الوصفة السحرية التي اعتمدها العاهل المغربي لترسيخ نفوذ بلاده في القارة الإفريقية ، و بفضلها اصبح المغرب رقما صعبا .

بقلم: الصحافي حسن الخباز
في تحقيق شامل وكامل خصصته للحديث عن قوة المغرب ونفوذه في إفريقيا ، ذكرت المجلة الشهيرة جون أفريك اسباب نجاح الملك محمد السادس في استعمال الدين للتعمق في ثغور إفريقيا وليصبح المغرب قوة أساسية في قلب القارة السمراء .
وجاء في التحقيق المذكور أن إصلاحات محمد السادس وتحديثه للمؤسسات فضلا عن ترسيخ الطرق الصوفية ، تمكن أمير المؤمنين من تحويل الدين لاداة ديبلوماسية حقيقية .
واضافت جون أفريك انه بفضل سياسته الحكيمة حقق استراتيجية دقيقة بين الإيمان والسياسية والقوة الناعمة الإفريقية ، لكون الدين بالمغرب لا يعد فقط مسألة روحية ، إنما ايضا اداة استراتيجية عمل الملك منذ اعتلائه العرش على الاستفادة منها كرافعة أساسية للنفوذ والقوة الناعمة بإفريقيا على وجه خاص .
إنه عمل صعب – تضيف المجلة الإفريقية ، وقد تأتى بفضل تاريخ طويل من المجهودات الجبارة والعمل المتواصل للعاهل المغربي ، لذلك فهو الآن يجني ثمرة ذلك بتصنيف بلده ضمن افضل عشرين دولة من حيث الاداء .
جدير بالذكر ان العلاقة الروحية بين المغرب وقارته انطلقت من بداية رحلات المستكشف المغربي الشهير ابن بطوطة والذي كان يزور إفريقيا في إطار جولاته الاستكشافية ، ولا يمكن إغفال اهمية توقف الافارقة خلال فترة راحة بالعاصمة العلمية للمملكة وتاديتهم الصلاة في الزاوية التيجانية .
وقد عمل امير المؤمنين على ترسيخ هذه العلاقة وتمتينها اكثر فأكثر عن طريق “الإسلام المغربي” المنظم والمؤطر والمصدر كمورد سياسي في حد ذاته لتكريس النفوذ المغربي على المستوى الإقليمي .
تحقيق شيق يرصد القوة التي فرضها المغرب بنعومة واصبحت كلمته مسموعة بفضلها وصار ذا تأثير قوي ورقم صعب في القارة برمتها ، وهو إنجاز يحسب للملك محمد السادس الذي تربطه علاقات قوية ومتينة بحكام القارة خاصة وباقي قادة العالم على وجه العموم .
ويهدف امير المؤمنين من خلال استراتيجيته طويلة الامد هذه ليضمن استقرار بلاده وليواجه في نفس الوقت الإنحرافات المتطرفة التي يمكن ان تأتي من المحيط الإقليمي على وجه التحديد كما اوردت مجلة جون أفريك .
وفي هذا السياق ، استشهدت االمجلة بقول الملك في خطابه أمام علماء المغرب يوم 30 أبريل 2004: . حيث قال بالحرف : “نحن اليوم في طور استكمال وتنفيذ استراتيجية متكاملة، شاملة ومتعددة الأبعاد لحماية المغرب من نزعات التطرف والإرهاب”.
وقد كانت تلك الكلمات بمثابة خارطة طريق ، تَحدَّد توجّه المملكة الشريفة في مواجهة التهديدات الأيديولوجية، ومراهنة قائدها على إسلام معتدل، متجذر في المذهب المالكي، والعقيدة الأشعرية، والتصوف السني. وهي مدارس مألوفة لجزء كبير من غرب إفريقيا، حيث تمارس منذ زمن بعيد. وهكذا، يتقاسم المغرب مع العديد من البلدان الإفريقية جنوب الصحراء “تراثاً عقدياً يشكل عاملاً قوياً في التقارب بين شعوب المغرب وشعوب جنوب الصحراء”، بحسب ما يؤكد نفس الأكاديمي المذكور سابقاً.
وقد جاء في نفس التحقيق ان الملك المغربي اسس عام 2006 الرابطة المحمدية للعلماء لتكون مركز تفكير ديني ينتج فهما عقلانيا للإسلام ، وقد تخرج منها العشرات من الطلبة الافارقة ، تعلموا اصول الدين المعتدل المتسامح قادرين على مواجهة التطرف والتشدد دون المساس بسيادة الدول الشريكة كما اكد الدكتور احمد العراقي لجون افريك .
ولعل اقوى قوة ناعمة استغلها العاهل المغربي هي مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، والتي تستقبل علماء دين من القارة بأكملها، وتنسج علاقات دائمة مع النخب الدينية المحلية، وتنظم حوارات عابرة للحدود حول إسلام ملائم للسياقات المحلية. “هذه الدبلوماسية تخلق بيئة مواتية للاستثمار على المدى الطويل”