حسن فضل الله رد على الاتهامات بشأن مرفأ بيروت وطالب بإجراءات قانوينة في حق “مروجي هذه الأكاذيب”: لتطبق الحكومة التزاماتها وجاهزون للحوار حول الاستراتيجية

عقد النائب حسن فضل الله مؤتمرا صحافيا في مجلس النواب، كشف فيه أنه “منذ وقف اطلاق النار سقط 186 شهيدا و480 جريحا، وأن الأولوية الوطنية اليوم هي لوقف الاعتداءات الاسرائيلية ولتحرير الأرض وهذا يجب أن يكون بندا دائما على جدول أعمال الحكومة”، معلنا “الاستعداد للحوار حول الاستراتيجية الدفاعية”.
وقال :” منذ الاعلان عن بدء سريان وقف اطلاق النار، ورغم التزام لبنان بشكل كامل به، فإن جيش الاحتلال الاسرائيلي يواصل خروقه الدموية من خلال استهداف المواطنين الآمنين في بيوتهم وسياراتهم وحقولهم، ومن 28/11/2024 حتَّى 7/4/2025) أدَّت هذه الاعتداءات إلى استشهاد 186 مواطنا لبنانيا وجرح 480 آخرين بينهم أطفال ونساء جميعهم قتلوا أو جرحوا وهم في وضعية مدنية ولم يكن أي منهم في وضعية عسكرية أو ضمن حالة قتالية، وهذا يعني أن جيش الاحتلال ارتكب جرائم حرب ضدَّ مدنيين عزل، أمام مرأى لجنة مراقبة وقف النار، والأمم المتحدة والدولة اللبنانية”.
وتابع :”فضلا عن هذه الجرائم ضدَّ المواطنين اللبنانيين، فإنَّ جيش الاحتلال عمد إلى تجريف القرى حجرا وشجرا وبنى تحتية، ويستمر في احتلال مساحات من الأرض اللبنانية، وكل حبَّة تراب من أرضنا مقدَّسة ومجبولة بدماء الشهداء، ويجب أن يتم تحريرها، وأيضا يحتجز العدو حرية عدد من اللبنانيين بينهم من خطفهم بعد وقف اطلاق النار، وهذا كله يشكل عدوانا على لبنان ويتطلب تصديا لبنانيا على مختلف الصعد، بما في ذلك تجريم ممارسات العدو في المحافل القانونية الدولية”.
وأضاف:”إن الحكومة اللبنانية هي المسؤولة اليوم عن القيام بكل جهد رسمي لوضع حد لهذه الاعتداءات، وهي المطالبة بتطبيق التزاماتها في بيانها الوزاري لجهة اتخاذ الاجراءات كافة لتحرير الأرض اللبنانية، وبمصارحة اللبنانيين بالخطوات التي تقوم بها ومخاطبة عوائل الشهداء المظلومين حول الاجراءات التي اتخذتها تجاه هذه الدماء العزيزة والكريمة وهي دماء لا يمكن أن نتساهل حيالها، ولكن المسؤولية ملقاة الآن على عاتق الدولة، فهذه دماء لبنانية تسفك على أرض لبنانية من قبل عدو للبنان”.
وقال:”إن بنداأساسيا ودائما يجب ان يكون على جدول أعمال الحكومة، وهو كيفية وقف استباحة سيادة البلد المؤتمنة عليه دستوريا، وحماية أرواح مواطنيها، ونشر جيشها حتى آخر حبة تراب من أرض الجنوب، وإعادة إعمار ما هدمه العدو ويهدمه. وهذه هي الأولوية الوطنية والقضية المركزية التي يجب على الحكومة أن تتبناها وتعمل على معالجتها”.
