقاء استهلاك الكهرباء من العملاء من دون فوترة وجباية، مما أخر قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على الاستثمار في شراء الفيول لزيادة التغذية». في تموز 2023 كان لبنان على وشك الغرق في العتمة، لولا تدخل الحكومة العراقية التي زودته بالنفط بعد نفاد الوقود في معمل دير عمار والتحذيرات من انطفاء معمل الزهراني. وتفرض صفقة التبادل النفطي الموقعة مع العراق عام 2021، أن تزود بغداد بيروت بالوقود، مقابل تحويل مبالغ مالية في حساب خاص بالعراق في مصرف لبنان لتمويل خدمات عكسية. وهذا الاتفاق وافق عليه مجلس النواب اللبناني، إلا أن المشكلة تكمن في تجديده من دون موافقته ورفع كمية الوقود المستوردة مما زاد الكلف إلى نحو 700 مليون دولار. وأعلن مصرف لبنان توقفه عن سداد ثمن شحنات الوقود العراقي من الاحتياط الإلزامي من العملات الأجنبية من دون قانون صادر عن مجلس النواب، بسبب عدم وجود رصيد لوزارة الطاقة. أما فياض الذي كان رفع التسعيرة لتأمين أموال الفيول الإضافي فيتهم حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري برفض تسديد المستحقات الشهرية لمصلحة حساب العراق، على رغم قرار صادر من مجلس الوزراء ووجود مرسوم رقم 10960 لمشروع قانون لهذا الغرض في البرلمان. ونفى فياض أن يكون العراق قرر وقف إرسال الفيول عندما عمد إلى شراء كميات إضافية من شركات أخرى، ويشرح أنه عندما بدأت تتراكم الأموال المحصلة من الجباية في نيسان الماضي، وبات المبلغ الذي يدخل الخزانة أكثر من 20 مليون دولار بدأ بالتفكير في إجراء مناقصة لتأمين كمية من الفيول الإضافي لتأمين ساعات تغذية إضافية وهذا ما حصل، لكن المعارضة الأولى أتت من داخل مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان على خلفية رفض استخدام هذه الأموال لشراء فيول بدلاً من استخدامها لتشغيل معملي الذوق والجية، الذي كان يحتاج إلى حجز مسبق لـ35 مليون دولار. وأكد فياض، أنه «طرح تأمين الفيول منذ أيار الماضي أي قبل أشهر من وقوع المشكلة، وأطلق المناقصة في حزيران الماضي لربح الوقت مع هيئة الشراء العامة واقترح فكرة التلزيم الموقت لمدة 10 أيام قبل التلزيم النهائي». وإذ نفى أن تكون وزيرة الطاقة السابقة ندى البستاني وراء العرقلة داخل مؤسسة كهرباء لبنان واصفاً هذا الكلام بـ»السخيف»، وشرح في الوقت نفسه أنه بعد فترة اقتنع مجلس الإدارة وفتح اعتماداً لشحنة الفيول بـ25 مليون دولار. ورست المناقصة على الشركة التي قدمت السعر الأفضل، لكن بدأت بعد ذلك حملة إعلامية تتهمنا باستخدام الأموال المخصصة للفيول العراقي لشراء فيول إضافي، علماً أن بغداد تدرك أن خطة الكهرباء تشمل شراء فيول إضافي. ويشار هنا إلى أن الفيول العراقي يدفع ثمنه بالليرة مقابل خدمات طبية مقدمة لبغداد على الأراضي اللبنانية. وكشف فياض عن «تدخل مقصود لرئيس الحكومة في تموز الماضي برفض شحنة الـ «spot cargo» بسعة 30 ألف طن، إذ اعترض ميقاتي على دفع 25 مليون دولار من أموال جباية كهرباء لبنان، وذلك بعد أن كانت وزارة الطاقة أجرت المناقصة والتلزيم الموقت بحسب قانون الشراء العام ليعود منذ أسابيع عن قراره ويصدر قراراً في الـ14 من آب الجاري، مناقضاً للأول لتنويع مصادر الطاقة وزيادة 600 ميغاواط تغذية لفترة تراوح ما بين 10 و15 يوماً ريثما تصل شحنتا الغاز «أويل» بمبادلة شحنة آب الجاري للفيول العراقي». وأكد فياض أن العراق يدرك أن المشكلة التي حصلت مرتبطة بموضوع إجرائي إداري مسؤول عنه مجلس النواب اللبناني الذي عليه دراسة المرسوم المرسل من الحكومة لتغطية اتفاق التبادل مع بغداد، الذي بموجبه يستطيع مصرف لبنان دفع الأموال، مشيراً إلى أن حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري سبق ودفع 118 مليون دولار من دون أي غطاء قانوني، مما يطرح سؤالاً عن سبب قرار عدم الدفع بحجة غياب القانون وهل التوقف سياسياً أم بعد إدراكه خطأه في المرة الأولى؟ وهنا يجيب وزير الطاقة «أنا أقول توقف عن الدفع لسبب سياسي… يجب أن تعلموا على من هو محسوب منصوري».