قراءة في نتائج انتخابات بلدية بيروت بقلم: سمير الحاج

قراءة في نتائج انتخابات بلدية بيروت بقلم: سمير الحاج

ما حدث في بيروت ليس مجرد استحقاق بلدي عابر، بل محطة سياسية بامتياز، رسمت ملامح ما هو آتٍ، وأعادت خلط الأوراق في مشهد طالما ظنه البعض مُحكم السيطرة. لقد أثبتت نتائج الانتخابات البلدية أن الرأي العام لا يُشترى، وأن المدينة، رغم كل محاولات الإخضاع، لا تزال تملك صوتًا حرًّا قادرًا على قول “لا”.

كيف اجتمع المتخاصمون، من أحزاب سياسية ودينية، على اختلافهم الظاهري، في تحالف انتخابي هدفه الوحيد مصادرة قرار بيروت؟
هل باتت الانتخابات البلدية تمرينًا مبكرًا على ما يُحضَّر للانتخابات النيابية المقبلة؟
أين ذهبت شعارات “التنمية المحلية” إذا كان عنوان المعركة هو الهيمنة، لا النهوض؟

الرسالة البيروتية كانت بالغة الوضوح: الناس ضاقت ذرعًا بالتحالفات الهجينة، التي لا تجمعها سوى المصلحة، ولا يربطها بالناس سوى الخطاب الشعبوي والتجييش الممنهج. لقد جاء فوز الدكتور محمود الجمل ليؤكّد أن الخيار الشعبي حين يكون حرًّا، يُسقط كل الحسابات الفوقية، ويعيد تشكيل المشهد على قاعدة جديدة: من يُمثّل الناس هو من يُشبههم، لا من يُفرَض عليهم.

هذا الانتصار لا يخصّ بيروت وحدها، بل هو بارقة أمل لكل البيئات المهمّشة والمقهورة، التي ترفض أن تكون سلعة تُدار في بازار السياسة. إنها صفعة لتحالف المصالح، وإنذار مبكر لمن يظنّ أن الانتخابات المقبلة ستكون نزهة على هامش الوجع الشعبي.

بيروت قالت كلمتها.

Spread the love

adel karroum