وأضاف:” إن المقاومة التي منعت العدو خلال ستين يوما من الحرب البريَّة من تحقيق أهدافه في إحتلال جنوب الليطاني، وتدمير قراه بفضل صمود أبطالها وعظيم تضحياتهم، قبلت بعد وقف النار أن تكون الدولة اللبنانية حصرا مسؤولة عن جنوب الليطاني، ولكن منذ ذلك التاريخ، وهذه المنطقة وبقية المناطق المستهدفة عرضة للاعتداءات الاسرائيلية والمواطنون يعانون جرَّاء هذه الاعتداءات، ويطالبون دولتهم بأن تأخذ دورها الفعلي، وتشعرهم بأنَّها دولة قادرة على توفير الحماية والرعاية لهم، وإلى الآن للأسف لم يجدوا هذه الدولة على قدر آمالهم وتطلعاتهم، وللعلم هذا مطلب تاريخي لأهل الجنوب منذ العام 1948، بأن تكون لهم دولة الحماية والرعاية، وكلما تأخرت في القيام بمسؤولياتها كلما ازدادت الهوَّة بينها وبين شعبها، وهو ما دفع هذا الشعب إلى خيارات أخرى هي في صلب حقوقه الوطنية والانسانية، وتاريخيا نشأت المقاومة في لبنان قبل ولادة “حزب الله” بسبب تخلي الدولة عن مسؤولياتها تجاه الجنوب”.
وأكد “إنَّ النقاش الجدِّي والفعلي يجب أن يركز على الوقائع والحقائق المرتبطة بالاعتداءات الاسرائيلية وسبل مواجهتها وكيفية تحرير الأرض، والدفاع عن الشعب وحماية السيادة، فهذه هي القضية الوطنية، ومن خلال كيفية مقاربتها يقاس الانتماء الحقيقي للبنان ومدى الحرص عليه وعلى سلامته ومنعته”.
وقال :” إن المخاطر المحدقة ببلدنا، خصوصا في ظل ما تشهده المنطقة من حرب إبادة في غزة، واحتلال وتدمير في سوريا، ومحاولات تقسيم دول المنطقة والهيمنة عليها، تتطلب أعلى درجات تحمل المسؤولية الوطنية، والعمل على استجماع عناصر القوَّة والاستفادة منها في اطار استراتيجية دفاع وطني يتم التوافق عليها في حوار بين الحرصاء على مستقبل بلدهم، ولذلك كنا دائما في طليعة الذين يلبون دعوات الحوار حول هذه الاستراتيجية، وشاركنا في كل الحوارات السابقة، وقدمنا وجهة نظرنا المبنية على التجربة وعلى تشخيص المصلحة الوطنية”.
وتابع :”في الوقت الذي نجد أنفسنا غير معنيين بالتسريبات والتحليلات وما ينقل من معطيات ومواقف غير صحيحة، ومصدر من هنا ومصدر من هناك، فإنَّ موقفنا واضح وصريح ونعبِّر عنه علانية، بأن مشكلة لبنان هي الاحتلال الإسرائيلي والاعتداء على سيادتنا، وهذ يحتاج إلى تضافر جهود المخلصين لمعالجتها، وأبدينا كل استعداد للحوار من اجل الاتفاق على استراتيجية دفاع وطني لحماية السيادة، ونلاقي كل الدعوات الحريصة والصادقة في هذا المجال بيد ممدودة وعقل منفتح، ومن اولوياتنا الحفاظ على لبنان محررا ومحميا وقويا، وحماية انجازات مقاومته، وأن تكون لنا دولة قادرة وعادلة تحتكم إلى الدستور والقانون، وننجز فيها اصلاحات حقيقية بما يفيد البلد، وألا يكون قرارها مرتهنا لأي جهة خارجية، وألا يسمح فيها لسفارة أجنبية، أو لموظفة أميركية بالتدخل في تفاصيل عمل وزاراتها ومؤسساتها، دولة نرفض كل محاولات المس بوحدة أراضيها وسلمها الأهلي وعيشها الواحد”.
أضاف :”في مقابل هذه الثوابت الوطنية نجد من يعمل على ضرب الأسس التي يقوم عليها لبنان كبلد للتنوع والشراكة، ولا يتوانى عن استهداف وحدة مؤسسات الدَّولة بما في ذلك مجلس الوزراء، وشن الحملات على رئيس الجمهورية وكل من يدعو إلى الحوار والتلاقي بين اللبنانيين، لأنَّ هناك من يريد أن يأخذ البلد إلى الصدام والفوضى والحروب الداخليّة، وتلبية مطالب العدو بسلب قدرات لبنان، استجابة لأمر عمليات خارجي، وليس لأي مصلحة وطنية لبنانية وأصحاب هذه الحملات لا يريدون التعلم من تجارب الماضي بعد خمسين سنة على الحرب الأهلية ونحن في الذكرى الخمسين ل 13 نيسان 1975 عندما زج هذا الخطاب البلد في أتون هذه الحرب، وتركت ويلاتها ومآسيها على كل الشعب اللبناني، وللعلم “حزب الله” وسلاحه لم يكونا موجودين حينها.ومعروف سلاح من كان ومن هي القوى التي شاركت في الحرب”.
واردف فضل الله :” بدل أن يتم التركيز على ما يرتكبه العدو ضدَّ بلدنا وملاقاة الحرصاء على حماية سيادته، نجد من يصر في الداخل على خوض حرب كلامية ضدَّ كل الانجازات التي حققتها المقاومة وضدَّ تضحيات جمهورها وفصائلها المتنوِّعة، والتصويب على تجربة فريدة في لبنان أثمرت تحريرا للأرض وحماية لها على مدى أربعين عاما، وكأن هناك من يريد أن ينتقم لهزيمة المشروع الإسرائيلي عام 1982 من خلال هذه الحملة على المقاومة وتاريخها وانجازاتها، ووجد هؤلاء فرصتهم السانحة لمحاولة الانتقاص من كل هذه التضحيات، ومن تاريخ المقاومة المشرِّف وشهدائها العظام الذين كان يقول عنهم الامام السيد موسى الصدر هم شرف لبنان وعز لبنان ومجد لبنان. ولا هدف لهذه الحرب الكلامية سوى ملاقاة الحرب العسكرية الاسرائيلية، ظنا من أصحابها أنهم يستطيعون تحقيق ما عجز عنه العدو في الميدان، ولكنَّ هؤلاء لن يصلوا إلى أي نتيجة سوى استثارة العصبيات والغرائز وتسميم المناخ الداخلي وجعل الاحتلال يستفيد من أصواتهم لإظهار وجود انقسام داخلي حول كيفية مواجهة اسرائيل وأطماعها في لبنان، ولتحييد المشكلة الأساسية وهي الاحتلال واستباحة هذا الدم وايجاد مشكلة أخرى وكأنها السبب وليست نتيجة العدوان”.
ولفت فضل الله الى “ان كل هذا الضجيج الداخلي من بعض الجهات المعروفة والاعلام المعروف لتشتيت الأذهان، يترافق مع حملة اسرائيلية تضليلية كما رأينا في مرفأ بيروت، وإن كنا لسنا في حاجة إلى النفي ولكن من باب تأكيد المؤكد، فإننا ننفي جملة وتفصيلا الادعاءات حول تهريب السلاح عبر المرفأ، والدولة أكدت هذا الأمر وتستطيع أن تتأكد، وندعوالقضاء المختص وهذه مسؤوليته إلى اتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة ضدَّ من يروج لمثل هذه الأكاذيب ويستطيع أن يتحرك عفوا، أي من تلقاء نفسه كما ندعوه إلى التحرك الفوري وفق ما ينص عليه القانون ضدَّ كل من يحرِّض العدو ضدَّ الشعب اللبناني أو يثير النعرات الطائفية ويهدد السلم الأهلي”.
وجدد النائب فضل الله التأكيد “أننا من موقعنا النيابي والحكومي والشعبي، نسعى لأن تكون لنا دولة في لبنان ونحن جزء أساسي منها نعمل تحت سقف دستورها وقوانينها من أجل أن تنهض وأن نبنيها جميعا على قواعد وطنية سليمة”.
وردا على سؤال، قال:” موقف “حزب الله” واحد حيال مقاربة ملف السلاح والاستراتيجية الدفاعية. والأولوية اليوم هي لوقف الاعتداءات وتحرير الأرض وجاهزون لأي حوار حول الاستراتيجية الدفاعية، وموقفنا نعبر عنه على لسان المسؤولين أو في بيان رسمي وليس لدينا مصادر ، وهذا الموقف سبق وأعلنه الأمين العام الشهيد السيد حسن نصر الله، وهو ما أكد عليه الأمين العام الشيخ نعيم قاسم في تشييع الشهيدين القائدين العزيزين السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين، بشأن الاستراتيجية الدفاعية، وتواصلنا قائم ومستمر مع رئيس الجمهورية، وعندما يحدد شكل الحوار وطريقته نشارك كما شاركنا في كل الحوارات السابقة”.